أعلن فريق بحثي أوروبي أنه يمكن للذكاء الإصطناعي، إذا استخدم عن عمد، أن يصنع عددا كبيرا من الأسلحة البيولوجية والكيميائية الجديدة تمامًا بسهولة كبيرة، والتي يمكن بعد العمل على تطويرها أن تساعد في تغيير خارطة الحرب على هذا الكوكب، الأمر الذي أثار قلق العلماء.
وبحسب دراسة نشرت يوم 7 مارس/آذار الجاري في دورية "نيتشر ماشين إنتليغنس" (Nature Machine Intelligence) فقد صمم هذا الفريق مولّد جزيئات "ميغاسِن2" (MegaSyn2) وهو عبارة عن خوارزمية تستخدم التعلم الآلي بغرض إيجاد مركبات علاجية جديدة لعلاج الأمراض البشرية.
وتقنية تعلم الآلة أحد فروع الذكاء الاصطناعي التي تهدف لبناء وتطوير خوارزميات تسمح للحواسيب بامتلاك خاصية "التعلم" مثل البشر، أي أن تقوم باستخدام المعلومات المتاحة لاستنتاج قواعد وأحكام عامة، ثم تطبيقها على المعلومات الواردة إليها.
عكس الهدف
في الحالات العادية، تصمم الخوارزمية لتقليل الأضرار ورفع الفائدة، بمعنى أنه بعد أن تُخلّق المركبات الكيميائية في الدورة الأولى للخوارزمية، يتم تنقيحها بالدورة الثانية لتخدم غرض الأمان بشكل أساسي، فلا تكون ضارة للإنسان.
هذا مفهوم بالطبع، وهو المنطق الذي يستخدمه أي باحث لتطوير علاج جديد للحصول على أكبر قدر ممكن من الفائدة، وأقل قدر ممكن من الضرر.
لكن بحسب الدراسة الجديدة، فقد قام الباحثون بعكس هذه الآلية، فتعلمت الخوارزمية أن تفضّل الضرر وتتجنب الفائدة، وفي أقل من 6 ساعات بعد تشغيلها، أنتج نموذجهم 40 ألف جزيء كيميائي يتميز بأنه ضار للجسد البشري.
ويعرف السلاح الكيميائي على أنه أية مادة كيميائية يمكن أن تستخدم للتسبب في ضرر الإنسان حينما توضع في صورة عسكرية (ذخائر أو قنابل أو غيرها) الكلور مثلا يستخدم كسلاح كيميائي حينما يطلق في صورة قنابل تتسبب في تهيج الأنف ومجرى الهواء عند استنشاقها، وتتراكم في الرئتين مسببة الاختناق.
مستقبل الحرب
بالطبع، لا يستهدف الباحثون تخليق أسلحة كيميائية أو بيولوجية، ولكن الورقة البحثية جاءت في سياق سلسلة مؤتمرات "التقارب" التي أسستها الحكومة السويسرية لتناقش في التطورات بعالم الكيمياء والبيولوجيا، والتفكير في الآثار الأمنية المحتملة لمخاطر تلك التطورات.
وبحسب بيان المؤتمر، لم يكن هناك سابقًا نقاش كبير في المجتمع العلمي حول الاستخدام المزدوج لتطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تستحدث أدوية جديدة، فمن جانب قد تكون مفيدة، ومن جانب آخر تكون ضارة جدًا.
ويأمل الباحثون أن تساعد تلك البيانات الجديدة في تطوير آليات أفضل لتحجيم الاستخدام المسيء لتطورات الذكاء الاصطناعي، الآن ومستقبلا، في نطاق الحرب الكيميائية.
والواقع أن الجدل حول هذا الموضوع يستحق اهتماما كبيرا يومًا بعد يوم، خاصة في سياق ترتفع فيه معدلات استخدام الأسلحة الكيميائية والبيولوجية حول العالم، ويتوقع بعض المختصين أن استخدام السلاح البيولوجي أو الكيميائي بالحرب الأوكرانية الحالية مسألة وقت.