لا تختلِف عاقلان حتى من أشّد غلاة الصهاينة في كيان الاحتلال على أنّه بالرغم من عدم تكافؤ القوّة بين المقاومة الفلسطينيّة، وتحديدًا بالضفّة الغربيّة المُحتلّة وبين جيش الاحتلال الإسرائيليّ، الذي يُعتبر من أقوى الجيوش في العالم، لا يختلِفان على أنّه رغم الجهود الجبارّة وجرائم الحرب التي ارتُكِبَت لترويض وتطويع الشعب الفلسطينيّ بالقوّة باءت جميعها بالفشل، كما أنّ الأحداث الأخيرة والتي سبقتها أثبتت بشكلٍ غيرُ قابلٍ للتأويل بأنّ التنسيق الأمنيّ بين الاحتلال وبين الأجهزة الأمنيّة التابِعة لسلطة رام الله لم يُسعِف الاحتلال في مساعيه لوأد المقاومة.
وفي هذا السياق، كشف مُحلِّل الشؤون العسكريّة بصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، يوسي يهوشواع، نقلاً عن محافل رفيعةٍ جدًا بالمؤسسة الأمنيّة في تل أبيب، كشف النقاب عن أنّ حربًا فعلية تدور الآن في كلّ مكانٍ، وفي الليل والنهار في المناطق الفلسطينية ازدادت حدتها في الأسابيع الأخيرة، مضيفًا في ذات الوقت أنّ الاحتكاك وكذلك مستوى الجرأة لدى الفلسطينيين يزداد، على ما نقله عن مصادره.
المُحلّل تابع قائلاً إنّه “عندما نسأل ضباط الجيش والشاباك (جهاز الأمن العّام) ماذا تغيّر، يُجيبون أنّ المنطقة اليوم مشبعة ومليئة بالسلاح الناريّ. وعلى هذا النحو، إلقاء الحجارة على الآليات العسكرية التي تدخل إلى المدن الفلسطينية استُبِدَل بزجاجات حارقة وإطلاق نيران حية، الأمر الذي يدفع قوات الجيش للرد بالمثل، وقتل فلسطينيين، وهذا ما يؤدي إلى إقامة خيم عزاء، وعمليات انتقام، وإلى عودة حلقة دامية مدمرة”، وفقًا لما نقله عن ضبّاط الاحتلال وجهاز (الشاباك).
وشدّدّ المحلل، نقلاً عن ذات المصادر، على أنّ “ضعف السلطة الفلسطينيّة وعدم دخول قواتها الأمنيّة إلى أماكن مثل جنين وأخرى مكتظة أحدث فراغًا أدّى إلى نموّ أماكن مقاومة مليئة بالأسلحة والعبوات، وكلّ هذا يتطلّب دخول جنود جيش الاحتلال لإحباط العمليات التي تتدحرج منها إلى الخارج، ويصطدمون بعنفٍ شديدٍ”، على حدّ تعبيره.
المُحلِّل، الذي لا يُخفي ارتباطه واعتماده على المؤسسة الأمنيّة بالكيان، خلُص إلى القول إنّه يجب الأخذ بالحسبان أيضًا تصريحات العميد عميت ساعر رئيس قسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات الإسرائيلية التي جاء فيها “لسنا في عالم حلّ النزاعات، والسلطة الفلسطينيّة أحدثت فجوةً بين القيادة والشعب غير المكترث لها، وهي تفقد الحافزية والشرعية”، على حدّ تعبير الضابط الإسرائيليّ.
ولفتت الصحيفة العبريّة أيضًا إلى أنّ العام 2022 الذي سينتهي قريبًا سيُسجّل على أنه أحد الأعوام الأكثر دموية في المواجهة الإسرائيليّة الفلسطينيّة، إذ قتل فيه 31 إسرائيليًا وقضى 150 فلسطينيًا في ثلاثة مجالات مختلفة، خمسة منهم سقطوا يوم أوّل من أمس الخميس فقط.
وبحسب الصحيفة، سنة الذروة في العقد الأخير كانت 2015 مع 121 شهيدًا فلسطينيًا منذ بداية انتفاضة السكاكين، وفي سنة 2016 التي استمرت خلالها موجة من الانتفاضة سقط خلالها 91 قتيلًا إسرائيليًا، أمّا في السنوات التالية فسُجلت أرقام أقلّ، ففي سنة 2017، سقط 38 قتيلًا إسرائيليًا، وفي سنة 2018، 36 قتيلًا، وفي سنة 2019، 27 قتيلًا، وفي سنة 2020، 20 قتيلًا، فيما سُجل في سنة 2021، في أعقاب الأحداث التي حصلت في عملية “حارس الأسوار” 80 قتيلًا، وفقًا للصحيفة العبريّة.
ولفتت الصحيفة الى أنّه إضافة لذلك، فإنّه منذ بداية هذه السنة أحبط جهاز (الشاباك) وجيش الاحتلال الإسرائيليّ أكثر من 450 عملية كبيرة، من بينها: 36 عملية زرع عبوة، وأكثر من 300 عملية إطلاق نار، عمليات خطف، دهس وطعن، بحسب الصحيفة الإسرائيليّة، التي اعتمدت على إحصائياتٍ رسميّةٍ لجيش الاحتلال.