خبر : معركتا المصالحة وغولدستون .. بقلم مصطفى إبراهيم

السبت 17 أكتوبر 2009 08:34 م / بتوقيت القدس +2GMT
معركتا المصالحة وغولدستون .. بقلم مصطفى إبراهيم



غزة / سما  / كان لقرار حماس تأجيل المصالحة والتوقيع على الورقة المصرية وقع الصدمة على الفلسطينيين، توازي الصدمة التي وقعت عليهم على إثر قرار السلطة الفلسطينية تأجيل التصويت على تقرير غولدستون. فبعد أن تلقى الفلسطينيون تصريحات خالد مشعل الجدية والايجابية المتفائلة من القاهرة الشهر الماضي عن قرب التوصل إلى المصالحة بنوع من الشك، إلا أنهم عبروا عن سعادتهم بتلك التصريحات، وما لبثت تلك التصريحات والتفاؤل أن أصبح شيئاً من الماضي، والتشاؤم سيد الموقف استمراراً لما اعتادوا عليه خلال العامين الماضيين من المماطلة والتأجيل المتكرر للمصالحة. وأضيف فصل جديد من فصول المأساة الفلسطينية المتمثلة باستمرار الانقسام والشرذمة وحفلات الردح المتبادل من طرفي الصراع، ودخلت الساحة الفلسطينية من جديد في حالة من الاتهامات والتخوين ومحاولة كل طرف فرض رؤيته ومصداقيتها. إن ما قرار قيادة السلطة الفلسطينية تأجيل للتصويت على تقرير غولدستون خطير، واعتبره الكل الفلسطيني استخفافاً بدماء الضحايا وعذابات ذويهم، وكان الأخطر من ذلك تداعيات التأجيل التي انعكست سلباً على الفلسطينيين، والقرارات التفرديه التي تتخذها قيادة السلطة الفلسطينية، وردات الفعل المتسرعة التي قامت بها حركة حماس، وما وصل إليه الفلسطينيون من احتدام للصراع والانقسام الذي يؤثر على سمعتهم وعدالة قضيتهم التي استعادت بعد العدوان الإسرائيلي الهمجي على قطاع غزة حيويتها في قلوب كثير من المتضامنين والمتعاطفين في أنحاء مختلفة من دول العالم خاصة أوروبا.  فبعد تراجع قيادة السلطة الفلسطينية عن قرارها بتأجيل التصويت على تقرير غولدستون تحت الضغط الشعبي وفصائل العمل الوطني والإسلامي ومنظمات حقوق الإنسان، و تبني مجلس حقوق الإنسان التقرير وتوصياته أصبح لزاماً على طرفي الصراع العودة إلى الحوار الشامل والتوقيع على اتفاق المصالحة والوحدة الوطنية، واستثمار المزاج الدولي والعربي والإسلامي المتعاطف مع الفلسطينيين، وكذلك زوال أسباب تأجيل الحوار من خلال اقرار التقرير. كما أن على الجهتين العودة إلى الشعب الفلسطيني الذي ينتظر منهما انهاء الصراع والانقسام، وانجاز المصالحة الوطنية، والتفرغ لترميم ما خلفه الانقسام، ومقاومة الاحتلال بناء على إستراتيجية وطنية يتفق عليها الكل الفلسطيني، والتخلي عن الفردية والارتجال في القضايا الوطنية المصيرية. وقبل كل ذلك مطلوب من الكل الفلسطيني عدم الانتظار، والعمل بشكل مشترك لمتابعة وتنفيذ توصيات تقرير غولدستون من خلال متابعة دبلوماسية عالية، وتشكيل لجنة وطنية عليا من السلطة الفلسطينية ومنظمات حقوق الإنسان وممثلي عن الفصائل الفلسطينية. ومطلوب من الكل الفلسطيني وعلى رأسهم السلطة الفلسطينية الوقوف خلف المقاومة والدفاع عن حق الفلسطينيين في الدفاع عن نفسه وحقه بمقاومة الاحتلال، وتوضيح أن مبدأ النسبة والتناسب والتمييز بين ما ارتكبته قوات الاحتلال الإسرائيلي من جرائم حرب ضد الفلسطينيين وبين المقاومة، وتبرئتها من جرائم الحرب بدءاً من تشكيل لجان تحقيق داخلية من قبل فصائل المقاومة جميعاً، وليس من حماس فقط. ويجب تثمين الدور العربي خاصة المصري أثناء التصويت لحث الدول العربية لتشكل ضغطاً سياسياً عربياً في الجمعية العامة للأمم المتحدة وعلى دول أوربا ووضعهم أمام التزاماتهم بالقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، والاتفاقات الموقعة بين الدول في إطار الأمم المتحدة، والبدء بحملة دولية واسعة للضغط على المجتمع الدولي لتبني توصيات غولدستون ، وتشكيل لجان قانونية عربية فلسطينية، ومن منظمات حقوق الإنسان على المستوى العربي للاستمرار في إعداد ملفات قانونية لملاحقة مجرمي الحرب في دولة الاحتلال. وكذلك الاستمرار في العمل مع منظمات حقوق الإنسان الدولية والمنظمات الإقليمية والدولية، وممارسة الضغط السياسي، وتوزيع الأدوار بين ما هو رسمي يقوم به المستوى السياسي، والبناء على ما قامت به منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية، وما تتمتع به من خبرة كبيرة وواسعة في توثيق الانتهاكات وإعداد الملفات وملاحقة مجرمي الحرب في المحاكم الوطنية والتي قامت بها عدد من منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية منذ فترة. المعركة طويلة وشاقة وإذا تم استغلال الزخم الدولي والعربي والحماس الفلسطيني خاصة لدى منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية، فإننا سننتصر على ذاتنا في النيل من مجرمي الحرب و ملاحقتهم جنائياً والمطالبة بتعويض الضحايا كما نصت توصيات غولدستون. توصيات غولدستون لم تتوقف عند الجرائم المرتكبة أثناء العدوان على غزة بل طالت الحصار، وهذا يتطلب ممارسة ضغط على الأمين للأمم المتحدة للأخذ بتوصيات غولدستون  خاصة وان الأمم المتحدة عضو في الرباعية الدولية التي تشارك في فرض الحصار على قطاع غزة، وكذلك قضية الأسرى. فتوصيات غولدستون طالت مجمل انتهاكات الاحتلال، بما فيها السياسات الإسرائيلية في القدس من بناء المستوطنات والحفريات تحت المسجد الأقصى، وغيرها من الانتهاكات التي تقوم بها دولة الاحتلال. آن الأوان مرة أخرى للفلسطينيين للتوحد وإنهاء الانقسام والتوقيع على المصالحة من دون حاجة لطرف ثالث، والعمل على تبني توصيات غولدستون  التي منحتهم فضاءً أوسع لملاحقة قادة وضباط دولة الاحتلال من خلال حملة إعلامية ودبلوماسية في جميع دول العالم وفضح جرائم الاحتلال، فالاحتلال لا يزال قائماً ويمارس أبشع الجرائم وبشكل يومي، ومن واجب الكل الفلسطيني تسخير كل الطاقات لمعركتي المصالحة وغولدستون، من أجل محاسبة المسؤولين الإسرائيليين وعدم الإفلات من العقاب