اعتبر تقرير عبري، على لسان محللين إسرائيليين، أن إطلاق تل أبيب سراح النائب الأردني عماد العدوان "مصلحة إسرائيلية ورد لجميل الأردن"، على حد وصف الخبراء.
وأفرجت سلطات الاحتلال عن النائب الأردني عماد العدوان، بعد اتهامه بمحاولة تهريب كمية كبيرة من الأسلحة إلى جانب سلع أخرى إلى الضفة الغربية، عبر جسر الملك حسين "اللنبي"، أمس الإثنين، وتم تسليمه إلى الأردن، ورفعت الحصانة البرلمانية عنه تمهيدا لمحاكمته.
وزعم جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، أنه تم الكشف خلال التحقيق مع العدوان عن تورطه برفقة أشخاص آخرين في 12 قضية أخرى لتهريب أسلحة وذهب وسلع مختلفة إلى "إسرائيل"، وأنه تلقى مبالغ مالية كبيرة مقابل ذلك.
بناء الثقة
وبحسب الكاتب والمحلل السياسي في موقع "نيوز1" العبري يوني بن مناحم، "يعد قرار إسرائيل بالإفراج عن النائب العدوان، صائبا؛ بسبب حرصها على عدم تفاقم الأزمات مع الأردن التي كانت متوترة للغاية منذ أحداث المسجد الأقصى خلال شهر رمضان الفائت، حيث أصبح النائب الأردني بطلا في الشارع الأردني، وتصرفه مبررا، في محاولة مساعدة المنظمات الفلسطينية المسلحة في الضفة الغربية عن طريق نقل الأسلحة إليها لمقاومة الجيش الإسرائيلي".
وقال بن مناحم: "يخشى مسؤولون أمنيون في إسرائيل، من أن يؤدي استمرار احتجاز النائب عماد العدوان في إسرائيل، إلى تعقيد العلاقات مع الأردن، وأن تحاول عناصر متطرفة في الأردن خطف مواطنين وجنود إسرائيليين على الأراضي الأردنية أو على حدودها، واحتجازهم كرهائن حتى إطلاق سراحه".
وأضاف بن مناحم أن "اتخاذ إسرائيل خطوة الإفراج عن النائب العدوان، جاءت لبناء الثقة تجاه الأردن على أساس افتراض بأن إسرائيل قد تحتاج أيضًا إلى لفتات أمنية من الأردن تجاه إسرائيل في المستقبل، حيث يقول مسؤول أمني كبير إن الحفاظ على العلاقات الطبيعية بين أجهزة الأمن الإسرائيلية والأردنية يصب في مصلحة البلدين، كما أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن راضية عن القرار الإسرائيلي بشأن إطلاق سراح عماد العدوان".
رد الجميل للأردن
وأضاف بن مناحم: "مسؤول سياسي إسرائيلي كبير، برر القرار بالقول إن إسرائيل أعادت الجميل إلى الأردن، بعد أن قدمت الأردن خدمة لإسرائيل في تموز/ يوليو 2017 وأفرجت عن حارس أمن إسرائيلي في السفارة الإسرائيلية في العاصمة عمّان، قتل مواطنين أردنيين اثنين".
وعلق مسؤول سياسي كبير في إسرائيل على إطلاق سراح النائب الأردني عماد العدوان أمس الأحد، قائلا إن "الأردن أسدى معروفا عندما أفرج عن الحارس الأمني في السفارة الإسرائيلية، زيف مويال، الذي قتل مواطنين أردنيين اثنين، ولذلك نحن مدينون له".
وبحسب المسؤول نفسه، فإن "الوضع في الأردن ليس هادئا، وهذه القضية أثارت موجة غضب عارمة، ومحاكمته في إسرائيل كانت ستلحق ضررا استراتيجيا بالعلاقة مع المملكة، وكان من مصلحة إسرائيل إنهاؤها في أسرع وقت ممكن".
مصالح متبادلة
ومن جانبه، رفض الجنرال احتياط والمستشار السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، يعقوب أميدور، الانتقادات التي وجهت لقرار إسرائيل إطلاق سراح النائب العدوان، قائلا إن "إسرائيل لن تكسب شيئا من الإبقاء على العدوان قيد الاحتجاز، لكن من الأفضل الحصول على بعض المكاسب السياسية من الأردن".
وأضاف أن "الحدود الأطول لإسرائيل هي مع الأردن، وهي هادئة في العادة، لكنها تشهد من وقت لآخر عمليات تسلل من قبل مهربين"، مشيرا أن بين الأردن وإسرائيل علاقة "خذ وهات"، وهذا أمر جيد لإسرائيل.
صواب دبلوماسي
وبدورها، اعتبرت الكاتبة الإسرائيلية هوديا كريش حازوني، في تقرير لها بموقع "ماكور ريشون" العبري، قرار الإفراج عن عضو البرلمان الأردني عماد العدوان، بأنه "خنوع إسرائيلي، ونكتة بائسة".
وقالت: "ليس سرا أن نتنياهو والملك عبدالله الثاني ليسا مغرمين جدا ببعضهما البعض. لكن منذ تشكيل الحكومة الحالية، يحاول الاثنان الحفاظ على صواب دبلوماسي لا يكسر الأدوات. وشمل ذلك من بين أمور أخرى، زيارة نتنياهو للأردن، وتصريحات نتنياهو بأن إسرائيل لن تغير الوضع القائم في الحرم القدسي، واستجابة إسرائيل للاجتماعات مع الفلسطينيين برعاية أردنية.
وأضافت: "رغم كل هذا، يبدو أنه في الحالة الراهنة ازداد مفهوم المؤسسة الأمنية فيما يتعلق بالأهمية الأمنية للأردن، حتى في حالة تجاوز الخط الأحمر الساطع. والقرار السياسي بنقل استمرار معالجة القضية والعقاب عليها- إن وجدت- إلى السلطات في الأردن، هو نوع من المقامرة الإسرائيلية"