قال نائب رئيس حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" محمود العالول، إن الفحوصات الأخيرة التي أجريت للأسير ناصر أبو حميد بينت إصابته بورم خبيث في الكبد، الأمر الذي يدعو إلى ضرورة أن تكون هناك متابعة حثيثة لوضعه الصحي، خاصة أن الورم انتشر في جسده.
وأضاف خلال مؤتمر صحفي عقدته الحركة في مقر المتابعة والتنظيم برام الله، اليوم الاثنين، ان الرئيس محمود عباس أعطى تعليماته من أجل الضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي للإفراج عن الأسير أبو حميد وعلاجه، من خلال الحراك الدبلوماسي الذي تتولى مسؤوليته السفارات الفلسطينية.
وتابع العالول: "خلال الفترة الماضية كان الأسير أبو حميد يواجه انخفاضا ملحوظا بوزنه، ما بدا واضحا أن هناك مرضا يستشري في جسده، ولأجل ذلك بدأت الاتصالات على مختلف المؤسسات والمنظمات الدولية من أجل متابعة وضعه الصحي، رغم أن المؤشرات الأولية كانت تشير إلى إصابته بورم حميد، لكن للأسف تبين أنها خبيثة في الفحوصات الأخيرة".
وأشار إلى أن هناك إهمالا طبيا تمارسه سلطات الاحتلال الاسرائيلي في قضية متابعة علاج الأسير أبو حميد، مؤكدا أن قضيته ستكون على سلم أولويات حركة فتح خلال الفترة المقبلة حرصاً على حياته وأهمية نيل حريته، خاصة في ظل الوضع الصحي الذي يعانيه.
وشدد العالول على أن عنوان الحركة في نضالها بهذه المرحلة سيكون قضية الأسرى، وفي مقدمتهم الأسير ناصر أبو حميد، كما أن قيمة الأسرى لا يوازيها شيء، وليس هناك تضحية اكبر من التضحية بالحرية وهذه قيمة لا يمكن تجاوزها.
وتابع: "إلى جانب الحراك السياسي الضاغط على سلطات الاحتلال، سيكون هناك حراك ميداني مساند للأسرى، فهؤلاء الأسرى ضحوا من أجل شعبهم، ولا بد من النضال والوقوف إلى جانبهم".
وتابع العالول: "هناك سبعة أسرى يخوضون إضرابا مفتوحا عن الطعام، ويواجهون ظروفا صحية خطيرة، لا بد من مساندتهم وإسقاط قانون الاعتقال الإداري بحق الأسرى".
وقال إن سلطات الاحتلال حاولت فرض عقوبات على الأسرى لكن موقف الحركة الأسيرة المتماسك أحبط مخطط الاحتلال.
وأردف العالول: "أقول لناصر أنت ككل الاسرى تحيا في قلب وذاكرة وعقل كل ابناء الشعب الفلسطيني، ونعدك أن نضالنا من اجل صحتك وحريتك لن يتوقف، وندرك تماما أن صمودك خلال كل فترة الاعتقال سيكون جزءا من العلاج، وستكون شامخا بمعنوياتك المرتفعة".
من جانبه، قال أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح ماجد الفتياني: "من خلال قضية ناصر يجب تسليط الضوء على قضية كل الاسرى في سجون الاحتلال، ولا بد أن نقول إن ادارة سجون الاحتلال تنفذ القرار السياسي القاضي بالإعدام البطيء لكل الاسرى من خلال سياسة الاهمال الطبي المتعمد الذي تمارسه بحق كل أسرانا، وناصر أحد عناوين هذه السياسة الاسرائيلية التي أوغلت في حقدها وعنصريتها، وقبل فترة ودعنا الاسير حسين مسالمة شهيدا بعد أن تنفس سويعات في الحرية".
وأكد أن فتح والقيادة وجهتا الرسائل الرسمية لكافة الأطر والمؤسسات الدولية بأن المسؤولية القانونية والاخلاقية والسياسية تتحملها حكومة الاحتلال الاسرائيلي، كما أن هناك مئات المرضى بحاجة للمتابعة الطبية الحثيثة.
ووجه الفتياني الدعوة إلى شعوب الأمة العربية وأنظمتها الرسمية للخروج عن الصمت ازاء قضية الاسرى الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال.
وتابع: "حركة فتح لن تتخلى عن قضية الأسرى طال الزمن أم قصر، والأسرى سيقهرون السجان وإدارة السجون".
أما أم ناصر أبو حميد فقالت إن ناصر ظهر خلال الزيارات الأخيرة وهو يعاني من المرض، رغم أنه دائم الابتسامة، ويتمتع بالمعنويات العالية.
وأشارت إلى أن الأسرى المرضى بمن فيهم ناصر بوضع صحي صعب، وبحاجة إلى مساندة حقيقية مع قضيتهم، من أجل ان يتم علاجهم ومتابعة وضعهم الصحي.
من ناحيته، قال رئيس نادي الأسير قدورة فارس إن "ناصر أيقونة يمتحن بالمرض الخبيث في ظل سياسة الاهمال الطبي المتعمد، وما وصل إليه تتورط فيه كل مؤسسات الاحتلال".
وشدد على أن حركة فتح تؤكد بشكل غير ملتبس بتأكيد توجهاتها في وضع قضية الاسرى على سلم اجندات العمل الميداني والكفاحي.
ولفت فارس إلى أن هناك تعليمات صدرت لكل التشكيلات الحركية بالانخراط في عملية نضالية تضع على رأس اهتماماتها قضية الاسرى، والضغط على الاحتلال لوقف جرائمها بحق الأسرى. ودعا كافة الفصائل إلى أن توجه تعليماتها لتبني قضية الأسرى في الفعاليات الشعبية والسياسية.
من جانبه، قال وكيل هيئة شؤون الاسرى والمحررين عبد القادر الخطيب إن "هناك العديد من الأسرى الذين يعانون ظروفا صعبة وقاسية، خاصة الكبار في السن، والمرضى والمضربين عن الطعام، الذين يمرون في مرحلة الموت البطيء، ولا نستغرب إن سمعنا في اي لحظة أن أحدهم استشهد".
وأشار الخطيب إلى أنه يجب أن يكون هناك حل سياسي لقضية الأسرى، إضافة إلى توسيع المشاركة في الفعاليات الشعبية المساندة للأسرى، حتى لا يتركوا وحدهم يواجهون مصيرهم.
والأسير ناصر أبو حميد مولود في تاريخ الخامس من أكتوبر/ تشرين الأول عام 1972 في مخيم النصيرات في غزة، وبدأت مسيرته النضالية منذ الطفولة، حيث واجه الاعتقال لأول مرة وكان يبلغ من العمر 11 عامًا ونصف العام، كما واجه رصاص الاحتلال وأُصيب إصابات بليغة.
كان اعتقاله الأول قبل انتفاضة عام 1987 وأمضى أربعة أشهر، وأُعيد اعتقاله مجددًا وحكم عليه الاحتلال بالسّجن عامين ونصف العام، وأفرج عنه ليُعاد اعتقاله للمرة الثالثة عام 1990، وحكم عليه الاحتلال بالسّجن المؤبد، أمضى من حكمه أربع سنوات حيث تم الإفراج عنه مع الإفراجات التي تمت في إطار المفاوضات، وأعيد اعتقاله عام 1996 وأمضى ثلاث سنوات.
وإبان انتفاضة الأقصى انخرط أبو حميد في مقاومة الاحتلال مجددا، واعتقل عام 2002، وحكم عليه الاحتلال بالسّجن المؤبد سبع مرات و(50) عاما ولا يزال في الأسر حتّى اليوم.
وواجه الأسير أبو حميد ظروفا صحية صعبة نتيجة الإصابات التي تعرض لها برصاص الاحتلال، وخلال العام الجاري تفاقم وضعه بشكل ملحوظ تحديدًا في شهر أغسطس/ آب، وتبين أنه مصاب بورم في الرئة، خلال الفترة التي سبقت ظهور المرض، واجه الأسير أبو حميد سياسة الإهمال الطبي المتعمد والمماطلة في تقديم العلاج، عدا عن ظروف السّجن القاسية التي تعرض لها، تحديدا في سجن "عسقلان" الذي يعتبر من أسوأ السجون من حيث الظروف.
وفي التاسع عشر من أكتوبر/ تشرين الأول 2021، خضع لعملية جراحية في مستشفى "برزلاي" الإسرائيلي، لاستئصال الورم في الرئتين، ونقل مجددا بعد فترة وجيزة إلى سجن "عسقلان".
الأسير أبو حميد من بين خمسة أشقاء يواجهون الحكم مدى الحياة في سجون الاحتلال، وقد اعتقل الاحتلال أربعة منهم عام 2002 وهم: نصر، وناصر، وشريف، ومحمد، إضافة إلى شقيقهم إسلام الذي اعتقل عام 2018، ولهم شقيق سادس شهيد وهو عبد المنعم أبو حميد، كما أن بقية العائلة تعرضت للاعتقال، وحُرمت والدتهم من زيارتهم لسنوات، وفقدوا والدهم خلال سنوات اعتقالهم، وتعرض منزل العائلة للهدم خمس مرات، كان آخرها عام 2019.