خبر : كله على حساب القضية والشعب ... جهاد الخازن

الأربعاء 21 أكتوبر 2009 12:27 ص / بتوقيت القدس +2GMT
كله على حساب القضية والشعب ... جهاد الخازن



ثمة خرافة في الحديث عن الوضع الفلسطيني هي أن ما يمنع المصالحة تدخل قوى خارجية، بعضها عربي وبعضها أجنبي، وربما قلت هذا بنفسي يوماً، غير أنني وصلت الى قناعة أخيراً هي أن الخلاف فلسطيني - فلسطيني، وعلى السلطة، أما الدول الأجنبية فبريئة براءة الذئب من دم ابن يعقوب.اليوم عندنا فريق فلسطيني يريد المفاوضات ولا يفاوض، وفريق يصر على المقاومة ولا يقاوم، والمصالحة متعثرة، وإذا تحققت فهي في النصوص لا النفوس، فقناعتي الأخرى أن توقيع اتفاق المصالحة لن يؤدي الى تنفيذه، وقد رأينا فتح لا تقدم ما يسهل تنفيذه، ورأينا حماس تتذرع بتقرير غولدستون الذي هاجمته وكاتبه كحجة لعدم المضي في المصالحة. يحدث هذا وإسرائيل متهمة، بل مدانة، في نظر العالم كله (باستثناء الكونغرس الأميركي)، وبعد 60 سنة واليهودي ضحية وإسرائيل تبتز العالم، تحوّل الضحية الى قاتل يعامل الفلسطينيين كما عامله النازيون. وبدل أن يستغل الفرقاء الفلسطينيون الوضع لمصلحة قضيتهم نجدهم يعملون كل شيء لإنقاذ حكومة الفاشست الإسرائيليين التي تعيش حالة رعب كبير من تعامل العالم الخارجي معها. مع حرب الفلسطينيين بعضهم على بعض قال بنيامين نتانياهو عن تقرير غولدستون إن الدول التي صوَّتت موافقة عليه في مجلس حقوق الإنسان صوَّتت ضد السلام ومع الإرهاب، وهو إرهابي عدو السلام يستعمل الخلافات الفلسطينية كورقة تين يخفي وراءها عوراته السياسية. أما حارس المواخير أفيغدور ليبرمان فقال إن كل من يؤيد التقرير يجب أن يقدر أن التقرير المقبل قد يكون عن جنود الناتو في أفغانستان، أو الجنود الروس في الشيشان، وكأنه يعتقد أن كل جيوش العالم إرهابية نازية كالجيش الإسرائيلي. هل لاحظ القارئ شيئاً جديداً في الوضع الفلسطيني خلال الأشهر الأخيرة؟ هناك وساطة مصرية مستمرة لأن قطاع غزة على حدود مصر وفيه فصيل إسلامي حاكم خلفيته من الإخوان المسلمين، وله علاقة مباشرة مع إيران، أي أن الوساطة المصرية مصلحة مصرية قبل أي اعتبار آخر. وقد غسلت الدول العربية أيديها من الفلسطينيين، والملك عبدالله بن عبدالعزيز، راعي اتفاق مكة، لا يريد الكذب عليه مرة أخرى، فالمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، والملك عبدالله الثاني يبدي القلق ويحذِّر ولا يتدخل حتى لا تحترق أصابعه، وسورية تركت الفلسطينيين يقلعون شوكهم بأيديهم، حتى إن الرئيس بشار الأسد لا يحاول جمع أبو مازن وأبو الوليد عندما يزور الرئيس الفلسطيني دمشق، ثم هناك قطر التي كانت قيادتها بين أنشط الوسطاء العرب، وأصبحت تتوسط في أفريقيا والشرق الأوسط، وربما أميركا اللاتينية إذا طلب منها، ولكن ليس بين الفلسطينيين. في غضون ذلك إدارة أوباما تقول كل كلام طيب مطلوب وتتخذ كل إجراء تمليه عليها إسرائيل، و «أسمع كلامك يعجبني أشوف عمايلك أستعجب». الفلسطينيون الآن مقبلون على فراغ دستوري إذا لم تجر انتخابات متزامنة رئاسية وتشريعية في 25 كانون الثاني (يناير) المقبل، أو نحو ذلك. ويفترض أن يدعو الرئيس الى الانتخابات قبل ثلاثة أشهر من إجرائها، وهو ومساعدوه لمحوا ثم صرحوا بموقف له في 25 من هذا الشهر. غير أن حماس لا تريد الانتخابات، فهي قانعة بإمارة إسلامية في غزة، أصبحت الصحافة البريطانية الليبرالية المؤيدة عادة تنقل عنها أخباراً مقلقة، ففي الأسبوع الماضي نشرت «الإندبندنت» خبراً على امتداد صفحتين عنوانه «بعد القصف المخدرات تضرب غزة» ويتحدث كاتبه دونالد ماكنتاير عن لجوء أهل غزة الى العقاقير المنومة والحشيشة فراراً من بؤسهم. ويوم الإثنين الماضي نشرت صحيفة «الغارديان» في صفحتين أيضاً، مقالاً كتبه روري مكارثي عنوانه «رمال متحركة: شرطة حماس في دوريات على الشاطئ لفرض نظام لباس محافظ»، وكأن القضية كلها أصبحت بنطلوناً ضيقاً كما قرأنا، أو أغرب منه، في التحقيق نفسه، حديث وزير الأوقاف في الحكومة المقالة طالب أبو شعر عن برنامج «الفضيلة» وقوله عن الحجاب إنه جزء أساسي من الإسلام «وفي أهمية الصلاة». الحجاب من الفروض مثل الصلاة والصوم وحج بيت الله؟ أرجو أن يكون المراسل أخطأ لأن المنشور يمثل طالبان. في النهاية، لا نهاية للخلافات الفلسطينية، والسلطة تريد انتخابات متزامنة لأنها تعتقد أن حماس ستدفع ثمن سياستها، وحماس لا تريد الانتخابات، فبالإضافة الى الخلاف على قانون الانتخابات نفسه هناك سبب مشروع لقلقها هو أن ملاحقة قادتها ومحازبيها في الضفة ستؤدي الى خسارتها، وهذا صحيح، ومثله أن الخلاف الفلسطيني - الفلسطيني هو على من يربح ومن يخسر، وكله على حساب القضية والشعب.