المصالحة الفلسطينية.. صحيفة: خلافات تفجرت خلال اجتماعات الجزائر أكبر مما أعلن عنها

الأحد 16 أكتوبر 2022 04:08 م / بتوقيت القدس +2GMT
المصالحة الفلسطينية.. صحيفة: خلافات تفجرت خلال اجتماعات الجزائر أكبر مما أعلن عنها



غزة/سما/

بالرغم من الآمال المعقودة على التحركات الجزائرية تجاه ملف المصالحة الفلسطينية، بعد عقد القمة العربية القادمة، إلا أن مسؤولون فلسطينيون شاركوا في اجتماعات الجزائر الأخيرة التي انتهت بالتوقيع على إعلان مصالحة جديد، قللوا من قدرة تلك التحركات، على طي صفحة الانقسام، بسبب ما دار خلال لقاءات المصالحة.

فتور فلسطيني بعد الاتفاق
وبحسب صحيفة  “القدس العربي” أن خلافات كبيرة تفجرت خلال اجتماعات الجزائر، أكبر مما أعلن عنها قبل التوقيع على الاتفاق، وحسب مصدر مشارك في تلك الاجتماعات، فإن التباينات في المواقف، ورفض حركة حماس القبول بتشكيل حكومة وحدة أو توافق وطني، يقبل بالقرارات الدولية وبرنامج المنظمة، كاد يطيح بالجهود، وينهي اللقاءات التي رعتها الجزائر، بدون تحقيق أي تقدم، ولا حتى الإعلان الذي وقع عليه، والذي خلا من أي برامج عملية للمصالحة.

وخلال تلك اللقاءات التي دامت لثلاثة أيام، بعد تمديدها يوما كاملا لتجاوز الخلافات حول بعض بنود الورقة المقدمة، تدخل فريق الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بشكل مباشر، وكذلك الفريق المكلف من الخارجية والأمن، من أجل تجاوز نقطة الخلاف الرئيسة، والتي تشكل العمود الفقري لأي اتفاق مصالحة، وهي حكومة الوحدة وبرنامجها.

ويؤكد المصدر أن الخلاف حول الحكومة، كان حاضرا قبل الذهاب إلى الجزائر، وأن الفصائل التي شاركت في اللقاءات الاستكشافية حذرت الفريق الجزائري المكلف بالإشراف على المصالحة، من مغبة عدم صياغة اتفاق يرضي الطرفين، في ظل التباين الكبير في وجهات النظر.

ويشير المصدر الذي تحدث لـ”القدس العربي”، أنه بسبب الخلاف حول نقطة الحكومة، وعدم التوصل لحل يقبله الطرفين (فتح وحماس)، كان هناك اعتقاد لدى بعض الفصائل بعدم قيام الجزائر على تنظيم الاجتماعات الخاصة بالمصالحة، وتحديدا بعد لقاءات وفدي فتح وحماس الأخيرين في الجزائر، قبل عقد اللقاء الموسع بأكثر من أسبوع.

وفي دلالة على الاكتراث بما جرى في الجزائر، لم يلاقي الاتفاق أي تفاعلا حقيقيا من الفلسطينيين، على خلاف الاتفاقيات السابقة، وذهب الكثيرون إلى التعبير عن عدم ثقتهم بالتطبيق، من خلال منشورات على مواقع التواصل.

والجدير ذكره أن الاتفاق الموقع من قبل الفصائل الفلسطينية في الجزائر قبل أيام، تضمن تسع نقاط، كان أبرزها بعد شطب بند الحكومة، إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس في مدة أقصاها عام من التوقيع.

ونص أيضا على تكريس مبدأ الشراكة السياسية بين مختلف القوى الوطنية الفلسطينية، وعلى اتخاذ الخطوات العملية لتحقيق المصالحة الوطنية عبر إنهاء الانقسام، وعلى تعزيز وتطوير دور منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيل مؤسساتها بمشاركة جميع الفصائل الفلسطينية، باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بجميع مكوناتها ولا بديل عنها.

خلاف الحكومة يضعف التنفيذ
وكان القيادي في حركة الجهاد الإسلامي أحمد المدلل، قال إن جولات حوارات المصالحة الفلسطينية في الجزائر انتهت بإعلان اتفاق أجمعت الفصائل الفلسطينية على قبوله، بعد “نقاشات حادة” بين جميع الأطراف.

وكشف عن خلاف حول بند تشكيل حكومة وطنية تلتزم بالقرارات والقوانين الدولية، بعدما تم الاتفاق على هذا البند، مشيراً إلى أنه “في القراءة الأخيرة أعلن عزام الأحمد رئيس وفد فتح أن رئيس السلطة أخبره بأن يتضمن البيان التزام حكومة الوحدة الوطنية بقرارات الشرعية الدولية؛ ما فجَّر حالة الخلاف من جديد، حيث إننا ومعنا حماس والجبهة الشعبية (القيادة العامة) رفضناه رفضاً قاطعاً”.

وأوضح أنه خروجاً من حالة الخلاف، تم شطب بند حكومة الوحدة بأكمله، وتم الاحتفال بإعلان اتفاق الوحدة بدونه، خلال احتفالية كبيرة نظمها الجزائريون، في قاعة المؤتمرات الكبرى، بحضور الرئيس الجزائري، وأركان حكومة الجزائر، وما يقارب 600 شخصية دبلوماسية من دول شتى، ورجال سياسة وفكر ومجتمع.

وأكد القيادي المدلل أن الخطوة الأهم الآن هي تنفيذ مخرجات هذه الحوارات، وأن تكون هناك إرادة سياسية في هذا الاتجاه.

وأوضح المدلل والذي كان عضو في وفد حركته لتلك الحوارات، أن حركة الجهاد الإسلامي ركَّزت في حوارات الجزائر على ضرورة دعم صمود الشعب الفلسطيني ومقاومة الاحتلال الإسرائيلي، وحقه في ممارسة المقاومة بكافة أشكالها، وتفعيل منظمة التحرير، وإجراء انتخابات مجلس وطني جديد خلال عام في الوطن والشتات.

يشار إلى أن وليد العوض عضو المكتب السياسي لحزب الشعب، عبر بشكل واضح عن ضعف فرص تطبيق الاتفاق، حين قال “إن أي اتفاق لا يتضمن تشكيل حكومة موحدة تعمل على وحدة المؤسسات وتحضر لإجراء الانتخابات وتعالج الأزمات، ودون الهبوط بالموقف السياسي، سيكون مجرد ذر للرماد في العيون”.

وقد كشف قبيل التوقيع على “إعلان الجزائر” عن شطب البند رقم 7 الخاص بتشكيل حكومة جديدة، تشرف على توحيد المؤسسات الفلسطينية، وكذلك تشرف على عملية الانتخابات، والتي تعد ركنا أساسيا لنجاح أي اتفاق مصالحة قادم.

تحركات بعد القمة
وتترقب الفصائل التي شاركت في تلك الحوارات، أن تشرع الجزائر بعد عقد القمة العربية مطلع الشهر القادم، وتأييد اتفاق المصالحة الذي رعته من القمة العربية، أن تشرع بخطوات جديدة، من أجل العمل على تثبيت البنود التي وردت فيه، والبدء بتطبيقها بشكل عملي، خلال مدة العام، رغم التشكيك في هذه القدرة، بسبب ملف الانتخابات، التي تطلب القيادة الفلسطينية، أن يكون هناك تعهد دولي بعدم قيام إسرائيل، برفض إجراء الانتخابات في القدس الشرقية.

وعلمت “القدس العربي”، أن مسؤولين كبار في الجزائر أجروا عقب الاتفاق، اتصالات مع آخرون فلسطينيون في رام الله، ضمن الفريق المقرب من الرئيس محمود عباس، تطرقوا خلاله لبحث الخطوات القادمة.

والجدير ذكره أن البند التاسع في “إعلان الجزائر” للمصالحة نص على تولى فريق عمل جزائري – عربي الإشراف والمتابعة لتنفيذ بنود هذا الاتفاق بالتعاون مع الجانب الفلسطيني، على أن تدير الجزائر عمل الفريق.

وفي هذا السياق، قال عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية ماهر مزهر، إن اللجنة الجزائرية العربية الخاصة بالإشراف على تنفيذ ومتابعة “إعلان الجزائر” من المقرر أن تبدأ أعمالها بعد انعقاد القمة العربية المزمع عقدها في مطلع نوفمبر المقبل”.

وأشار في تصريحات إلى أن الجزائر ستعرض تفاصيل ما اتفق عليه الفلسطينيون في “إعلان الجزائر” في القمة العربية كإنجاز جديد في مسار القضية الفلسطينية في خطوة لقطع الطرق على المطبعين وتوفير مزيد من الدعم للشعب الفلسطيني، لافتًا إلى أن هذا الإعلان بحاجة لـ”خطوات عملية على الأرض” للبدء بتنفيذه من قبل حركتي فتح وحماس بدرجة أولى، على اعتبار أنهما المسئولتين عن إدارة قطاع غزة والضفة الغربية والطرفين الرئيسين في الانقسام.

مطالبات لفتح وحماس باتخاذ “خطوات عملية” للبدء بتنفيذ الاتفاق على الأرض

وأكد على أهمية عقد لقاءات سريعة لوضع الأسس للشروع بتنفيذ “إعلان الجزائر” وإصدار المراسيم من الرئيس محمود عباس لعقد الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وعقد اجتماع للقاء الأمناء العامون.

وقال إن تشكيل اللجنة الجزائرية العربية للبدء بالإشراف على المصالحة وتنفيذها “يشكل أمراً هاماً لإنهاء الانقسام”.

وطالب أيضا حركتي فتح وحماس لـ”تحمل المسؤولية الوطنية وتوفير الإرادة الحقيقة لإنهاء الانقسام للتفرغ لقضايا شعبنا الأساسية لاسيما في ظل ما يتعرض له أبناء الشعب الفلسطيني من انتهاكات الاحتلال في شتى المناطق”.

وأضاف “حال لم يلتزم أي طرف بتطبيق ما تم الاتفاق عليه في الجزائر فالمطلوب خطوات شعبية في كافة أنحاء الوطن لوقف هذا الانقسام الأسود للأبد”.

جدير ذكره أن الاتحاد الأوروبي وروسيا والعديد من الدول العربية والإسلامية رحبت باتفاق الفصائل الفلسطينية في الجزائر، ووصفته بـ”المشجع”، ودعا الاتحاد الأوروبي الفصائل الفلسطينية لتكثيف الجهود نحو تحقيق وحدة سياسية فلسطينية فاعلة، والاتفاق على جدول زمني لإجراء انتخابات وطنية ديمقراطية.

كما رحب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بالاتفاق، ووصفه بأنه “خطوة إيجابية نحو المصالحة الفلسطينية الداخلية”.