أثار قرار المحكمة الإسرائيلية العليا، التي حكمت في وقت سابق، اليوم أن تعيين زعيم حركة "شاس"، أرييه درعي، وزيرا في حكومة بنيامين نتنياهو، البلبلة في أوساط الائتلاف الحكومي، وسط تصاعد التساؤلات حول تداعيات قرار العليا على الحكومة الإسرائيلية الـ37.
يأتي ذلك فيما أشارت تقارير إسرائيلية إلى أن حزب "شاس" سيختار تعيين ابن الوزير درعي، يانكي درعي، في منصب وزير الداخلية، خلفا لوالده، وسط تقديرات بأن نتنياهو سيقر هذا التعيين، منعا لتشكل أزمة تعرقل عمل الحكومة، علما بأن يانكي درعي غرّد على تويتر قائلا: "على كرسيه لا يجلس غريب"، في إشارة إلى أنه قد يتولى المنصب.
وبدورها قالت صحفة معاريف العبرية:" تقديرات بأن آريه درعي سيستقيل غدًا من منصبه كوزير للصحة ووزير الداخلية، وسيعمل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على تعجيل قرار تعيين درعي كرئيس وزراء بديل .
وفي "شاس" يرون أن إيجاد حل للهذه القضية تقع على عاتق رئيس الحكومة، نتنياهو، الذي وصل مساء اليوم إلى منزل درعي، فيما أصدر رؤساء الائتلاف الحكومي بيانا عبروا فيه عن دعمهم لدرعي واستنكروا قرار العليا، وشددوا على أنهم سيتخذون "كل الإجراءات القانونية المتاحة"، لـ"تصحيح الظلم والضرر الجسيم"، الناتج عن إلغاء تعيين درعي.
وفي ظل التصريحات الصادرة عن المسؤولين في "شاس" حول قرار المحكمة الذي اتخذته بأغلبية 10 قضاة مقابل قاض واحد، تتصاعد التساؤلات حول ما إذا كان هذا القرار سيؤثر على مستقبل الحكومة الإسرائيلية، خصوصا في أعقاب التصريحات الصادرة عن قادة في "شاس" بأن الحزب "لن يبقى في الحكومة إذا خرج درعي منها".
ودرعي هو وزير الداخلية والصحة في الحكومة التي تشكلها نتنياهو ونالت ثقة الكنيست نهاية الشهر الماضي.
وفي أعقاب قرار العليا بإبطال تعيين درعي، يبدو أن الخيارات أمام نتنياهو محدودة، وتترواح بين إقالة درعي أو دفعه إلى الاستقالة، وإطلاق عملية تشريعية قد تكون معقدة، تمهد الطريق أمام درعي للعودة إلى السلطة أو البحث عن بدائل أخرى عبر التوصل إلى تسوية بين نتنياهو ودرعي.
المناصب التي يتولاها درعي والبدائل المطروحة
ومن بين الحلول المطروحة على طاولة الائتلاف الحكومة، هو تعيين شخصيات بديلة في المناصب التي كان يتولاها درعي؛ والأسماء المطروحة هي موشيه سيمان بار-طوف في منصب وزير الصحة؛ وكل من أريئيل أتياس ويانكي درعي (ابن رئيس حزب شاس) وموشيه أربيل، في منصب وزير الداخلية.
نتنياهو يواجه حلين محتملين:
وفي ظل الظروف الراهنية، والتقارير الواردة من الليكود وشاس، يواجه نتنياهو خيارين محتملين:
تعيين درعي في منصب رئيس حكومة البديل - وهو احتمال من المتوقع أيضًا أن يواجه عقبات قانونية.
سن تشريع خاطف لإلغاء حجة "عدم المعقولية" ثم إعادة تعيين درعي وزيرًا - وهذا هو الحل المفضل لدى معظم المسؤولين في "شاس".
في تصريحات للإذاعة العامة الإسرائيلية، قال وزير الرفاه، يعقوب ميرغي ("شاس")، إنه "إذا لم يكن أرييه درعي في الحكومة - فلن تكون هناك حكومة". وأضاف أنه لا توجد مشكلة قانونية في تعيين رئيس حزبه، رغم إدانته بجرائم فساد وتهرب ضريبي، مشددا على أن نتنياهو هو من سيحسم القضية.
وقضت المحكمة العليا الإسرائيلية بأن على نتنياهو أن يقيل درعي من الحكومة كونه مدانا بالتهرّب الضريبي، وردّت أحزاب في الائتلاف الحكومي معارضة القرار. وقالت المحكمة العليا في نص القرار الذي تلقى "عرب 48" نسخة منه، إن تعيين درعي وزيرا للداخلية ووزيرا للصحة "يتجاوز حدود المعقولية"، مضيفة أن "معظم القضاة قرّروا أن هذا التعيين كان معيبًا بشدة ولا يمكن القبول به، وبالتالي على رئيس الوزراء إقالة درعي من منصبيه".
مبدأ "عدم التناقض" والغاء التعيين
وأوصد القرار الصادر عن العليا، جميع الأبواب المتاحة لعودة درعي للحكومة، وذلك بسبب اعتماد خمسة قضاة من بين القضاة الـ10، على مبدأ "عدم التناقض القضائي" (استوبل)، كحجة لإلغاء تعيين درعي، بالإضافة إلى حجة "عدم المعقولية"، التي أقرها سبعة من بين القضاة الـ10 الذين قرروا إلغاء التعيين.
وينص مبدأ "عدم التناقض" على "إسكات المتقاضي"، بمعنى رد ادعاءاته، بسبب تناقضها مع ادعاءات كان قد قدمها في دعوى أخرى، وبمقتضى هذا المبدأ لا يجوز للشخص أن يتناقض مع نفسه، والآلية القضائية المتبعة هي الدفع بعدم القبول أو عدم سماع الدعوى بسبب التناقض الواقع في حدود موضوع القضية.
وتشير التقارير إلى أن مبدأ "عدم التناقض" جعل عودة درعي إلى منصب وزاري شبه مستحيلة، حتى لو اتخذ الائتلاف الحكومي إجراءات تشريعية خاطفة لإلغاء حجة "عدم المعقولية"، وسيتعين على الائتلاف الآن إجراء مناقشات إضافية حول الوضع الجديد والبحث عن حلول في إطارها يمكنهم إعادة شرعنة درعي، الذي سبق أن قال في الأيام الأخيرة في محادثات مغلقة أن "المسؤولية تقع على عاتق نتنياهو، وهو بحاجة إلى حل هذه المشكلة".
وأدين درعي في العام 2022 بالتهرب الضريبي، لكنه لتجنّب السجن، توصل الى اتفاق مع المحكمة بأن يقرّ بالذنب، ويدفع غرامة قدرها 180 ألف شيكل، ويتنازل عن مقعده في الكنيست. وقالت المحكمة إن "درعي عندما توصل الى اتفاق مع محكمة الصلح التي بتت في مخالفاته الضرائبية، كان عليه التقاعد من الحياة السياسية".
وكتبت رئيسة المحكمة، القاضية إستير حيوت، في قرارها أن "درعي أدين بمخالفات فساد خطيرة، والتعيين يتجاوز حدود المعقولية بشكل واضح. والقرار بشأن تعيين درعي وزيرا في الحكومة وعدم استخدام الصلاحية بنقله من منصبه هو قرار يتجاوز حدود المعقولية بشكل متطرف".
واستهجن رؤساء الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي قرار المحكمة وأعربوا عن صدمتهم وقالوا "أصبنا بالصدمة والألم والحزن" من القرار، مضيفين "قدرات درعي الاستثنائية وخبرته الواسعة هي ما تحتاجه إسرائيل في هذه الأوقات المعقدة أكثر من أي وقت مضى".
وقالت حركة "شاس" التي يرأسها درعي في بيان، إن "المحكمة العليا التي تدّعي رعاية الأقليات ألقت في القمامة اليوم أصوات 400 ألف ناخب من حركة شاس التي تمثل المحرومين في إسرائيل والتي حصلت على 11 مقعدا" في الكنيست في الانتخابات الأخيرة.
ووصف وزير القضاء، ياريف ليفين، القرار، بأنه "سخيف"، لأنه "ألغى أصوات معظم الإسرائيليين الذين صوتوا لائتلاف يعرفون أن درعي سيكون عضوا بارزا فيه". وقال"سأفعل كل ما هو ضروري لتعديل كامل الظلم الذي لحق بدرعي وشاس والديمقراطية الإسرائيلية".