الإيجابية السامة.. لماذا يجب التعايش مع المشاعر السلبية؟

الخميس 18 نوفمبر 2021 01:13 م / بتوقيت القدس +2GMT
الإيجابية السامة.. لماذا يجب التعايش مع المشاعر السلبية؟



وكالات / سما /

دائما ما نسمع عن أهمية الإيجابية وتأثيرها على حياتنا ونظرتنا لما يحدث لنا وحولنا، ولا سيما وقت الشدائد، ولكن هل سمعتم من قبل عن "الإيجابية السامة"؟ وكيف يمكن أن تضر صاحبها في بعض الأوقات؟

وللتعرف على معنى "الإيجابية السامة" ببساطة يمكنك أن تتخيل أنك في يوم ما استيقظت متأخرا على عملك، وأثناء احتسائك القهوة قمت بسكب بعضها على قميصك، وبينما أنت غاضب أسقطت هاتفك وكسرت شاشته، وعندما ركبت سيارتك اكتشفت أن فيها عطلا، وأخيرا عندما وصلت إلى العمل وأخبرت صديقك ما حدث لك وجدته يبتسم ويخبرك "كن إيجابيا وابتسم".

في هذه الحالة قد تشعر بالخزي من شعورك، أو الغضب أكثر لأنك بحت بما تشعر به، فعلى الرغم من أهمية الإيجابية وتأثيرها الجيد على حياتنا فإن تطبيقها هنا لن يفيد، بل سيزيد الأمر سوءا، وما قد يساعدك على تجاوز ما تشعر به هو تلقي المصادقة على عواطفك، وفهم وقبول ما مررت به وأنه حقا أمر مزعج.

ويعرف موقع "فيري ول مايند" (VeryWellMind) الإيجابية السامة بأنها الاعتقاد بأنه بغض النظر عن مدى صعوبة أو شدة الموقف الذي تمر به يجب عليك الحفاظ على عقلية إيجابية ورفض المشاعر السلبية، وهو نهج "المشاعر الإيجابية فقط" في الحياة.

فبينما هناك العديد من الفوائد لامتلاك نظرة إيجابية إلا أن الحياة ليست دائما إيجابية ووردية، وقد نمر جميعا بمشاعر وتجارب مؤلمة، وهذه المشاعر مهمة أيضا ويجب التعامل معها بشكل فعال وعدم رفضها ودفنها خلف قناع التفاؤل والإيجابية.

رفض وإنكار المشاعر السلبية يتسببان في العديد من الأضرار النفسية (بيكسلز)

أشكال الإيجابية السامة

تظهر الإيجابية السامة بأشكال متنوعة قد تكون واجهت بعضا منها في حياتك، ومنها:

عندما تمر بظروف صعبة مثل فقدان وظيفتك يقول لك الناس "انظر إلى الجانب المشرق"، أو اشعر بالامتنان وتذكّر أن هناك أطفالا لا يجدون الطعام وهناك من يعيشون بلا مأوى، وهو ما يتسبب في كبت ما قد ترغب في قوله للتعبير عما تواجهه وتشعر به.

أو عندما يخبرك أحدهم أن "السعادة اختيار" في وقت تشعر به بالحزن أو الإحباط أو خيبة الأمل ففي هذه الأوقات العصيبة تحمّل مثل هذه العبارات الشخص الحزين مسؤولية ما يشعر به من مشاعر سلبية، لأنه لم "يختر" أن يكون سعيدا.

أضرار الإيجابية السامة

ليس هناك شك أن الامتنان للنعم والجزء الجيد من الحياة له آثار إيجابية كبيرة للمرور من الأزمات، لكن رفض وإنكار المشاعر السلبية يتسببان في العديد من الأضرار، ومنها:

الحرمان من الدعم الحقيقي الذي نحتاجه جميعا، وبدلا من القدرة على مشاركة المشاعر الإنسانية الحقيقية يجد الناس أن مشاعرهم مرفوضة أو متجاهلة تماما.
شعور الشخص الحزين بالخزي مما يعاني منه، وأنه لا يملك الحق في أن يشعر ببعض المشاعر السلبية ويتعين عليه إبدالها بأخرى إيجابية طوال الوقت.

التسبب في تفاقم الألم، إذ يسبب إخفاء مشاعرنا في حدوث ضغوطا نفسية كبيرة، وهو ما أشارت إليه الطبيبة النفسية ليندا شو لصحيفة "إندبندنت" (Independent) قائلة "إذا كنت تعاني من ألم جسدي مزمن وتجاهلته فقد يزداد سوءا بمرور الوقت دون علاج، وينطبق الأمر نفسه على صحتنا العقلية".

كما تعيق الإيجابية الزائفة صاحبها من النضج والنمو واكتساب الخبرات من المواقف الصعبة التي يمر بها.

ويؤكد المعالج النفسي جون بول ديفيز لصحيفة "إندبندنت" أنه "من أجل تجاوز الألم عليك أن تشعر به، وهو ما قد يجعل التفكير الإيجابي ضارا أحيانا إذا كنت تضغط على شخص ما ليرى دائما الجانب المشرق من الأشياء".

كيف تتجنب الإيجابية السامة؟

إذا كنت ممكن يتخذون نهج الإيجابية السامة أو ممن يعانون منها فهناك بعض أشياء التي يمكنك القيام بها لاتخاذ نهج أكثر صحة وفاعلية، وتتضمن بعض الأفكار ما يلي:

  • اسمح لنفسك بالشعور ببعض المشاعر السلبية دون إنكارها وغمرها بالإيجابية، ودون تركها للسيطرة على حياتك أيضا.

  • كن واقعيا بشأن استيعاب ما تشعر به، فعندما تواجه موقفا عصيبا فمن الطبيعي أن تشعر بالتوتر أو القلق أو الخوف، ولا تتوقع غير ذلك من نفسك حتى لا تصاب بالخذلان أو تلقي باللوم على نفسك لما تشعر به.

  • اعلم أنه لا بأس أن تمر بأكثر من شعور في الوقت نفسه، فيمكن أن تدرك المعنى وراء الأزمة التي تمر بها، وفي الوقت نفسه لا تزال تشعر بالحزن أو التوتر.

  • ركز على الاستماع والتعاطف عندما يبوح لك شخص عما يشعر به، وأظهر الدعم له بقدر ما تستطيع، وأخبره أن ما يشعر به أمر طبيعي، ولا تحاول إسكاته أو تزيين مأساته بعبارات مبهجة.

  • وفي حالة كنت أنت الشخص الذي يتعرض للإيجابية السلبية تقترح تابيثا كيركلاند الأستاذة في قسم علم النفس بجامعة واشنطن أن تعبر عن احتياجاتك بشكل واضح وصريح، وإعادة التأكيد على نيتك للمحادثة بالقول على سبيل المثال إنك تبحث عن التعاطف بدلا من النصيحة.

إذا واصلت إخفاء مشاعرك فلن تختفي، بل ستطاردك بشكل مباشر أو غير مباشر حتى تتعامل معها في النهاية، فالسعادة الحقيقية لا تأتي من قمع المشاعر السلبية والتظاهر بالشعور بالسعادة، بل تأتي من تقبل كل مشاعرنا، الإيجابية منها والسلبية.