أصدرت الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، اليوم السبت، بيانًا في الذكرى الـ47 للنكبة.
وقالت الشعبية، في بيانٍ صحفي: "إنّ شعبنا الفلسطيني يحيي مرور أربعة وسبعين عامًا على أكبر عملية تطهير عرقي ممنهج، جرت في القرن العشرين على يد عصابات الإرهاب والإجرام الصهيوني ضد الإنسان والوجود الفلسطيني وأرضه ومدنه وقراه".
وأضافت: "وهذه الجريمة الإرهابية المنظمة المستمرة بحق الشعب العربي الفلسطيني؛ تمثل إدانة لكل الدول الاستعمارية التي احتضنت ودعمت الحركة الصهيونية، بحيث لا يمكن فصل نكبة شعبنا الفلسطيني واحتلال أرض وطنه، عن السياقات التاريخية التي سبقتها، خاصة اتفاق الدول الاستعمارية المنتصرة في الحرب العالمية الأولى على تقسيم الوطن العربي عام 1916، فيما عرف باتفاقية سايكس بيكو، مروراً بصدور وعد بلفور عام 1917، ومن ثم تمكين الحركة الصهيونية من أرض فلسطين من خلال ما سُميَّ بصك الانتداب البريطاني الذي نص على تنفيذ وعد بلفور".
وتابعت: " مرت أربعة وسبعون عامًا، من حرب التطهير والإبادة والاستيطان الذي يتوسع باضطراد مستمر في أراضي الضفة والنقب والداخل المحتل، لم يقابلها شعبنا الفلسطيني ومعه كل الأحرار والشرفاء من جماهير أمتنا العربية، إلا بالتمسك بحقوقه الكاملة في أرض وطنه، وتوريث هذا الحق للأجيال المتعاقبة، وبقي طوال هذه السنين؛ قابضًا على جمر قضيته الوطنية والقومية، وشق طريق الكفاح والمقاومة من وسط ركام الهزائم المتكررة".
وأكملت الشعبية: "وما يزال شعبنا في مواقع تواجده كافة؛ يسجل بتضحية وإيثارية مشهود لها؛ مهر انتمائه المتجذر لأرضه وحقوقه وأهدافه؛ بدماء أبنائه من الشهداء، وأنّات جرحاه، وعذابات أسراه الذين يسجلون أنصع صفحات المجد والعز والفخار على امتداد أرض فلسطين من القدس إلى جنين إلى قرية الشيخ مؤنس إلى غزة إلى المزيرعة إلى أم الفحم.. إلى حيث يتواجد شبل أو كهل فلسطيني وإلى حيث تتواجد زهرة أو امرأة فلسطينية؛ يزفون لأمتنا وكل أحرار العالم بشائر النصر القادم لا محالة".
وأردفت: "لقد أكدت السنوات الأربعة والسبعين من عمر النكبة ، وما يزيد عن قرن من الصراع مع المشروع الصهيوني الاستعماري العنصري، أنه لا يمكن أن تكون لديه أية قابلية أو استعداد للتنازل أو التراجع عن جوهر مشروعه القائم على التطهير والإبادة والاستيطان والإلغاء ونهب الحقوق والثروات، وكذلك دوره الوظيفي في خدمة المشروع الغربي الإمبريالي الذي يتجاوز في استهدافه لفلسطين؛ شعبًا وأرضًا إلى عموم الأمة العربية، لذلك فإن كل اتفاقيات التسوية أو التطبيع التي قامت على أرضية التصالح مع العدو الصهيوني؛ بدءًا من كامب ديفيد مروراً بأوسلو ووادي عربة وصولاً لما سُمي بالاتفاقات الإبراهيمية، ما هي إلا إضافة مخالب جديدة في قوة المشروع الصهيوني ودولته المصطنعة للانقضاض على الأمة وحقوقها وثرواتها ومصالحها المشتركة".
واستطردت: "وعليه، فإن الرد الطبيعي على كل هذا السقوط والتهاوي والخيانة، هو استمرار إرادة الثبات والاشتباك والممانعة التي يجسدها شعبنا وتجسدها أمتنا، وكل من يقف معه ويدعم صموده ومقاومته يوميًا، وهذا بدوره ما يضع أمامنا وأمام قوى شعبنا الوطنية مسؤولية أعلى ودروسًا غنية وثمينة لا بد أن نتمثلّها".
وأضافت: "أنّ حفظ الرواية التاريخية الفلسطينية والمَظلَّمة التي تعرض لها شعبنا على مدى أكثر من قرن من الزمان، ومواجهة المحاولات المستمرة لتزييف التاريخ وتهويد الأرض والتنكر للحقوق ووصم نضال شعبنا بالإرهاب، بالتمسك بحقوقنا التاريخية في أرض فلسطين كاملة، وبحق اللاجئين في العودة إليها، باعتبار هذا الحق جوهر ومرتكز الصراع مع العدو، وبحقه في الحرية والاستقلال الكاملين، مما يتطلب من "القيادة الرسمية الفلسطينية" التي وقعت اتفاقات أوسلو واعترفت بدولة الكيان الصهيوني، الإقدام على سحب هذا الاعتراف، وإلغاء هذه الاتفاقات، وتنفيذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي المتعلقة بهذا الشأن، إن كانت جادة فيما أعلنته، بعد عملية الاغتيال الصهيوني الجبانة للصحفية الفلسطينية القديرة شيرين أبو عاقلة".
وأوضحت أنّه رغم مكابدة شعبنا لمآسي كبيرة طوال فترة الاحتلال والتي ما تزال منتصبة أمامه، إلا أنه لم ينخدع باتفاقات التسوية وأوهام السلام ووعود المطبعين، ورفد رفضه لكل ما سبق، باستمرار مقاومة أبنائه جيلًا وراء جيل؛ متوسلين في ذلك أدواتها كافة، وهذا ما يؤكد أن وعي شعبنا لطبيعة الصراع وجوهره، هو محفزه الدائم لأن يُبقي جذوة المقاومة مشتعلة، على امتداد مساحة فلسطين التاريخية، وهذا ما يدعونا للإسراع في تشكيل جبهة المقاومة الموحدة التي تؤطر وتنظم وتوحد هذا الفعل المقاوم والشامل.
وتابعت الشعبية: "إنّ فشل رهان العدو ومن يدور في فلكه على ضرب وحدة شعبنا؛ فرغم حالة الانقسام ونتائجه الكارثية، إلا أن شعبنا عمّدَ وحدته الوطنية الميدانية بالاشتباك المستمر مع العدو، وجعل فلسطين وعلمها بألوانه الأربعة؛ بوصلةً وعنوانًا لهذه الوحدة التي تتطلب منا السعي إلى الارتقاء بها، من خلال إنجاز وحدة وطنية تعددية حقيقية، مبنية على استراتيجية وطنية شاملة، تحفظ حقوق وأهداف ومقدرات وطاقات شعبنا الثابتة والتاريخية؛ وتعيد الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية ومشروعها التحرري ودورها التمثيلي الوطني؛ فالأولوية يجب أن تكون للحوار والاتفاق الفلسطيني الداخلي وإنهاء حالة الصراع والانقسام البغيض والكارثي القائم في السلطة وعليها".
وذكرت أنّه عمل العدو الصهيوني منذ بداية مشروعه على أرض فلسطين العربية على فك عرى العلاقة بين فلسطين وعمقها العربي، وهذا ما تجسد فعليًا من قبل الأنظمة الرسمية العربية، بخذلانها للقضية الفلسطينية في المعارك التي خاضها الشعب الفلسطيني على امتداد تاريخ الصراع، وصولًا لتوقيعها اتفاقات التسوية والتطبيع معه، وهذا بدوره ما يؤكد على أن القضية الفلسطينية بالأساس هي قضية عربية، معني بها كل إنسان عربي، كما معني بها كل إنسان فلسطيني، ويتطلب باستمرار مد جسور التواصل والالتحام مع جماهير أمتنا العربية؛ عبر أحزابها وقواها ونقاباتها ومؤسساتها الوطنية والمجتمعية".
واختتمت الشعبية بيانها بالقول: "إنّ الثورة الفلسطينية ضمت وعلى مدار تجربتها المعاصرة؛ مناضلون التحقوا في صفوفها من مختلف أصقاع الأرض؛ منهم من قضى شهيدًا أو أسيرًا أو طريدًا، مما أكد ويؤكد على الطابع الأممي التحرري الإنساني للقضية الفلسطينية، وهذا ما يعني بالضرورة تكثيف العمل لمد جسور العلاقة والتواصل مع القوى والأحزاب العالمية التقدمية وحركات المقاطعة للعدو والداعمة لشعبنا الفلسطيني والمتضامنة مع نضاله الوطني وحقه في الحرية والعودة الاستقلال وتقرير المصير".