قرر الرئيس الاسرائيلي إسحق هرتسوغ، بدء احتفالات عيد “الحانوكا” بإشعال شمعة أولى في مغارة “المكفيللا” (الحرم الإبراهيمي) في الخليل. دون كل الأماكن في إسرائيل اختار الرئيس الخليل تحديداً، التي لا رمز مثيلاً لها يدل على بشاعة الاحتلال ووحشيته وعنف معربد للمستوطنين.
إن زيارة المواطن رقم 1 إلى مكان يضطر معظم سكانه الفلسطينيين للفرار من رعب المستوطنين، فيهجرون بيوتهم ومحلاتهم ويجعلون قلب الخليل الفلسطينية حي أشباح، إنما هي بمثابة شرعية رسمية للظلم الساحق الذي يجري هناك يومياً، قبل المذبحة التي ارتكبها باروخ غولدشتاين وبعدها أيضاً.
لا مكان آخر في الضفة الغربية يصرخ فيه الأبرتهايد الإسرائيلي بهذا القدر: شوارع منفصلة يحظر على الفلسطينيين السير فيها، ويحظر عليهم الدخول بالسيارة حتى الذين لا يزالون يسكنون هناك، وحواجز على كل خطوة وشبر. وليس ذلك إلا للفلسطينيين… نصيب يومي من العنف والإهانات لكل مقيم فلسطيني يلتقونه على أيدي المستوطنين وأبنائهم وعلى أيدي قوات الجيش وحرس الحدود، الذين يكمنون في كل زاوية.
يعتقد هرتسوغ أن عليه الوصول إلى هناك. زيارته إلى الخليل خطوة اعتراف وتضامن مع العنيفين بين المستوطنين، ودليل آخر على أن الخليل المحتلة ضمت لإسرائيل، بحكم الأمر الواقع على الأقل. وإن لم يكن كذلك، فما لرئيس الدولة والزيارة هناك.
ينبغي الافتراض بأن هرتسوغ لن يتصور ان يلتقي في اثناء زيارته المخطط لها في الخليل بضحايا المستوطنين في المكان وبذلك يعترف أيضاً بالابرتهايد المتبع هناك؟
ليست هذه هي الزيارة الأولى التي يقوم بها هرتسوغ للمستوطنات منذ تسلم مهام منصبه – وبالذات في أكثرها تطرقاً وعنفاً. فقبل نحو ثلاثة أشهر، بعد وقت قصير من تسلمه مهام منصبه، سارع الرئيس لزيارة “هار براخا” – مستوطنة عنيفة، يعرف سكان المحيط الفلسطينيون رعبها ورعب مستوطنيها.
إذا كان هرتسوغ، الذي جاء من اليسار الصهيوني، يريد إشعال شمعات في الأماكن المقدسة لليهود، وهذا بالطبع من حقه، ولكن كرئيس الدولة، الذي صرح بأنه يريد أن يكون رئيس الجميع، كما عليه أن يمتنع عن زيارة المكان الذي يتعارض جوهرياً مع هذه الرؤية. لم يفت الأوان بعد لإلغاء هذه الزيارة المرفوضة.