هآرتس بقلم: يهوشع برايمر يتصاعد التوتر اليوم بين وزير الأمن الوطني ايتمار بن غفير والمفتش العام للشرطة كوبي شبتاي، وحسب عدد من المصادر في جهاز إنفاذ القانون فإن العلاقات بينهما على وشك الانفجار، لأن شهر رمضان يلوح في الأفق، الذي سيكون حسب كل تقديرات الاستخبارات شهراً متوتراً وعنيفاً.
بدأت العلاقات بين الاثنين بمحاولة شبتاي أن يعجب بن غفير، حيث كان حينها مرشحاً فقط للمنصب، عندما جاء للمشاركة في احتفال بلوغ ابنته في مستوطنة “كريات أربع”. قبل شهر تقريباً ظهرا معاً في مؤتمر صحافي أعلنا فيه عن تشكيل حرس وطني. ولكن يظهر تغير في مقاربة المفتش العام في الأسابيع الأخيرة. في حين أن الوزير يطلب بأن تواصل الشرطة هدم بيوت في شرقي القدس وتوسع نشاطاتها في المنطقة وتثقل اليد على السكان الفلسطينيين، يقف أمامه شبتاي ويحذر من إشعال الأرض. كان شبتاي شريكاً في صد عدد من مبادرات الوزير، منها فرض الإغلاق على أحياء فلسطينية.
سيبدأ رمضان في 22 آذار المقبل. التوتر الذي يشعر به الآن في القدس والذي تم التعبير عنه بالعمليات الأخيرة في المدينة يتوقع أن ينضم إضراب السجناء الأمنيين. يشارك في تحذيرات الشرطة من الاشتعال أيضاً الجيش و”الشاباك”. حسب مصادر في الشرطة، يطمح شبتاي إلى التشجيع من أقوال نظرائه، رئيس الأركان هرتسي هليفي ورئيس الشاباك رونين بار، اللذين يعارضان خطوات بن غفير بشكل قاطع. حسب أقوال المصادر، فإن رؤساء أذرع الأمن الأخرى تحدثوا مؤخراً مع المفتش العام للشرطة وأظهروا دعمهم له. الشرطة وجهاز الأمن يعتبران “عملية” تركيز الجهود التي أعلن عنها بن غفير عقب عملية الدهس في “نفيه يعقوب” والتي قتل فيها ثلاثة إسرائيليين، هي التي اشعلت المنطقة وزادت احتمالية اندلاع العنف، والأكثر من العملية نفسها هو تبجح الوزير بإنجازاته.
الفيلم الذي نشر في “تك توك” يظهر أن بن غفير تفاخر بأن الشرطة وضعت 199 حاجزاً في شرقي القدس، في دقيقة، وأكثر من 11 ألف شخص خلال خمسة أيام، وهي أرقام لم تسجل في كل الضفة الغربية خلال أشهر. ضباط كبار في الحاضر وفي الماضي اعتبروا هذه الأرقام مدحوضة ومضحكة، والشرطة نفسها لم تنشرها.
خلفية التوتر بين الوزير والمفتش العام للشرطة ليست مهنية. حسب عدد من المصادر، يشعر شبتاي بأن بن غفير يريد إهانته شخصياً. وبقدومه إلى ساحة العملية في “نفيه يعقوب” صرخ الوزير عالياً على المفتش العام للشرطة أمام الحضور، واتهمته الكاميرات بغياب الردع وطلب معرفة عدم عمل الشرطة بسرعة اكثر. شبتاي سمع وهو يقول لبن غفير “اهدأ ولا تصرخ”، وطلب التحدث معه على انفراد ولكن بدون جدوى. “هو يسحقني”، قال المفتش العام في محادثات مغلقة. إضافة إلى استخفاف الوزير بشبتاي بميله لمناداة شبتاي باسمه الشخصي في حضور مرؤوسيه.
شبتاي، الذي أمل من البداية بالمحافظة على مكانته إذا تساوق مع بن غفير، أدرك بأنه لن يحظى بسنة رابعة في المنصب. طبقاً لذلك، تغيرت لهجته. “لا أحد يحدد لنا كيفية عملنا”، قال مؤخراً في محادثات مغلقة مع مرؤوسيه. هذه أقوال تضاف إليها رسالة أرسلها شبتاي لرجال الشرطة الخميس الماضي، والتي دافع فيها عن حق الاحتجاج، وجاء فيها: “سنبقى رسميين وسنتخذ قرارات ليس فيها اعتبارات غريبة عدا عن القانون”. ما كان يجب أن يسمع كأمر بحد ذاته، تم تفسيره على أنه تحد للوزير. “فجأة أصبح له عمود فقري”، قال عن المفتش العام مصدر رفيع في الشرطة.
عضو حزب بن غفير، عضو الكنيست تسفيكا فوغل، أجرى مقابلة مع “كان ب” تطرق فيها إلى احتمالية إقالة شبتاي. “إذا لم يكن على استعداد للتعود على الأسلوب الجديد، فلا خيار”، قال. وأمس، رد المفتش العام للشرطة في مقابلة مع “قابل الصحافة” وقال بأنه لا ينوي الاستقالة. “مع كل الاحترام لبن غفير، هو الذي يقرر سياسة الشرطة، ولكننا جميعاً نخضع للقانون في دولة إسرائيل”، أوضح. “من واجبي التعبير عن موقفي المهني. من غير المقبول التحدث مع قادة في الميدان أثناء الأحداث… القانون يعطي صلاحيات للمفتش العام ولقادة المناطق، لا أحد يستطيع أن يحل محلهم لأي اعتبار.
وتحدث ضباط كبار عن سلوك نزواتي للوزير ورجاله أو عن جو حي. كما وصف ذلك أحدهم: “يستطيع بن غفير رؤية شيء ما في تويتر، ثم يتصل فوراً بالمفتش العام ويطلب طلبات بدون تخطيط وبدون عمل طاقم، كل ذلك من الكم بين حين وآخر”. حسب أقوال عدة مصادر، طلب الوزير من المفتش العام إلغاء، في حديث قصير، حدث تم التخطيط له آنفاً لصالح مناقشة أوامر فتح النار ضد الفلسطينيين الذين يطلقون الألعاب النارية في شرقي القدس. وعندما حاول المفتش العام الرد، حدد بن غفير ساعة النقاش وأغلق المحادثة، وهذه ممارسة تتكرر.
الاندفاع واضح حتى عندما يتعلق الأمر بالتعليمات العملياتية. “نسمع عن التعليمات في وسائل الإعلام”، قال مصدر في الشرطة. وقال ضابط آخر “من هناك (أي عبر التك توك) أعرف ما الذي يصدره بن غفير”.
لا تلاحظ الشرطة أي اهتمام من قبل بن غفير بعمل الشرطة، على الأقل في الحالات التي لا تكون مصحوبة بتغطية إعلامية. وبالتالي، لم يقم الوزير حتى الآن بجولة مهنية واحدة في أي مركز للشرطة. وقال مصدر رفيع في الشرطة: “لم يأت ولو ساعة واحدة إلى أي مركز للشرطة منذ توليه للمنصب”. وقال ضابط آخر: “نتوسل إليهم (رجال الوزير) بأن يحددوا جولة ميدانية، فيرد المكتب: سنعود إليكم”. حتى الآن لم يكن مطلوباً من غفير البت في التعيينات المتوقعة في المناصب العليا في الشرطة، وعلى رأسها منصب نائب المفتش العام للشرطة. وعده برفع رواتب الشرطة لم ينفذ. “مع كل الحديث، لم نر منه حتى الآن أي شيكل”، قال شبتاي في محادثات مغلقة.
توبيخات بن غفير العلنية لا تقتصر على المفتش العام للشرطة. فهو وجهها أيضاً لعدد من المفتشين. أحدهم هو قائد منطقة الشاطئ يورام سوفر، الذي تعرض للانتقاد من الوزير عقب الاحتفال بإطلاق سراح السجين الأمني كريم يونس. وجاء بعد سوفر دور قائد منطقة تل أبيب عامي ايشد، الذي اتهم بشكل غير مباشر بأنه لم يتعامل بحزم مع المتظاهرين ضد الحكومة. حينها، أعلن بن غفير أثناء مظاهرة في القدس عن استدعائه لـ “محادثة استيضاح” لقائد المنطقة دورون ترجمان بسبب “فقدان الشرطة على السيطرة على عدد من الفوضويين”. في هذه المرة، خرج شبتاي علناً للدفاع عن ترجمان الذي اعتبر من مقربيه. في الأسبوع الماضي، هاجم جنود حرس الحدود الذين أخلوا كرماً لمستوطنين، وقال إنهم استخدموا “العنف المتطرف”. رداً على ذلك، نشر قائد حرس الحدود، امير كوهين، بياناً خاصاً به دعم فيه رجال الشرطة. يريدون المفتشون بينهم وبين أنفسهم دعم بعضهم أمام الانتقاد.
الأصوات التي تسمعها القيادة العليا للشرطة تعكس خوفاً عميقاً إزاء سلوك الوزير المعين، الذي ليس له أي ماض أمني، خاصة في فترة حساسة جداً. “نحن عشية شهر رمضان والجميع يحاولون التهدئة ولكنه جاء للإشعال”، قال ضباط كبار في الشرطة. “سلوكه غير مشروع، وهو سلوك شخص هاو. هو لا يستمع لأي أحد باستثناء حنمئيل (رئيس طاقمه حنمئيل دورفمان)، الذي يسخنه. الجميع يحذرون، ولكن رأسه في الحائط. الجميع يعملون حسب العلاقات العامة وما يبدو جيداً، وهذا سيكلفنا ثمناً باهظاً.
ردا على ذلك جاء من بن غفير: “الادعاء الذي يقول بأن الوزير بن غفير لم يقم بزيارة أي مركز للشرطة هو ادعاء مضحك ولا أساس له. إن ما يزعج الجهات التي تقدم الإحاطات هو قرار الوزير تغيير السياسة، بينما كانت القاعدة حتى الآن هي التخلص من المشاكل وكنسها تحت السجاد، يأتي الآن وزير ويرسم سياسة معاكسة بـ 180 درجة. وبالفعل، يرى الوزير أنه من الحيوي العمل بحزم وقوة للقضاء على البنية التحتية الإرهابية في شرقي القدس، وتصعيد الحرب ضد عائلات الجريمة وضد أعمال الاغتصاب والإجرام، وكل ذلك لإعادة السلام والأمن إلى الشوارع. ويتوقع من هذه الجهات التي تقدم الإحاطات، وهي غير كثيرة، العمل بحسب القانون وتنفيذ السياسة التي تم وضعها”.