- شينخوا - وسط حالة من الخوف والقلق، يترقب العامل الفلسطيني محمود أبو رزق الأنباء الواردة بشأن موعد إعادة فتح معبر إيرز شمال قطاع غزة أمام العمال للسماح لهم بالوصول إلى أماكن عملهم في البلدات الإسرائيلية بعد منع دام لأكثر من ثمانية أيام متواصلة.
وتفرض السلطات الإسرائيلية منذ تاريخ 16 سبتمبر الجاري منعا على دخول العمال الفلسطينيين من قطاع غزة عبر معبر إيرز شمال القطاع وهو المعبر الوحيد لدخول الأفراد بين غزة وإسرائيل، وذلك على إثر تجدد الاحتجاجات الشعبية العنيفة على السياج الحدودي لقطاع غزة.
وفي عدة مناسبات، أعلن منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية غسان عليان في بيانات منفصلة أن معبر إيرز سيبقى مغلقا على أن يتم فتحه وفقا لتقييمات الوضع في إشارة إلى وقف الاحتجاجات.
ويقول أبو رزق (43 عاما) وهو أب لثمانية أبناء لوكالة أنباء ((شينخوا)) "في كل مرة يتم تمديد إغلاق المعبر في وجوه العمال الفلسطينيين أشعر بأنني اقترب من الهاوية وأصاب بالرعب من فكرة فقدان عملي للأبد وعودتي إلى هاوية الفقر التي لم ألبث أن أودعها".
ويضيف أبو رزق الذي اشتعل الشيب في رأسه "بشق الأنفس تمكنت من الحصول على تصريح للعمل في إسرئيل من أجل توفير لقمة العيش لعائلتي التي ذاقت ويلات الفقر والحاجة ، لا أعرف لماذا يتم الزج بقضيتنا في المناكفات السياسية بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية".
ويتابع نحن نسعى إلى العيش بأمان وسلام لتوفير حياة كريمة لعائلاتنا، لم ولن نفكر يوما في التورط في أي أنشطة عنف في القطاع، مشيرا إلى أن الحكومة الإسرائيلية ترتكب خطأ في منعنا من الوصول إلى أماكن عملنا التي تعتبر مصدرنا الوحيد لجني الرزق.
وفي محاولة منه لتفادي فقدانه عمله بشكل نهائي، يحرص أبو رزق على التواصل المستمر مع رب عمله (مشغله الإسرائيلي) لوضعه في التطورات في غزة، وسط خشيته من عدم فتح المعبر في القريب وأن يعود إلى حياة الفقر مرة أخرى.
ولا يختلف الحال كثيرا بالنسبة للعامل يونس أبو إسماعيل (38 عاما) الذي عاد إلى القطاع أسوة بآلاف العمال خلال أعياد اليهود قبل ثمانية أيام ولم يتمكنوا من العودة مرة أخرى إلى أعمالهم بسبب إغلاق المعبر.
ويقول أبو إسماعيل الذي حصل على تصريح عمل داخل إسرائيل بعد أعوام من الانتظار إن إغلاق المعبر لفترة أطول تزيد من الخسارة اليومية المادية للعامل وكذلك الشك والهاجس بأن الأوضاع مرشحة لمزيد من التطور.
ويضيف أنه خلال سنوات الفقر العجاف التي عشناها في القطاع، لم نكن نتمكن من جني 10 دولارات أمريكية يوميا في حين أننا أصبحنا نجني ما يقارب 100 دولار على الأقل وهذا كفيل لتغيير حياة عائلتي للأفضل.
ويأمل كل من أبو رزق وأبو إسماعيل أن يتم تحييد قضية العمال الفلسطينيين من أي مناكفات سياسية وأن يتمكن العمال من العودة إلى عملهم في إسرائيل مرة أخرى لكسب المزيد من المال لبناء مستقبل أبنائهم كما كانوا يفعلون قبل أزمة الإغلاق.
ويصل عدد العمال الفلسطينيين الذين يعملون داخل إسرائيل من القطاع الذي يقطنه أكثر من مليوني نسمة وتسيطر عليه حركة حماس قرابة 18 ألف عامل، منهم 9 آلاف يخرجون يوميا عبر معبر بيت حانون / إيرز.
وبدأت مجموعات شبابية تطلق على نفسها اسم "الشباب الثائر" قبل أسبوعين تنظيم احتجاجات عصر كل يوم يتخللها حرق إطارات مركبة وتفجير عبوات ناسفة محلية صنع وإلقاء حجارة على القوات الإسرائيلية المتمركزة خلف السياج.
وتقول المجموعات في بيانات إن التظاهرات تأتي ردا على اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى وما يتعرض له الأسرى الفلسطينيين، في المقابل واجه الجيش الإسرائيلي المتظاهرين بإطلاق النار ما أدى لمقتل شاب وإصابة آخرين بجروح متفاوتة على مدار الأيام الماضية.
كما قام الجيش الإسرائيلي بقصف نقاط رصد تتبع لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) على أطراف غزة، وتبعه ذلك إغلاق معبر بيت حانون / إيرز الواقع شمال القطاع أمام العمال الفلسطينيين.
وقوبل قرار إغلاق المعبر أمام العمال برفض وتنديد من قبل الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين في القطاع، معتبرا الخطوة إمعانا في سياسة العقاب الجماعي بحق آلاف العائلات العمالية.
وقال رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين سامي العمصي إن مواصلة إغلاق المعبر يضاعف من معاناة العمال الذين هم في أمس الحاجة لكل يوم عمل، بعد سنوات طويلة من الإغلاق وحرمانهم من قوت يومهم.
وأكد العمصي رفضه السياسة الإسرائيلية بربط ملف تصاريح العمال بالأوضاع الأمنية والسياسية، داعيا كافة الجهات الدولية والعربية للضغط على الجانب الإسرائيلي لفصل ملف العمال عن التطورات والأحداث الجارية.
وبحسب مسؤولون فلسطينيون في غزة فإن مصر وقطر وهما الوسيطان الرئيسيان في جولات القتال السابقة بين الفصائل الفلسطينية أبرزها حركة حماس وإسرائيل، تجريان محادثات مع الجانبين في محاولة لتجنب الانزلاق إلى موجة جديدة من المواجهة المسلحة.
وتزيد خطوة إغلاق معبر بيت حانون / إيرز أمام فئة العمال من الضغوط على اقتصاد القطاع الذي يعاني أصلا جراء الحصار المشدد الذي تفرضه إسرائيل منذ منتصف صيف 2007 إثر سيطرة حماس على الأوضاع فيه.
وفي الصدد يرى الخبير الاقتصادي حامد جاد أن إغلاق المعبر أمام شريحة العمال ألحق خسارة فادحة على كافة الجوانب كون هذه الفئة تدخل شهريا على القطاع نحو مليوني دولار.
ويقول جاد إن العمل في إسرائيل مصدر دخل مهم للعائلات والإغلاق الحالي يؤدي إلى مساس مباشر بالحركة الشرائية والأسواق في غزة التي أصبحت شبه متوقفة نظرا لعدم تمكن العمال من الخروج إلى عملهم والحصول على أجورهم اليومية.