من رعب إلى رعب، نزح مئات آلاف الفلسطينيين من شمال قطاع غزة إلى جنوبه، ليصدمهم واقع عدم وجود ممرات “آمنة”، ليكتشفوا أن نزوحهم ما هو إلا انتقال لتشريد أو موت لكن بصفتهم “نازحين” على ممرات أعلنتها إسرائيل “آمنة” لتشجيع النزوح.
انتصار رزق العرابيد (48 عاما) مدرّسة تربية إسلامية، نازحة من مخيم جباليا شمال قطاع غزة إلى مخيم النصيرات بالوسط، روت بعضا من الفظائع التي شهدتها وعائلتها أثناء رحلة النزوح الشاقة التي كانت “محفوفة بأنواع الرعب والذل”.
تقول انتصار: “اضطررنا إلى اللجوء للوسط، بعد ما رأيناه في الشمال من عنف إسرائيلي”.
وتتابع: “آخر ليلة لنا في الشمال ضرب الجيش الإسرائيلي علينا 3 أحزمة نارية أحدها من جهة المستشفى الإندونيسي، كنا 45 شخصا في بيت مساحته 120 مترا، خاف أولادنا وساد رعب شديد في مخيم جباليا، فاضطررنا للخروج”.
بعد صعوبات في تأمين وسائل النقل نظرا لقطع الوقود عن القطاع، تمكنت انتصار وعائلتها من الوصول إلى وسط القطاع، في رحلة تخللتها فترات من السير لمدة طويلة على الأقدام.
رحلة النزوح القسري هذه زادها صعوبة على انتصار، أن إحدى رجليها مكسورة، فيما الطرقات كانت متكسرة ومحروقة بفعل القصف الإسرائيلي العنيف، فكانت تقع مرارا، ما دفع زوجها إلى حملها كحلٍّ وحيد مع حالتها الصحية هذه.
“لم أتعرف على مخيم البريج مع أنني كنت من سكانه”، تقول انتصار، “الأبنية سوّيت بالأرض بالقصف ثم التجريف”.
في الطريق، تواصل انتصار: “رأينا جثث شهداء متفحمة بعضها داخل سيارات، والقناصون يترصّدون من يمر عبر الممرات التي ادّعوا أنها آمنة”.
تكمل: “وصلنا إلى ممر حيث تعرّض أطفالي وغيرهم من الذكور لتفتيش جسدي كامل وعارٍ، شمل كل أنواع الذل، وفق وصف أحد الشبان الذي خرج بالسروال الداخلي بعد 72 ساعة من احتجازه”.
“بعد الممر الآمن عبرنا إلى المنطقة التي ادعوا أنها آمنة، حيث رأينا أكثر من قناص في منزل مطل على الطريق، فاضطر من معي للجري، فيما نقلني شاب على دراجة هوائية نظرا لإصابتي، وصولا إلى مخيم النصيرات”.
تؤكد انتصار أن ما شهدته في رحلة النزوح عبارة عن “مناظر مفزعة، الناس مرعوبة، وكل ما شهدناه من رعب خلال الفترة الماضية لا تعادل واحد بالمئة من الرعب الذي شهدناه في ما يُدّعى أنه ممر آمن”.
(الأناضول)