كشفت زيارة مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، لإسرائيل عمق الخلافات بين الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأميركية حول الموضوع النووي الإيراني، حسبما ذكر موقع "هآرتس" الإلكتروني اليوم، الأربعاء.
وتطرق رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت، وسوليفان إلى هذه الخلافات بشأن توصل المحادثات بين الدول العظمى وإيران في فيينا إلى اتفاق نووي مرحلي، تدعي إسرائيل أنه لن يلجم بالشكل الكافي البرنامج النووي الإيراني ولكنه سيرفع العقوبات عن طهران.
ونقلت الصحيفة عن مصادر في الحكومة الإسرائيلية قولها قبيل زيارة سوليفان، إنه "يوجد عدم اتفاق، ونحن لا نرى الأمور بشكل مطابق. وبالإمكان التوصل إلى اتفاق أفضل من ذلك الذي تسعى الولايات المتحدة إليه".
وأضافت المصادر الإسرائيلية أن الرئيس الأميركي، جو بايدن، "يتوق" إلى التوصل إلى اتفاق، معتبرين أن الولايات المتحدة مستعدة لمواصلة المحادثات في فيينا رغم الصعوبات التي تعالت منها منذ بدايتها. ورغم ذلك، لم تتمكن المصادر الإسرائيلية من تقدير ما إذا كانت الأطراف في محادثات فيينا ستتمكن من الجسر بين الفجوات التي برزت اثناء المحادثات أو إذا كانت هذه المحادثات ستتفجر وتصل إلى ما يصفونها في إسرائيل بأنها "مواجهة مراقبة".
وتعارض إسرائيل بشكل كامل مجرد التوصل إلى اتفاق في محادثات فيينا، وطرح بينيت قائمة مطالب ومقترحا متعلقة بالعلاقة مع إيران أمام سوليفان. وفي مقدمة المطالب الإسرائيلية تشديد العقوبات على طهران فورا، بادعاء أن خطوة كهذه من شأنها أن تدفع إيران إلى تليين مواقفها والموافقة على تنازلات أوسع. وبحسب الموقف الإسرائيلي، فإن عقوبات تقوض بشكل أكبر الاقتصاد الإيراني، واستغلال أزمة المياه التي تعاني منها إيران، من شأنها أن تمارس الضغوط المطلوبة.
وأضافت الصحيفة أنه في حال تم التوصل إلى اتفاق في فيينا، طرحت إسرائيل مطالب بإدخال بنود إلى الاتفاق، بينها: تفكيك أجهزة الطرد المركزي المتطورة؛ تحويل اليورانيوم المخصب بمستوى 60% إلى 20%؛ ممارسة إشراف دولي فعال ووثيق على المنشآت النووية.
وتعتبر التقديرات الإسرائيلية أن القضية النووية الإيرانية موجودة في مكانة متدنية في سلم أولويات بايدن، تحت كورونا والتضخم المالي والمواجهة مع الصين وروسيا، وأنه لهذا السبب يسعى الرئيس الأميركي إلى التوصل إلى صفقة ما مع إيران، حتى لو كانت على شكل اتفاق مرحلي.
وقال بينيت، بحسب بيان صادر عن مكتبه، في بداية لقائه مع سوليفان إنه "لأن العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة قوية إلى هذه الدرجة، فإنه بإمكاننا التحدث بانفتاح وصراحة حول التحديات المشتركة".
وأضاف بينيت أن "لما يحدث في فيينا انعكاسات عميقة على الاستقرار في الشرق الأوسط وأمن إسرائيل في السنوات القريبة المقبلة".
من جانبه، قال سوليفان إن بايدن، "طلب مني المجيء إلى هنا، قبل عيد الميلاد، لأننا موجودون في نقطة زمنية بالغة الأهمية لدولتينا حيال مجموعة مواضيع أمنية هامة".
وأضاف أن "ثمة أهمية لأن نجلس معا ونطور إستراتيجية ووجهة نظر مشتركة، تضمن بشكل أساسي مصالح الدولتين. ونحن نؤمن بأن هذه المصالح، مثل القيم التي تستند إليها دولتينا، مشتركة وعميقة جدا".
وكانت القناة 13 التلفزيونية الإسرائيلية قد افادت، أمس، بأن بينيت طلب إجراء محادثة هاتفية مع بايدن، قبل ثلاثة أسابيع، ولم يستجب البيت الأبيض لهذا الطلب، وذلك على خلفية النشر عن مخطط بناء مستوطنة في مطار قلنديا. وحسب مصادر إسرائيلية، فإنه يتوقع إجراء محادثة كهذه بعد اللقاء مع سوليفان.
واستبقت إسرائيل اللقاء بين بينيت وسوليفان بمقابلة نشرتها صحيفة "يديعوت أحرونوت"، اليوم، وجّه فيها رئيس شعبة التخطيط في الجيش الإسرائيلي وقائد سلاح الجو القادم، تومير بار، تهديدات لإيران وحزب الله، معتبرا أنه بالإمكان تدمير المنشآت النووية في إيران، وأنه سيتم استخدام قوة هائلة ضد لبنان "لا يتخيلها حزب الله".
وذكرت تقارير صحافية، أمس، أن التقديرات في إسرائيل تشير إلى أن احتمالات التوصل إلى اتفاق في المفاوضات بين الدول العظمى وإيران في فيينا "مرتفعة". وأضافت أن سوليفان يُعتبر في إسرائيل "كمن يمكن أن يُحدث تغييرا في سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران"، وأن الأسرائيليين يعتبرونه "برغيا مركزيا وله تأثير بالغ" على السياسة الخارجية الأميركية.
ووصف مسؤول إسرائيلي سوليفان بأنه "الرجل القوي في الإدارة الأميركية اليوم". وقال مسؤول إسرائيلي آخر إن "سوليفان هو شخص لامع، ومطلع على المواد بكل ما يتعلق بإسرائيل ومنصت جدا لاحتياجاتنا".