نشرت صحيفة The New York Times الأمريكية، السبت 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، تقريراً حول معاناة الفلسطينيين في مدينة غزة واستمرار بعضهم في شمال غزة رغم استمرار القوات البرية الإسرائيلية في هجومها المتواصل على القطاع.
الصحيفة نقلت في تقريرها معاناة المهندس المدني الفلسطيني (35 عاماً)، محمد مطر الذي عمل لسنوات في بناء خطوط الأنابيب التي تنقل المياه عبر قطاع غزة، من شمال بيت لاهيا إلى جنوب رفح. أما الآن، فهو بالكاد يستطيع تأمين المياه لنفسه.
وفي اتصال عبر الهاتف مساء الخميس 9 نوفمبر/تشرين الثاني في مدينة غزة قال مطر للصحيفة: "شاهدت أفلام رعب كثيرة، لكنني لم أشاهد فيلم رعب مثل هذا من قبل. أنا متأكد أن ما تراه على شاشة التلفزيون لا يمثل حتى 5% مما نعيشه".
مطر الذي اختار هو وعائلته البقاء رغم استمرار القوات البرية الإسرائيلية في هجومها على القطاع أوضح "أن عائلته، مثل كثيرين في غزة، لا تجد ما يكفي من الغذاء. فهم لم يتناولوا الخضار منذ قرابة ثمانية أيام، ولا يذكر آخر مرة تناول فيها الدجاج أو اللحم. وفي معظم الأيام، تطهو عائلته المعكرونة سريعة التحضير على الفحم، وفي حين أن علبة واحدة تكفي أسبوعاً عادة، فهو يقيد استهلاكها بحيث تدوم 20 يوماً".
وفي مدينة تزداد انعزالاً عن بقية العالم كل يوم، تحدث عن أيام مليئة باليأس والخوف، وأشار مطر "نحاول الحفاظ على ما لدينا حتى يتغير الوضع، وحتى تنتهي هذه القصة الحزينة".
وعمل مطر 10 سنوات في مشاريع مياه لدى شركة سقا وخضري للمقاولات، وهي شركة تعمير فلسطينية مقرها الضفة الغربية. وقال إن مشاريعه، التي من بينها بناء خزانات مياه وأنظمة التوزيع الملحقة بها، دُمِّرت الآن، ويقدر أن استعادة المياه إلى قطاع غزة ستستغرق من أشهر إلى سنة حين ينتهي القتال.
أما الآن، فيقول: "ستكون محظوظاً لو تمكنت من العثور على الماء لغسل يديك أو وجهك".
والجمعة 10 نوفمبر/تشرين الثاني، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، إن الحصار الذي تفرضه إسرائيل على غزة – والذي قيّد وصول مليوني نسمة محاصرين في القطاع إلى الغذاء والماء والدواء والوقود- من شأنه أن يؤدي إلى "كارثة أكبر بكثير" مثل مجاعة.
ولا يتوفر وقود لتشغيل المضخات الموجودة تحت الأرض في غزة. ولأنه لا توجد زجاجات مياه في المتاجر، يعتمد مطر على احتياطيات جيرانه.
وقال: "آخذ مجموعة من الدلاء وأطلب منهم أن يملأوها بالماء. ولا نعرف حتى إن كان صالحاً للشرب أم لا".
وفضلاً عن الخوف من العطش والجوع، يشعر مطر بالقلق على السلامة الجسدية لزوجته وابنتيه 3 و8 سنوات، اللتين تتشبثان به وسط الانفجارات المتتالية. وهو يحاول إلهاءهما بالألعاب والضحك ولو مؤقتاً.
وقال مطر: "ابنتي ذات الثلاث سنوات تقفز فزعة حين تسمع صوت الصواريخ وهي نائمة، وتسألني: لماذا يحدث هذا؟ ولكن ماذا عساي أن أقول؟".
ويواجه مطر صعوبة في النوم هذه الأيام، فهو لا يعرف إن كان سيستيقظ في صباح اليوم التالي أم لا.
وقال: "أجلس وأصلي مع زوجتي طوال الوقت. ما يحدث ليس طبيعياً بأي حال، وأريد أن يصل هذا المقال إلى من يمكنهم وقف هذه الحرب".