هآرتس- بقلم: عاموس هرئيل الدائرة الدموية في جنين ونابلس مستمرة، مع تعزيز العلاقة بين النشطاء الفلسطينيين المسلحين في المدينتين اللتين تقعان في شمال الضفة الغربية. أمس، اقتحمت قوات الجيش الإسرائيلي و”الشاباك” و”اليمام” مخيم جنين للاجئين في محاولة للعثور على قاتل الأخوين من مستوطنة “هار براخا”، هيلل ويغيل يانيف.
اعتقد “الشاباك” أن الناشط الذي أطلق النار على الأخوين من مسافة قريبة في حوارة قبل عشرة أيام قد هرب إلى المخيم، ووجد ملجأ لدى نشطاء محليين.
في تبادل إطلاق النار الذي حدث في المكان، قتل ستة فلسطينيين وأصيب ثلاثة جنود من “اليمام”، أحدهم إصابته متوسطة واثنان إصابة طفيفة. تم تشخيص أحد القتلى الفلسطينيين لاحقاً أنه متهم بقتل الأخوين، وهو عبد الفتاح خروشة من سكان مخيم عسكر للاجئين. مصادر فلسطينية قالت إن خروشة في الأربعينيات، وهو سجين سابق أطلق سراحه مؤخراً من السجن الإسرائيلي، وكان أحد أعضاء الذراع العسكرية لحماس. في موازاة ذلك، اعتقل الجيش أولاد القتيل في نابلس. واحد منهم اعتقل مع والده في 2019 بتهمة التخطيط لتنفيذ عملية ضد الجيش الإسرائيلي في حوارة.
إن هرب خروشة من نابلس إلى جنين أمر استثنائي نسبياً. ولا يقل عن ذلك غرابة المجتمع الذي وجد فيه لكونه من أعضاء حماس. كان من بين القتلى الآخرين في الحادثة ناشط في جهاز الأمن الوطني التابع للسلطة الفلسطينية.
قبل نحو سنتين، تم تشخيص توجه متزايد للعلاقات بين التنظيمات التي يراكمها النشطاء على أساس مناطقي، في جنين ونابلس بشكل منفرد. ثمة مؤشرات الآن على وجود علاقات أيضاً بين المدن المختلفة. كل ذلك يحدث مع تجاهل السلطة الفلسطينية، التي هي في الأصل ضعيفة في جنين ونابلس، ومن خلال تمهيد الأرض لمواجهة عسكرية محتملة أخرى مع إسرائيل.
أمس، كانت حادثة أخرى في حوارة عندما هاجم المستوطنون الفلسطينيين وأصابوا عدداً منهم وألحقوا أضراراً بالسيارات. في المقابل، أبلغ المستوطنون بأنه تم رشق سياراتهم بالحجارة في القرية. هذه هي الحادثة الثانية بعد المذبحة التي نفذها المستوطنون في القرية في الليلة التالية لقتل الأخوين يانيف.
بعد أعمال الشغب السابقة، وعد الجيش الإسرائيلي بأن يتم فحص الحادثة واستخلاص الدروس منها. ولكن الجنود لم يزعجوا المستوطنين أثناء العربدة في هذه المرة أيضاً. إضافة إلى ذلك، تم نشر فيلم يظهر فيه جنود وهم يرقصون مع مستوطنين في القرية قريباً من موعد أعمال الشغب، بمناسبة عيد المساخر. فشل الجيش فشلاً ذريعاً في منع المذبحة في الأسبوع الماضي، وقد اعترف بذلك. وحقيقة أنه لم يحصل أي تحسن في مواجهة هذه الظاهرة ربما تدل على أنه يجدر برئيس الأركان، هرتسي هليفي، فحص تشديد الخطوات الانضباطية في هذه القضية.
إخماد النار
الطيارون المقاتلون في سرب 69 في سلاح الجو عادوا إلى رشدهم. رجال الاحتياط الذين أبلغوا قادتهم في السرب في بداية الأسبوع بأنهم قرروا عدم المشاركة في التدريب الروتيني الذي خطط له، تراجعوا ووافقوا على التسوية التي اقترحت عليهم في السلاح. رجال الاحتياط سيأتون إلى السرب في الغد، لكن بدلاً من التدرب، سيجرون “محادثات” مع قادتهم على خلفية الأزمة السياسية والدستورية في الدولة وعلى خلفية احتجاج رجال الاحتياط في الجيش الإسرائيلي.
من المرجح أن قائد سلاح الجو، الجنرال تومر بار، لم ينم طويلاً في هذه الليلة لأسباب ربما تتعلق بالتقرير عن قصف المطار الدولي في حلب في شمال سوريا. صباح أمس، بعد تدخل ضباط كبار سابقين في السلاح، تم التوصل إلى التسوية التي حصلت على مصادقة بار ورئيس هيئة الأركان العامة. تم توجيه انتقاد لرجال الاحتياط عبر الشبكات الاجتماعية بذريعة أنهم تراجعوا، لكن من الأفضل تذكر السياق الواقع للقضية.
حتى الآن، لم يتخذ احتجاج الطيارين خطوات عملية فورية، بل حذر من أن رجال الاحتياط لا يمكنهم الخدمة إذا ما أُجيزت قوانين الانقلاب النظامي. الخطوة الاحتجاجية لرجال سرب 69 لم تكن بدرجة معينة تحت سيطرة المنظمين ولم يتم تنسيقها مسبقاً مع أفراد الأسراب الأخرى وخلقت الشعور بالمواجهة الفورية مع هيئة الأركان العامة والحكومة، وحصل رجال الاحتياط على ازدراء شديد ممن يؤيدون رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، في الحكومة وفي وسائل الإعلام.
بالنسبة لعدد من رجال السرب، فقد تولدت الحاجة إلى تخفيض اللهب قليلاً وكسب المزيد من الوقت. التسوية التي تم التوصل إليها قد ترسل رسالة مشتركة لهم وللضباط الكبار في السلاح، وهي أن الخلاف مستمر، ولكن رجال الاحتياط لا يحرقون الجسور ولا يقطعون الاتصال مع السلاح. بنفس الروحية، التقى الجنرال بار أمس مع قادة الأسراب في السلاح، الذين بدورهم سيلتقون بعد ذلك مع رجال الاحتياط الذين تحت قيادتهم. ثم أجرى رئيس الأركان لقاء مشابهاً إلى جانب وزير الدفاع، يوآف غالنت، مع ممثلي جميع الأسلحة في الجيش الإسرائيلي.
أمس، انتشرت شائعات قوية بأنه استخدم ضغط شديد على رجال الاحتياط في سرب 69، بدايته بنتنياهو ونهايته في قيادة الجيش الإسرائيلي مع تهديدات شديدة حول تقديم المشاركين لمحاكمة انضباطية عسكرية إذا لم يتراجعوا. ضباط كبار لهم علاقة بنضال رجال الاحتياط وليسوا من الذين يتعاطفون مع الحكومة نفوا ذلك وقالوا إن الاتفاق يعكس فهماً مشتركاً للجنرال بار ورجال الاحتياط.
الهجوم الخاطف يستمر
قادة الاحتجاج يركزون جزءاً من المظاهرات أمام منازل بيوت وزراء الليكود الذين، حسب تقديرهم، قد يظهرون مرونة أكبر في الخلاف والانحراف عن الخط الذي يمليه رئيس الحكومة. هكذا تم تنظيم مظاهرات أمام منازل الوزراء آفي ديختر ونير بركات وغالنت. وفي حالة غالنت وديختر، كان المحتجون قد أكثروا من ذكر الخلفية الأمنية المشتركة لهما، وطلبوا منهما اتخاذ موقف مبدئي ضد الانقلاب النظامي. عضوا كنيست من الليكود، يولي أدلشتاين وداني دنون، اللذان عبرا في السابق عن الاستعداد للمصالحة، تم التأشير عليهما كهدف لجهود الإقناع.
السؤال الرئيسي هو: هل ستتجرأ هذه المجموعة أو بعضها على اتخاذ موقف مستقل ضد نتنياهو؟ هناك عدد من الوزراء وأعضاء الكنيست في الليكود يعتقدون أن نتنياهو قد ذهب بعيداً جداً، بدفع من وزير العدل ياريف لفين. ولكن حتى الآن لم يخرج أحد بشكل علني وطلب تجميد عملية التشريع. في الوقت نفسه، تستمر المحادثات حول خطة الرئيس التي نشر بعض بنودها أول أمس وأمس في وسائل الإعلام. رجال قانون وشخصيات رفيعة في المعارضة، الذين لهم علاقة بالاتصالات حول هذه الخطة، يجدون فيها عدداً من نقاط الضعف، لكنهم لا يستبعدونها تماماً. في المقابل، بعض الشخصيات البارزة في تنظيمات الاحتجاج ترفضها تماماً.
الهدف الأصلي لنتنياهو ولفين هو استكمال سن القوانين الرئيسية في الخطة حتى قبل أن تخرج الكنيست إلى عطلة عيد الفصح في بداية نيسان. الآن، يظهر نتنياهو تصميماً على مواصلة الهجوم التشريعي الخاطف. تركز ظهوره العلني في الفترة الأخيرة على انتقاد المتظاهرين ومن يرفضون الخدمة، ولم تشمل أي إشارة حول تسوية محتملة.
في المقابل، يبدو أن الواقع يغلق عليه من كل الجهات: التصعيد في “المناطق” [الضفة الغربية]، وتهديد متزايد للرفض في الجيش الإسرائيلي، والاحتجاج الآخذ في الاتساع، والأزمة الاقتصادية التي تطرق الباب، والانتقاد الموجه إليه من قبل الحكومات في الغرب. والحال هذه، يبرز السؤال: هل سيتراجع نتنياهو في النهاية ويوافق على تجميد التشريع لبضعة أسابيع، وهي خطوة، بسبب العطلة، قد تعطي فترة زمنية أكثر من شهر لإجراء مفاوضات جوهرية أكثر بين الطرفين؟