يعمل جهاز المناعة على حمايتنا من العوامل المسببة للأمراض، لكنه مثل بقية وظائف الجسم، يصبح أقل كفاءة عند التعرض لعدد من العوامل التي تؤدي إلى إضعافه.
في تقرير نشرته مجلة "سانتي ماغازين" (Santé Magazine) الفرنسية، تقول الكاتبة إيمانويل بلان إن جهاز المناعة يختلّ بسبب أمراض المناعة الذاتية، مثل مرض السكري من النوع الأول، والتهاب المفاصل الروماتويدي، والتصلب المتعدد، والتهاب الغدة الدرقية.
وقد يكون جهاز المناعة ضعيفا بسبب عوامل وراثية، وفي أحيان أخرى جراء الإفراط في النظافة أثناء الطفولة والاستخدام المتكرر للمضادات الحيوية، وهو ما يزيد من احتمالات الإصابة بأمراض المناعة الذاتية.
وتستعرض الكاتبة فيما يأتي أبرز العوامل التي تؤدي إلى إضعاف جهاز المناعة:
1. الوزن الزائد والسمنة
تفرز الأنسجة الدهنية سيتوكينات تُعرف بـ"الأديبوكينات"، بعضها محفز للالتهابات وبعضها الآخر مضاد لها. وتوضح الدكتورة مارتين دوكلو أنه "مع زيادة الوزن، فإن الأديبوكينات المحفزة للالتهابات تكون أقوى من المضادة، وذلك يؤدي إلى الإصابة بالتهابات مجهرية تُضعف المناعة عندما تصبح مزمنة".
2. مرض السكري
يقول الدكتور بوريس هانسل اختصاصي الغدد الصماء "عند إهمال علاج مرض السكري وعدم السيطرة عليه، فإن ارتفاع مستويات السكر في الدم يقلل من الاستجابات المناعية. يصبح المريض في هذه الحالة أكثر قابلية للإصابة بالعدوى، بما في ذلك عدوى الإنفلونزا والتهابات المسالك البولية والفطرية والالتهابات الرئوية الجرثومية، وفي بعض الأحيان التهاب الشعب الهوائية".
ماذا عن كوفيد-19؟
لم يثبت حتى الآن أن مرضى السكري أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بفيروس كورونا المستجد، لكنهم بعد انتقال العدوى يصبحون أكثر عرضة للإصابة بأشكال حادّة من "كوفيد-19".
3. ارتفاع ضغط الدم
توضح رئيسة قسم طب الأوعية الدموية وارتفاع ضغط الدم الشرياني بمستشفى جامعة ليل الدكتورة كلير مونييه-فييه أن ارتفاع ضغط الدم قد يدمّر بعض خلايا الدم البيضاء المسؤولة عن الوقاية من الالتهابات.
4. الإفراط في تناول الملح
تشير دراسة نُشرت بمجلة "علوم الطب الانتقالي" (Science Translational Medicine) في أبريل/نيسان 2020 إلى أن استهلاك الكثير من الملح يمكن أن يضعف المناعة، وذلك بسبب ارتباط الإفراط في تناول الملح بارتفاع ضغط الدم.
وأظهرت الدراسة أن المشاركين الذين تناولوا 6 غرامات إضافية من الملح يوميا عانوا تراجعا واضحا في المناعة.
وينصح الباحثون باتباع توصيات منظمة الصحة العالمية، أي أن تراوح كمية الملح المستهلكة يوميا بين 9 غرامات و12 غراما.
5. الإجهاد والتوتر
في مارس/آذار الماضي نشر باحثون من "مركز مرسيليا-لومينى للمناعة"، التابع للمعهد الوطني الفرنسي للصحة والأبحاث الطبية، دراسة على الفئران تقدم تفسيرا محتملا لأسباب تراجع المناعة، وزيادة احتمالات التعرض للعدوى خلال فترات الإجهاد والتوتر.
وتقول المشرفة على الدراسة صوفي أوغوليني، في هذا السياق "لاحظنا أن هرمونات التوتر تحفز المستقبلات الموجودة على سطح بعض الخلايا المناعية، وذلك يعطل إفراز المواد الكيميائية الالتهابية الضرورية للتخلص من الفيروسات".
6. قلة النوم
أظهرت العديد من الدراسات أن نقص النوم المزمن (أقل من 6 ساعات يوميا) يجعلنا أكثر عرضة للإصابة بالعدوى.
بسبب قلة النوم، يتقلص الوقت الذي نستغرقه في النوم العميق البطيء، وهي الفترة التي يتعزز فيها إفراز الجسم للخلايا الليمفاوية البائية التي تُنتج بدورها أجساما مضادة للفيروسات.
7. تناول بعض الأدوية
يؤدي تناول بعض الأدوية الكيميائية والأدوية المثبطة للمناعة -مثل الكورتيزون- إلى إضعاف جهاز المناعة على المدى الطويل، ويوضح البروفيسور إريك فيفييه أن السبب هو أن هذه الأدوية التي توصف لعلاج بعض أنواع السرطان أو أمراض المناعة الذاتية "توقف أو تبطئ نشاط الخلايا المناعية".
8. الشيخوخة
عند بلوغ سن الـ60، يبدأ نشاط الخلايا المناعية بالتراجع بشكل واضح، ويقول البروفيسور فيفيه إن ذلك "يتعلق أساسا بالخلايا اللمفاوية التائية التي تصبح أقل قدرة على مواجهة مسببات الأمراض"، ويصبح الجسم أقل قدرة على مواجهة الفيروسات، مثل "كوفيد-19".