في الوقت الذي تبنت فيه حركة "حماس" عملية القدس التي راح ضحيتها جرحى وقتلى إسرائيليين، وفي ظل محاولات الوسطاء تثبيت الهدنة القائمة، طرح البعض تساؤلات بشأن تداعيات تلك العملية.
وكانت حركة "حماس"، قد أعلنت أن منفذ عملية إطلاق النار في القدس هو القيادي في الحركة من مخيم شعفاط، فادي أبو شخيدم.
وقالت الحركة في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني، إن "فادي أبو شخيدم أمضى في القدس حياته بين دعوة وجهاد، وتشهد له أرجاء المدينة وجنبات المسجد الأقصى، وها هو يرتقي اليوم بعد معركة بطولية، أوقع فيهم قتلى وجرحى".
حماس وعملية القدس
وأضافت الحركة أن هذه العملية البطولية تحمل تحذيرا لإسرائيل لوقف الاعتداءات على أرضنا ومقدساتنا، وأن حالة التغول التي تمارسها ضد المسجد الأقصى وسلوان والشيخ جراح وغيرها، ستدفع ثمنها.
كما أكدت الحركة أن "الشعب الفلسطيني ماض في جهاده، ولا يأبه بكل القرارات المعادية التي تصدر عن الدول الاستعمارية والتي تهدف إلى تكريس الاحتلال، والتنصل من حقوقه التاريخية".
وفي السياق، قال مكتب إعلام الأسرى، إن القوات الإسرائيلية اقتحمت مدرسة الرشيدية في القدس وهي المدرسة التي يعمل فيها منفذ العملية، الأستاذ فادي أبو شخيدم، مشيرة إلى أنه تم استدعاء شقيقه من قبل المخابرات الإسرائيلية للتحقيق.
وصباح أمس الأحد، قام شخصان بإطلاق النار على جنود إسرائيليين بالقرب من باب السلسلة في مدينة القدس، ونتج عنه مقتل أحد الجنود وإصابة 3 آخرين بجروح شديدة.
صراع دائم
قال مصطفى الصواف، المحلل السياسي الفلسطيني المقيم في قطاع غزة، إن حركة "حماس" أعلنت أن منفذ العملية ينتمي للحركة، وهذا أمر يجب الإشارة له.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، هناك فارق بين تبني منفذ العملية، وتبني العملية نفسها، حيث تعلن حركة حماس ليل نهار أنها مع المقاومة، وأنها تدعم كل من يقاوم إسرائيل.
وتابع: "لا تزال حركة حماس تخوض صراعا كبيرًا مع إسرائيل، وهذا الصراع لم ولن ينتهي طالما إسرائيل لا تزال تحتل الأراضي الفلسطينية".
نجاح حماس
من جانبه أكد مصباح أبوكرش، المحلل السياسي الفلسطيني أن من الطبيعي أن تقوم حركة حماس بتبني عملية القدس الأخيرة فنحن نتحدث عن حركة أعلنت عن نفسها بأنها حركة فلسطينية مقاومة منذ لحظة تأسيسها، ولقد أثبتت تميزها الكبير في هذا الجانب مما جعلها تحمل رمزية كبيرة في قلوب أحرار هذا العالم داخل فلسطين وخارجها.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن حماس تدرك جيدا حجم التحديات التي تواجهها وهي تقف على رأس المشهد الفلسطيني المقاوم؛ ولقد سعت من خلال معركة سيف القدس للتأكيد على أن المقاومة الفلسطينية تعمل بشكل موحد في كل جبهات الصراع مع إسرائيلي.
وتابع: "وكان لها ما أرادت من خلال تلك المعركة وأحداث أخرى منها إعلان هذه الحركة بأن أي صفقة تبادل جديدة للأسرى لن يكتب لها النجاح بدون تحرير الأسرى الذين قاموا بعملية سجن جلبوع البطولية ومن ساندهم في هذه العملية؛ وصولا إلى التهديد الصريح الذي وجهته "حماس" لإسرائيل بسبب إجراءاتها القمعية الأخيرة التي تعرض لها الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية".
وبحسب أبوكرش، هذا لا يعني بأي شكل من الأشكال بأن المسؤول عن التخطيط لعملية القدس الأخيرة هي حركة حماس في قطاع غزة؛ فما قام به البطل فادي أبوشخيدم يخضع لعدة احتمالات ومنها قيامه بهذا العمل بشكل مقاوم ارتجالي؛ لكن واجب حماس الذي عودتنا عليه كحركة مقاومة هو تبني مثل هذه الأعمال ومباركتها؛ وهو الواجب الذي تقوم به هذه الحركة تجاه أي عمل فلسطيني مقاوم بغض النظر عن الهوية الحزبية للمنفذ.
واعتبر أن الحرب الإسرائيلية موجهة الآن بشكل مركز ضد حماس في الضفة الغربية وهذا ما سنلمس تصاعد وتيرته خلال الفترة القادمة؛ أما فيما يخص غزة فستبقى تحت المجهر الإسرائيلي العسكري والأمني.
وقال: لا أعتقد بأن حدث القدس سيغير من قناعة إسرائيل السياسية المرتبطة بضرورة الحفاظ على الهدوء في غزة أكبر وقت ممكن؛ وهو الأمر المرتبط بمخطط استعماري كبير؛ ليبقى السؤال الأهم ماذا سيكون موقف حماس من الأحداث القادمة وخاصة في الضفة الغربية؟.
مقاومة مستقلة
بدوره اعتبر زيد الأيوبي، القيادي في حركة "فتح"، أن تبني "حماس" لعملية القدس التي نفذها فادي أبو شخيدم يؤكد أن الحركة اعتادت على ركوب أي موجة ذات بعد شعبي ووطني فلسطيني، من أجل إعادة ترميم ثقة الجمهور الفلسطيني خصوصا بعد أن تراجعت شعبيتها داخليا نظرا للجرائم التي ارتكبتها بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، ارتكبت الحركة جرائم القتل والجرح الجماعي للمواطنين وأخضعتهم لحياة وظروف معيشية صعبة وهدمت بيوت واستولت على ممتلكات المواطنين وأجبرتهم على الرحيل القسري والهروب عبر البحر وذلك بشكل ممنهج ومتعمد لتحقيق أهداف سياسية وهو ما ينحدر لجرائم ضد الإنسانية موصوفة ومنصوص عليها في البند السابع من ميثاق روما لعام 1998 المؤسس لمحكمة الجنايات الدولية.
وقال الأيوبي، إن منفذ العملية لم يكن يومًا تابعًا لحركة "حماس"، أو أي فصيل بل كان مستقلًا، وبعيدًا عن أي أجندة سياسية لأي حزب أو فصيل داخل فلسطين.
وتابع: "حماس تقوم بتبني العمليات الفدائية رغم أن منفذيها لا يتبعون لحماس بهدف تحقيق مكاسب سياسية وجلب تعاطف المسلمين والعرب من أجل تسهيل جمع التبرعات منهم مستغلة بذلك عواطف الناس لكنها في الحقيقة تتاجر بالقضية الفلسطينية".
وأضاف أن "الشعب الفلسطيني مصر على مقاومة إسرائيل دون التنسيق مع أي فصيل فلسطيني، والشعب يقاوم من أجل تفعيل المقاومة للدفاع عن مقدساته، ولكن ليس من بوابة حماس أو أي فصيل آخر".
وأعلن الجيش الإسرائيلي عن اعتقال أكثر من 50 عنصراً من حركة "حماس" وضبط أحزمة ناسفة ومتفجرات كانت ستستخدم لتنفيذ عمليات تفجيرية داخل إسرائيل، وذلك في إطار إحباط شبكة تابعة لـ"حماس" كانت تعمل في الضفة