تواصل التقارير الإعلامية المتفائلة عن “تقدم مداولات الدوحة”، وتقول مصادر إسرائيلية إنها موجودة اليوم في النقطة الأقرب من الصفقة، وإن الضغط الأمريكي يلعب دورا في ذلك، وسط تباين التقديرات عن احتمالات إتمامها قبل دخول الرئيس ترامب البيت الأبيض بعد أسبوع.
وربما يعبّر رسم كاريكاتير في صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية اليوم الإثنين، عما يحصل وراء الكواليس، ويفسّر هذا “التقدّم”. إذ يبدو نتنياهو في الرسم مقابل قيادي حمساوي حول طاولة مفاوضات وبينهما رأس ترامب مفخّخ كقنبلة موقوتة.
وتفيد تسريبات إسرائيلية أن ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط، الذي وصل على متن طائرته الخاصة من الدوحة لتل أبيب، وعاد إلى قطر بعد ساعات، قد أبلغ نتنياهو برسالة ترامب الصارمة، بأنه يريد إنهاء ملف الحرب وتبادل الأسرى.
وبعد ذلك بادر نتنياهو للقاء الوزيرين المتشددين إيتمار بن غفير الذي عارض في الماضي كل صفقة مع حماس، وبتسلئيل سموتريتش الذي لم يعارض الصفقة الأخيرة، لكنه أعلن معارضته للصفقة المطروحة الآن، وقال اليوم في تغريدة إن الصفقة التي تتبلور هي كارثة للأمن القومي الإسرائيلي، ولن نكون جزءا من صفقة استسلام تتضمن الإفراج عن عن قتلة كبار، وتتضّمن وقف الحرب وتدمير إنجازات تم تحقيقها بالكثير من الدماء، والتخلي عن العديد من الرهائن، وفق تعبيره.
وتابع سموتريتش: “هذا هو الوقت المناسب لمواصلة احتلال وتطهير القطاع بأكمله بكل قوتنا، وسلب حماس سيطرتها على المساعدات الإنسانية، وفتح أبواب الجحيم على غزة حتى تستسلم حماس بالكامل ويعود جميع الرهائن”.
وهذا ما سيقوله بن غفير خاصة أن حساب مزاودة مفتوح دوما بينه وبين سموتريتش، كونهما يتنافسان انتخابيا على ذات الجمهور اليميني، بيد أنهما لا يغادران الائتلاف الحكومي بسبب صفقة مع حماس رغم لغتهما العالية فليس سهلا التنازل اليوم عن مقعديهما الوثيرين وعن تأثيرهما الواسع، وعن احتمالات صب ترامب الماء على طاحونة الاستيطان والتطبيع، وربما تأييد مهاجمة إيران.
ولذا من غير المستبعد جدا أن يبقى سموتريتش وبن غفير داخل الائتلاف الحكومي رغم توقيع صفقة يعتبرانها كارثية، ومثلما أنه من غير المستبعد أن يشاركا بذلك في لعبة تقاسم أدوار مع نتنياهو كي يبدو الأخير عرضة للضغوط الداخلية، مقابل الإدارة الأمريكية الجديدة لتخفيف ضغوط خارجية محتملة عليه، وللفوز بأطماع أكبر مقابل الصفقة مع حماس منها تأييد ضمّ بعض مساحات المنطقة ج في الضفة الغربية واستكمال اتفاقات أبراهام مع السعودية، وربما مشاركة أمريكية مباشرة في مهاجمة المفاعلات النووية الإيرانية.
إسرائيل تسلمت مسودة اتفاق
قالت وسائل إعلام عبرية، إن الرئيس الأمريكي جو بايدن في اللية الفائتة، تحدث مع نتنياهو عن ضرورة وقف الحرب فورا وإتمام صفقة.
وفي الساعات الأخيرة زعمت إن نتنياهو قال لبن غفير وسموتريتش إنه لابد من التعامل بحذر مع الرئيس ترامب، وإن هناك فرصة لاحقا لتحقيق مكاسب كبرى، لكن لابد من إتمام صفقة في البداية.
بالتزامن، تنقل صحيفة “يديعوت أحرونوت” اليوم نقلا عن مصدر دبلوماسي قوله إنه يمكن التوصل لاتفاق خلال أيام، منوهة أنه فيما يستعد الطاقم المفاوض العودة بنتائج من الدوحة في إسرائيل يستعدون لشق طريق ممكن قبل دخول ترامب للبيت الأبيض، لكننا لم نصل هذه النقطة ونجاح الصفقة منوطة بـ”حماس”.
وطبقا للإذاعة العبرية العامة، واستنادا لمصادر فلسطينية وإسرائيلية، يدور الحديث عن صفقة شاملة متدرجة تشمل وقفا للنار لفترات متباعدة، 42 يوما بين كل مرحلة، وتشمل الإفراج عن نحو 30 من الرهائن الإسرائيليين مقابل نحو 1500 من الأسرى الفلسطينيين، من بينهم مئات من ذوي المحكوميات العالية.
وتفيد الإذاعة العبرية العامة اليوم الإثنين، أن الاحتلال سينسحب في المرحلة الأولى من المراكز السكنية في كل القطاع، وأن الغزيين سيعودون لشمال القطاع، وأن هناك خلافا حول “جهاز فحص” لهؤلاء العائدين.
وتنّبه الإذاعة العبرية العامة إلى أن الصيغة المتداولة اليوم شبيهة جدا بصيغة طرحها نتنياهو، وأعلنها الرئيس بايدن في السابع والعشرين من مايو/ أيار 2024. كما تفيد أن إسرائيل توافق على وقف الحرب لاحقا لكنها تبدي عنادا على ضرورة الإبقاء على بعض الأسرى الفلسطينيين البارزين داخل الأسر، وأن هناك مفاوضات جارية حول إعادة بناء القطاع، حيث توافق إسرائيل على بقاء حماس جزءا من حكم جديد في القطاع بالمشاركة مع السلطة الفلسطينية، غير أن الرئيس عباس (وبعض الدول العربية) يعارضون مشاركة حماس في حكومة مشتركة بالقطاع قبل نزع سلاحها بالكامل.
في هذا المضمار، قال محرر شؤون الشرق الأوسط في صحيفة “هآرتس” دكتور تسيفي بار إيل اليوم تحت عنوان: “شريك في الانتظار” إن السلطة الفلسطينية المعترف بها عالميا ومصنفة إسرائيليا كإرهابية، لابد أن تكون بديلا لحماس أو شريكة معها في حكم مشترك جديد في القطاع.
ورغم النفي الإسرائيلي الرسمي لما قالته وكالة رويترز ووكالات دولية ووسائل إعلام عربية أخرى ظهر اليوم، أكدت الإذاعة العبرية العامة أن هناك اتفاقا مع حماس وأن إسرائيل تسلّمت من الحركة مسودة بأسماء الرهائن الإسرائيليين الأحياء.