معاريف - بقلم: أفرايم غانور "في 7 كانون الأول في الشهر الماضي، احتفلت الولايات المتحدة واليابان بمرور 80 سنة على هجوم مفاجئ فتاك قامت به طائرات الإمبراطورية اليابانية على بيرل هاربر في هاواي، حيث القاعدة المركزية للجيش الأمريكي في المحيط الهادئ؛ هجوم ترك أثراً عميقاً في الوعي الأمريكي كوصمة عار قومية وفشل استخباري هو الأخطر في تاريخ الولايات المتحدة، حتى عمليات 11 أيلول. كان الهجوم الياباني مخططاً جيداً، وألحق خسائر فادحة بالأمريكيين: 2.402 جندي و571 مواطناً قتلوا، وأصيب حوالي 1.750 آخرين.
كان الدافع المركزي للهجوم الجسور إياه هو تطلعات قومية تطورت في اليابان، وهدفها التوسع والسيطرة اليابانية على مناطق أخرى في المحيط الهادئ وفي آسيا. وشدد هذا الميل التوتر بين الإمبراطورية اليابانية والولايات المتحدة، وأدى إلى فرض عقوبات أمريكية اقتصادية على اليابان، بينها حظر النفط وإغلاق قناة بنما أمام السفن اليابانية.
غداة الهجوم، أعلنت الولايات المتحدة الحرب رسمياً على اليابان. وفي رد مضاد، أعلنت ألمانيا النازية وحليفتها إيطاليا الفاشية، الحرب على الولايات المتحدة. عملياً هجوم اليابانيين الذي كان هدفه طرد الأمريكيين من ساحة المحيط الهادئ، أدت بالأمريكيين للانضمام إلى الحرب العالمية الثانية في جبهة أوروبا وشمال إفريقيا، وأصبح سهماً مرتداً ضد اليابان التي لم تتوقع الرد الأمريكي على عار بيرل هاربر. بمعونة حلفائها: بريطانيا، وأستراليا، ونيوزيلندا، وكندا، وجنوب إفريقيا، أدارت الولايات المتحدة ضد اليابان حرب إبادة لأربع سنوات، انتهت في 6 آب 1945 مع إلقاء القنبلة الذرية الأولى في التاريخ على هيروشيما. عقب ذلك، أعلن الإمبراطور الياباني استسلاماً بلا شروط للأمريكيين، وهكذا انتهى أحد الفصول الأكثر ظلامية في التاريخ الإنساني.
قصة الهجوم على بيرل هاربر، التي نأتي بها هنا هي ذات صلة في ضوء النقاش المحتدم الجاري هذه الأيام في دولة إسرائيل حول النووي الإيراني وسبل التصدي لهذا التهديد الحقيقي على وجود دولة إسرائيل. لا خلاف بأن إسرائيل لن تسمح بوجود قدرة نووية لمن يعلن عن نيته إبادتها. وفي الوقت الذي يقف فيه الموضوع الإيراني على رأس جدول الأعمال، يجب أن نتعلم من التاريخ. قبل الخروج إلى حرب مزعومة على النووي الإيراني، بكل الأكاذيب عن خطط الهجوم والإبادة – أن نعد سيناريو لـ “اليوم التالي”: كيف ستبدو دولة إسرائيل، وكيف سيبدو الشرق الأوسط والعالم عموماً بعد هجوم إسرائيلي وضربة فتاكة للنووي الإيراني؟
تعلمنا من التاريخ القريب، ومن أخطاء اليابانيين في “بيرل هاربر”، أن الهجوم العسكري الأكثر نجاحاً قد يؤدي إلى نتائج محملة بالمصيبة. وليس صدفة أن معارضين ذوي وزن في مواقع حسم في المنظومة الأمنية لإسرائيل ممن فكروا باليوم التالي كانوا قد أوقفوا تلك الخطة قبل نحو عقد عندما كنا قريبين من هجوم على النووي الإيراني، وكما تقول العبارة: “في الحرب يعرف الناس كيف يدخلون إليها، لكنهم لا يعرفون كيف يخرجون منها.