هآرتس - بقلم: عوفر اديرت في نهاية مداولات قانونية استمرت خمس سنوات، أخذت المحكمة العسكرية للاستئنافات قرارها بشأن طلب المؤرخ كشف وثائق تاريخية متعلقة بمذبحة كفر قاسم في 1956. ولكن بسبب منع النشر، لا يمكن نشر ما هو القرار. رغم حقيقة أنه تم اتخاذه، لكن لا يمكن معرفة متى وأي الوثائق من هذه القضية سيتم كشفها للجمهور.
المسؤول السابق عن أرشيف الدولة، الدكتور يعقوب ليزوبك، قال للصحيفة بأن “مستوى الغباء في هذا القرار كبير جداً، إلى درجة أن لا حاجة إلى رد إضافي”. وزير التعاون الإقليمي، عيساوي فريج، الذي هو من سكان القرية وكان أحد الشهود في المحاكمة، قال إن “قرار منع نشر قرار قضائي، وبهذا فعلياً إفراغه من المضمون، عمل غير مناسب وغير ديمقراطي”.
المؤرخ آدم راز هو من قدم الطلب في العام 2017، ويعمل الآن في معهد أبحاث “عكفوت”. في حينه انشغل بتأليف كتاب عن المذبحة، وطلب الكشف عن وثائق تاريخية كتبت خلال المحاكمة العسكرية التي جرت في نهاية الخمسينيات ضد الجنود الذين ارتكبوها. المادة التي طلب راز الحصول عليها شملت نحو 600 صفحة لمحاضر وسلسلة وثائق قدمت كأدلة في المحاكمة التاريخية.
المحكمة الحالية التي تناولت كشف المادة جرت وراء أبواب مغلقة. الدولة عارضت الطلب بذريعة أن هناك خوفاً من أن يمس كشف محاضر الجلسات بأمن الدولة وعلاقاتها الخارجية أو حتى بخصوصية وأمن أشخاص معينين.
المسؤول السابق عن أرشيف الدولة، ليزوبك، اطلع على المواد السرية بحكم منصبه، وقدم للمحكمة رأياً مكتوباً، الذي يمنع نشره. “رأيت المادة. لا يمكنني قول ما يوجد فيها، لكني أستطيع القول، في هذا السياق وفي السياق العام أيضاً، بأن الموقف الذي بحسبه وثائق من عشرات السنين يمكنها المس بعلاقات الدولية الخارجية أو النظام العام، هو موقف خاطئ كلياً”.
حدثت مذبحة كفر قاسم في اليوم الأول لحرب سيناء (عملية كديش) في 1956. أطلق جنود حرس الحدود النار وقتلوا 47 عربياً من المواطنين الإسرائيليين من سكان القرية التي تقع في المثلث، بينهم أطفال ونساء. عاد السكان إلى بيوتهم مساء دون أن يعرفوا بأنه تم تبكير وقت حظر التجول الذي فرض عليهم. أطلق الجنود النار عليهم في أعقاب أمر، الذي اعتبر فيما بعد “غير قانوني بشكل واضح”، لإطلاق النار على كل من يشاهد في الشارع. عدد القتلى الإجمالي في المذبحة، كما قال أهل القرية، هو 51 شخصاً، ويضم إليهم أيضاً قتل فتى وشاب من قرى مجاورة، وشيخ توفي بسكتة قلبية بعد سماعه بمقتل حفيده، وكانت جنين، إحدى سكان القرية، تحمله في رحمها.
ثمانية جنود أدينوا بالمشاركة في هذا العمل وأرسلوا إلى السجن، ولكن تم تخفيف عقوبتهم بعد ذلك، وتم إطلاق سراحهم جميعاً دون قضاء معظم فترة السجن. بعد ذلك، حصل جزء منهم على وظائف في الدولة. في محاكمة منفردة تم تقديم العقيد يسخا شدما للمحاكمة، وهو الذي كان قائد المنطقة التي حدثت فيها المذبحة. وقد تمت تبرئته من تهمة القتل، وأدين ببند صغير وهو “تجاوز الصلاحيات”.
ممثلون رسميون إسرائيليون اعتذروا وطلبوا العفو عن المذبحة في عدة مناسبات في العقود الأخيرة. أقيم في كفر قاسم متحف لذكرى القتلى. وثمة مشروع قانون للاعتراف وتخليد رسمي للمذبحة، بواسطة تقديم ميزانية وتعليم، رفض في السنة الماضية وأثار ضجة سياسية.
في آذار الماضي، اتخذت المحكمة العسكرية للاستئنافات قراراً وقع عليه رئيس المحكمة الجنرال احتياط دورون بايلس، الذي تسرح من منصبه بعد ذلك. في البداية، فرض أمر منع نشر كاسح شمل حتى مجرد اتخاذ قرار. في هذا الأسبوع، قلص أمر منع النشر، والآن يمكن النشر بأنه تم اتخاذ قرار. وما زال أمر منع النشر سارياً حول مضمونه.
“بعد عقود، من الواضح أن عدم الكشف عن الوثائق لا يرتبط بمسائل أمنية أو سياسة خارجية، بل بأن الدولة تريد منع نشر معلومات ستحرجها وتظهرها بصورة سلبية”، قال المؤرخ آدم راز.
حسب أقوال راز، فإنه مؤخراً، أي قبل نشر القرار، أعلنت النيابة العسكرية بأنها تراجعت عن معارضة السماح بالاطلاع على جزء كبير من المادة. ومع ذلك، ما زالت تعارض نشر صور وعدد من الوثائق، من بينها المرتبطة بـ “خطة الخلند”، وهي خطة سياسية لطرد سكان المثلث إلى الأردن، والتي هناك من يعتقد بأنها كانت في خلفية المذبحة التي نفذت في القرية. “ما الذي تغير وجعل النيابة تزيل معارضتها للنشر؟ لا شيء. والأمر لا يتعلق بإزالة تهديد أمني ما فجأة، بل هو جزء من الجين المؤسسي للدولة، وهو عدم نشر مواد. الكشف ضروري في هذه الحالة ليس للبحث فقط، بل من أجل الأشخاص الذين يريدون معرفة ما حدث لأعزائهم.
المحامي شلومي زخاريا، ممثل راز، قال إن “سلوك جزء من الجهات كان مقلقاً، وهناك حواجب كثيرة سترتفع عندما يتم الكشف عن كل شيء”. الوزير فريج لخص وقال: “بعد 66 سنة على المذبحة، فإن دولة إسرائيل ذات قوة تجعلها لا تخاف من الحقيقة. نشر المحاضر لن يمس بأمن الدولة، بل بالعكس؛ سيساعد على التئام هذا الجرح. والإخفاء يزيد الألم والتشكك. لقد حان الوقت لتواجه إسرائيل الأقسام الأقل لطفاً في تاريخها”.
وجاء من الجيش الإسرائيلي: “مؤخراً، اتخذ قرار بشأن طلب الاطلاع على مواد من قضية كفر قاسم. حول مضمون القرار يسري منع نشر حسب قرار الرئيس السابق للمحكمة العسكرية للاستئنافات طبقاً لما هو منصوص عليه في القانون”.