عمل رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، اليوم الأربعاء، للتوصل إلى تفاهمات مع شركائه لتهدئة الأجواء داخل الائتلاف بشأن التقارير حول نقل أسلحة إلى أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، وذلك بعد أن لوّح وزيرا المالية والأمن القومي في حكومته، بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، بإسقاط الحكومة.
في أعقاب اجتماعه مع سموتريتش، أصدر مكتب نتنياهو بيانا أكد فيه أن "رئيس الحكومة أصدر تعليماته لمجلس الأمن القومي بأن تعرض على مجلس الوزراء المصغر جميع القرارات التي اتخذتها الحكومة السابقة بشأن السلطة الفلسطينية، بهدف تشديد الرقابة والتأكد من تطبيق سياسة الحكومة الحالية".
وفي وقت سابق اليوم، أدلت مصادر أمنية إسرائيلية بمعطيات حول مصادقة إسرائيل على نقل أسلحة إلى أجهزة الأمن في السلطة الفلسطينية، وقالت إن وزير الأمن، يوآف غالانت، لم يصادق على نقل أي أسلحة، منذ أن تولى منصبه في مطلع العام الحالي.
وجاء ذلك في أعقاب الضجة التي أثارها تقرير حول نقل أسلحة من قواعد عسكرية أميركية في الأردن إلى السلطة الفلسطينية بمصادقة الحكومة الإسرائيلية، وعلى إثر ذلك هدد الوزيران سموتريتش وبن غفير، رئيس الحكومة، بعواقب وخيمة في حال لم يصرح بأن التقارير حول نقل الأسلحة ليست صحيحة.
وبحسب المصادر الأمنية الإسرائيلية، فإنه في العام 2007، خلال ولاية إيهود أولمرت في رئاسة الحكومة وعمير بيرتس في وزارة الأمن، تمت المصادقة على نقل 1000 بندقية كلاشنيكوف إلى السلطة الفلسطينية، وفق ما نقل عنهم موقع "واللا" الإلكتروني.
وفي العام 2018، خلال ولاية نتنياهو في رئاسة الحكومة وأفيغدور ليبرمان في وزارة الأمن، تم نقل 530 مسدسا. وفي العام 2021، خلال ولاية نتنياهو وولاية نفتالي بينيت في رئاسة الحكومة وبيني غانتس كوزير أمن، تم نقل 30 مسدسا إلى السلطة الفلسطينية. وخلال ولاية بينيت ويائير لبيد في رئاسة الحكومة، العام الماضي، تم نقل 100 مسدس إلى السلطة الفلسطينية.
وذكر المراسل العسكري لإذاعة الجيش الإسرائيلي أن الشحنة التي وصلت في الأيام الأخيرة ومرت عبر معبر "أللنبي" (الكرامة)، تضمنت ما لا يقل عن 1500 قطعة سلاح، من ضمنها بعض بنادق إم 16 الموجهة بالليزر وبعض بنادق الكلاشينكوف.
وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، اشترطت إسرائيل أن توجه السلطة الفلسطينية هذه الأسلحة ضد "مطلوبين" من حركتي حماس والجهاد الإسلامي، "وليس ضد مجرمين جنائيين"، وأن تكون هذه الأسلحة بحوزة قسم من أجهزة الأمن الفلسطينية فقط، وهي جهاز الأمن العام والأمن الوقائي والشرطة.
ونفى غالانت نقل أسلحة إلى السلطة الفلسطينية، وقال إنه "خلافا للصورة الكاذبة التي تتعالى من التقارير المنشورة، فإنه منذ دخول غالانت لمنصبه، لم تتم المصادقة على نقل أسلحة أو وسائل قتالية إلى السلطة الفلسطينية". وأضاف أنه تم نقل 10 مركبات مصفحة لتفريق مظاهرات "من أجل تمكين السلطة الفلسطينية من السيطرة في جنين ونابلس".
كما نفى نتنياهو هذه التقارير، وقال في مقطع فيديو بثه على حساباته الرسمية إنه "لا حدود للأخبار الكاذبة؛ إليكم الحقائق، منذ تشكيل هذه الحكومة لم يتم نقل أي سلاح، ولا حتى سلاح واحد، إلى السلطة الفلسطينية".
وأضاف نتنياهو "ما فعلناه هو تنفيذ قرار اتخذه وزير الأمن السابق، بيني غانتس (في حكومة بينيت - لبيد) في 22 كانون الثاني/ يناير الماضي، بنقل عدد من العربات المدرعة لتحل محل مركبات مدرعة أخرى باتت قديمة".
وتابع "هذا ما نفعله، لا مدرعات، ولا دبابات، ولا بنادق كلاشينكوف، ولا شيء من هذا القبيل، لذلك في بعض الأحيان تكون الأخبار الكاذبة كذلك غير مدرعة، ومن الجيد أن نكشف هذا الكذب".
كما شددت مصادر في مكتب نتنياهو على أن المصادقة الإسرائيلية على نقل المركبات المصفحة تمت خلال ولاية بينيت – لبيد، لكن مسؤولين في الحكومة السابقة نفوا ذلك.
وقالت مصادر أمنية إسرائيلية إن نقل الأسلحة إلى السلطة الفلسطينية يشكل خطوة واحدة بين سلسلة خطوات تجري دراستها لصالح السلطة الفلسطينية، وأن خطوتين أخريين مشروطتين بتقديم السلطة "إنجازات عملياتية" تنفذها ضد تنظيمات فلسطينية في منطقة جنين بالأساس، وإعادة التنسيق الأمني بشكل رسمي، بعد أن أعلن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، عن وقفه في بداية العام الحالي.
ونقت تقارير إسرائيلية عن مسؤولين أمنيين فلسطينيين أن "السلطة الفلسطينية كانت قد طلبت هذه المعدات منذ أكثر من عام، لكن إسرائيل كانت ترفض الموافقة على الطلب. وجاءت الموافقة عقب قمتي العقبة وشرم، في أعقاب المحادثات التي أجريت مع م"نسق عمليات الحكومة (الإسرائيلية) في المناطق" المحتلة.
وكانت صحيفة "يسرائيل هيوم"، قد نقلت مساء أمس، الثلاثاء، عن مصادر فلسطينية (لم تسمها) أنه تم تزويد أجهزة الأمن الفلسطينية بوسائل تكنولوجية متقدمة لتحسين قدراتها الاستخبارية، كما سيتم تدريب وحدة إلكترونية خاصة لمكافحة المحتوى المؤيد للمقاومة، واختراق التنظيمات الفلسطينية خاصة في جنين ونابلس.
وأشارت الصحيفة إلى أن "المعدات الجديدة ستسمح للأجهزة الأمنية بتنفيذ عمليات تجسس وجمع معلومات استخباراتية، عبر اختراق الهواتف المحمولة التابعة لشركات الخلوي الفلسطينية. وكانت هذه التقنيات ممنوعة على الفلسطينيين في السابق بقرار إسرائيلي، خوفًا من استخدام الأجهزة الأمنية لها في كشف عملاء الشاباك".
في المقابل، نفى المفوض السياسي العام، الناطق باسم الأجهزة الأمنية طلال دويكات، صحة الأنباء التي يتم ترويجها ممن وصفها “بعض وسائل الإعلام والصحافة الصفراء حول استلام السلطة الوطنية الفلسطينية أجهزة ومعدات من خلال سلطات الاحتلال الإسرائيلي”.
وأوضح دويكات في اتصال هاتفي مع “وفا” (الوكالة الرسمية)، أن ترويج هذه الأخبار يأتي في سياق حملة التحريض ضد السلطة الوطنية وأجهزتها الأمنية، بالتزامن مع حملة التحريض ضد الرئيس محمود عباس قبيل خطابه في الأمم المتحدة.
وأكد المفوض السياسي العام، الناطق باسم الأجهزة الأمنية حق السلطة الوطنية في الحصول على كل ما يلزمها من أجهزة ومعدات كي تمارس عملها الاعتيادي، حفاظاً على أمن المواطنين وحماية لحقوقهم وسلمهم الأهلي.
وأضاف دويكات أن السلطة الوطنية لا يمكن أن تساوم على مواقفها السياسية مقابل حصولها على ما هو حق لها، وأنها وأجهزتها الأمنية ستستمر في بذل الجهود التي تمكنها من حماية مقدرات شعبها، وحماية المجتمع الفلسطيني من الفوضى والفلتان.