قال مسؤولان إسرائيليان إن الحكومة الإسرائيلية تعتبر برنامج "بيغاسوس" للتجسس عبر الهواتف المحمولة، الذي طورته شركة NSO الإسرائيلية، عنصرا حاسما في سياستها الخارجية وتمارس ضغوطا على واشنطن من أجل إزالة الشركة، وكذلك على شركة كانديرو الإسرائيلية، من القائمة السوداء للشركات التي تعمل ضد مصالح الأمن القومي الأميركي، وفق ما نقلت عنهما صحيفة "نيويورك تايمز" الليلة الماضية.
وقالت الصحيفة الأميركية إن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلي ووزارة الأمن نفيا استخدام برنامج "بيغاسوس" لاختراق هواتف فلسطينيين يعملون في مؤسسات حقوقية ووزارة الخارجية الفلسطينية، وكشف عنها أمس.
ونقلت الصحيفة عن متحدثة باسم NSO قولها إن الشركة لن تذكر من استخدم البرنامج وأنها لا تملك حق الوصول إلى معلومات حول من تم استخدام البرنامج ضده.
وقال المسؤولان الإسرائيليان إن "حقيقة أن مثل هذه التقارير أدت إلى حدوث خرق في العلاقات مع الولايات المتحدة أثارت قلق الحكومة الإسرائيلية".
عند فرض العقوبات ، قالت وزارة التجارة الأمريكية إن NSO تصرفت "بما يتعارض مع الأمن القومي أو مصالح السياسة الخارجية للولايات المتحدة". وحول ذلك قال المسؤولان الإسرائيليان إنه "إذا كانت الولايات المتحدة تتهم NSO بالعمل ضد مصالحها ، فإنها تتهم ضمنيًا إسرائيل، التي ترخص البرنامج، بفعل الشيء نفسه".
وتدعي إسرائيل أنها تحتفظ برقابة صارمة على الترخيص، مع عملية مراجعة من قبل وزارة الأمن، تم تأسيسها لضمان عدم وجود صفقات تجارية من شأنها أن تعرض علاقة إسرائيل بالولايات المتحدة للخطر.
وأضاف المسؤولان أن حملة إزالة العقوبات المفروضة على NSO وشركة كانديرو، ستسعى إلى إقناع إدارة بايدن بأن أنشطتها لا تزال ذات أهمية كبيرة للأمن القومي لكلا البلدين. وتابعا أن إسرائيل ستكون على استعداد للالتزام بإشراف أكثر صرامة على ترخيص برنامج "بيغاسوس.
ولفت محلل الشؤون الاستخباراتية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، رونين بيرغمان، في تحليل نشره أمس، إلى ما وصفه بـ"المعركة" بين صناعة الإنترنت الأميركية والإدارة في واشنطن في مواجهة شركة NSO، معتبرا أن ذلك أدى إلى "فتح جبهة واسعة بين البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية (من جهة) وبين الحكومة الإسرائيلية (من جهة أخرى)".
وكشف عن أن أجهزة الأمن الإسرائيلية عقدت عدة جلسات لتقييم القرار الأميركي، مشددا على أن القرار شكل مفاجأة للقيادات السياسية والعسكرية في إسرائيل، معتبرا أن الإخطار الأميركي المسبق للجانب الإسرائيلي بشأن إدخال NSO إلى القائمة السوداء، والذي جاء قبل وقت قصير من الإعلان عن القرار، وبواسطة رسالة عبر بريد الإلكتروني أرسلت لوزارتي الأمن والخارجية ومكتب رئيس الحكومة؛ تدل على طبيعة العلاقات التي تشوبها "الريبة" بين إدارة بايدن، وحكومة نفتالي بينيت.
وأضاف بيرغمان ان القناعة الإسرائيلية بأن التفسيرات التي قدمتها إسرائيل حول الأدلة المزعومة التي دفعتها للإعلان عن المؤسسات الفلسطينية الست على أنها "منظمات إرهابية"، لم تقنع مسؤولين في الإدارة الأميركية، وبالأخص في مجلس الأمني القومي الأميركي ووزارة الخارجية، مشيرا إلى أن أحد الناشطين الحقوقيين الفلسطينيين الذي تعرض للتجسس الإسرائيلي بواسطة "بيغاسوس" يحمل جنسية مزدوجة أميركية – فلسطينية، في إشارة إلى مدير مؤسسة "بيسان"، أبي العبودي.
وبحسب بيرغمان، فإن الغضب الأميركي من استخدام برنامج التجسس الإسرائيلي "ضد من يرونهم نشطاء حقوقيين"، على حد تعبيره، دفع الإدارة الأميركية باتخاذ إجراءاتها أو تسريعها على أقل تقدير، ضد NSO، بهدف إرسال سلسلة من الرسائل الحادة إلى الحكومة الإسرائيلية.
واعتبر بيرغمان أن هذا التطور قد يدل على "تغيير جذري في العلاقات والتفاهمات بين إسرائيل والولايات المتحدة".
وأضاف أن "المسؤولين في إسرائيل لم يدركوا التغيير في الرأي العام الأميركي تجاه إسرائيل، وخاصة تجاه أي شيء يُنظر إليه على أنه انتهاك لحقوق الإنسان"، مستدركا بالقول: "ربما يكونون الآن قد باتوا أكثر انتباها إلى هذه المسألة".
وقال إنه "بالنسبة لإسرائيل، هذا ليس مجرد معركة لخدمة شركة إسرائيلية خاصة (في إشارة إلى NSO) وإنما حربا على عدد من القضايا الرئيسية والسرية والحساسة للغاية التي تتعلق بالأمن القومي الإسرائيلي".