"مركز أطلس" يناقش معاناة الأسرى داخل المعتقلات "الإسرائيلية" بعد عملية نفق الحرية

الثلاثاء 28 سبتمبر 2021 09:29 ص / بتوقيت القدس +2GMT
"مركز أطلس" يناقش معاناة الأسرى داخل المعتقلات "الإسرائيلية" بعد عملية نفق الحرية



غزة / سما /

نظم مركز أطلس للدراسات والبحوث، الاثنين 27/9، ندوة سياسية بعنوان (عملية جلبوع البطولية أسئلة ورسائل) تناولت عملية انتزاع الحرية من سجن جلبوع قبل أسابيع، ودور الأسرى في القضية الفلسطينية، وتناول بالمقارنة التجارب الفلسطينية والأفريقية والإيرلندية.

وشارك في الندوة عدد من قادة الرأي، وأسرى محررون، وقيادات في العمل الوطني وأكاديميون ومثقفون.

التجربة الإفريقية

وتحدث الدكتور حيدر عيد، في مداخلة له، عن استلهام التجربة الإفريقية فيما يتعلق بقضية الأسرى، معربا عن اعتقاده بأن عملية نفق جلبوع خلقت أسطورة جديدة تتمحور حول الحرية، وكسرت أسطورة قوة النظام الأمني الإسرائيلي.

وقال: الأبطال الستة مالوا إلى تطبيق تفاؤل الإرادة في مواجهة تشاؤم العقل الذي يسيطر على النخب الفلسطينية".

وشرح د. عيد لفكرته بالقول: تشاؤم العقل يرى أن المعطيات الواقعية لا تبشر بخير، وعلينا القبول بما تمليه منظومة الأبرتهايد والاستعمار الاستيطاني، هذه المعطيات فرضت علينا من قبل منظومة عنصرية".

وانتقد د. عيد خلال مشاركته في الندوة عبر برنامج "زووم"، غياب البيئة المحلية الداعمة لأسرى نفق الحرية، مشيرا إلى أن الأبطال الستة فعلوا المستحيل وحرروا أنفسهم من سجن جلبوع، وتحدوا المحققين والسجانين.

وفي مقارنته بين عملية نفق جلبوع، وبين التجربة الإفريقية في التحرر من سجون الأبرتهايد، أوضح د. عيد أن أسرى أفريقيا الذين فروا من سجون الأبرتهايد وجدوا حاضنة شعبية حتى من الدول المجاورة لجنوب إفريقيا.

ويرى د. عيد أن عملية انتزاع الحرية كسرت الحاجز النفسي للأسرى، وكسرت هيبة دولة الاحتلال، مشددا على ضرورة إيجاد منظومة حماية كاملة لأي أسير يكرر تجربة سجن جلبوع، من خلال كل أنواع المقاومة، وليس من خلال مفاوضات سياسية لا نهاية لها.

السجن والحرية متلازمتان

بدوره، أكد الأستاذ جبر وشاح، وهو أسير محرر، أن كلمة السر في السجون هي صمود الأسير وخاصة المحكوم بأحكام عالية، والاستفادة من الوقت في السجن بالشكل الأمثل، من خلال التثقيف الذاتي والتعلم وتحصيل الشهادات الجامعية.

ويعتقد الأستاذ وشاح أن الأسر والحرية متلازمتين، حيث أن كل أسير يفكر في الحرية على مدار اللحظة، وفي المقابل لن يتحرر إذا ظل الأسر يسكنه.

وتابع بالقول: الأسر والحرية ظاهرة إنسانية إذا أُحسن استثمارها انتفى الهدف المراد من السجن وتحققت الحرية" لافتا إلى أن الهدف من الأسر عند الاحتلال لا يقتصر على تحييد المناضل من ميدان المواجهة، بل العمل على تدميره وأسر روحه وعقله مع جسده.

وبيّن وشاح أن إدارة سجون الاحتلال خصصت قسما كاملا في السجون اسمه قسم الهندسة البشرية، مهمته تدمير الأسير الفلسطيني ليكفر بما ناضل من أجله، ومن ثم تشكيكه بكل القيم والمقومات التي قاتل لأجلها، وغسل دماغه وتلقينه مبادئ ومفاهيم وتعاليم تخدم المشروع الصهيوني، وصولا لتدمير الروح والعقل الفلسطينيين.

وأشار إلى أن الأسرى الستة كسروا القيد نتيجة عملية تربوية ثقافية طويلة الأمد، بدأت من اللحظات الأولى للاعتقال، معربا عن اعتقاده بأن محاولات كسر القيد وانتزاع الحرية ستتكرر.

محل إجماع فلسطيني

وفي مداخلة له، وصف الدكتور هاني المصري، الكاتب والمحلل السياسي، ما قام به أسرى سجن جلبوع الستة، بـ "مدرسة يجب أن تعمم على جميع أحرار العالم" رافضا التقليل من إنجازهم رغم إعادة اعتقالهم.

ويرى د. المصري أن قضية الأسرى هي محل إجماع وطني، وحدت كل أطياف الشعب الفلسطيني، كون قضيتهم تتعلق بحرية الإنسان وباحتلال استيطاني عنصري.

وزاد بالقول: ظهر البعد الإنساني عقب عملية سجن جلبوع من خلال ما قام به الأسرى الستة بعد عملية تحررهم، وهذا كان له أثر مضاعف على كل الفلسطينيين".

وأكد د. المصري، أن اتفاق أوسلو صاحَبه خطيئة كبيرة، بعدم تضمينه شرط إطلاق سراح الأسرى من سجون الاحتلال، وترك القضية مرهونة لأوهام الحل بعد سنوات، داعيا إلى التنبه لهذا الخطأ، وعدم الوقوع فيه تارة أخرى.

وأردف بالقول: قضية الأسرى قضية كبيرة، يجب ألا تخضع للمساومة، بل يجب أن تكون في صدارة القضايا الوطنية، مع الدفاع عنها بكل الوسائل والتعامل مع الأسرى على أساس حجمهم ومكانتهم، وإشراك المحررين في مؤسسات صنع القرار". مؤكدا على أهمية صياغة رؤية شاملة واستراتيجية واضحة ينتج عنها قيادة موحدة تضع القضية الفلسطينية في مقاربة مختلفة.

وبيّن د. المصري أن استمرار الانقسام ينذر بتفاقم الأمور أكثر، لافتا إلى الحاجة لبلورة رؤية واضحة لخلاص حقيقي وليس الدوران في حلقة التحريض المتبادل والتمتع بالانقسام.

واستطرد قائلا: لا يمكن أن تقوم قائمة للقضية الفلسطينية ولا للأسرى بدون إنهاء الانقسام" موضحا أن قضية الأسرى قد تكون قابلة للحل عن طريق صفقات التبادل، رغم ضعف فرص إتمام هذه الصفقات في الوقت الراهن، بحسب اعتقاد الدكتور هاني المصري.

رفعت الروح المعنوية

الأسير السابق الدكتور سفيان أبو زايدة، قال في مداخلة له خلال الندوة التي نظمها مركز أطلس للدراسات، إن عملية نفق الحرية رفعت الروح المعنوية للشعب الفلسطيني، وشكلت ضربة في الصميم لمعنويات الاحتلال الإسرائيلي، واصفا عملية كسر قيد سجن جلبوع بـ "بطولية بكل تفاصيلها أعادت قضية الأسرى والقضية الفلسطينية بأكملها إلى واجهة العالم".

وأضاف: عملية جلبوع جلبت الكثير من الكبرياء والعزة والشموخ للأسرى وللشعب الفلسطيني وقضيته، النجاح الكبير كان في اختراق كل التحصينات الأمنية وتجاوزها والخروج من السجن".

وتطرق أبو زايدة لجانب من النظام الذي يعيشه الأسرى في سجون الاحتلال، حيث أوضح أنهم يحافظون على تنظيم أنفسهم وعلى تماسكهم وأطرهم التنظيمية حتى لا يخرجوا من السجن عبئا على المجتمع أو كتلة من الأمراض النفسية والجسدية.

وقال د. أبو زايدة: تداعيات كسر القيد وما تبعها من معركة في السجون لم تنته بعد، تم تشكيل لجنة تحقيق لدراسة أوضاع السجون ودراسة منظومة العلاقة بين الأسير وبين السجان".

واستدرك بالقول: بدون وقوف ودعم الشعب الفلسطيني بكل مكوناته لهم، لن ينتصر الأسرى في معركتهم".

وأعرب أبو زايدة عن اعتقاده بأن الجيش الإسرائيلي لم يقم باغتيال أسرى جلبوع الستة، خشية من ردة الفعل، وهي نفس الخشية التي دفعت إدارة السجون إلى وقف عملية تشتيت أسرى الجهاد الإسلامي في السجون.

وتحدث عن ضرورة إعادة ترميم كل ما يتعلق بمنظومة العلاقة داخل السجون، ووقف كل ما من شأنه إحباط الأسرى، كقطع رواتبهم ومخصصاتهم الذي تبع حل وزارة الأسرى وتحويلها إلى هيئة.

وتابع د. أبو زايدة بالقول: نحن سنظل نتعامل مع الأسرى كمناضلين يستحقون الحرية، والاحتلال سيظل يتعامل معهم كإرهابيين".

 نسفت ما زرعه السجان

من جهته، قال الأستاذ جواد بولص في مداخلة له عبر تطبيق "زووم"، إنه لا يمكن الفصل بين الجانب النضالي والجانب الإنساني في قضية الأسرى، معتبرا أن قمة الإنسانية في العصر الحديث هي حرية الشعوب.

وأضاف: من يناضل لتحرير نفسه ولكنس الاحتلال الظالم، يندرج تحت الإطار الإنساني، وعملية جلبوع هي المثال الأوضح للإنساني الخالص، والنضالي المطلوب".

وأوضح بولص أن الإسرائيلي أراد اختراق الحركة الأسيرة، مستغلا الانقسام الذي حصل عام 2006، وسجل بعض النقاط التي خلخلت بعض الأسس التي تقوم عليها الحركة الأسيرة، فجاءت عملية سجن جلبوع لتنسف كل ما جناه السجان في السنوات الأخيرة، وأشعرته بالهزيمة.

وبيّن أن الحركة الأسيرة نجحت في فرض ميزان ردع داخل السجون، لا يتجاوزه السجان، لافتا إلى أن الشعب الفلسطيني كان بحاجة إلى هذه الجرعة من الأمل بعد رحلة التيه التي عاشها.

وزاد بولص بالقول: الوحدة لا تكفي وحدها لبناء إرادة الصمود، الأمل يبقى مفتاحا، وهؤلاء الأسرى أعطونا الأمل، وأعادوا التوضيح للرأي العام من هو الظالم ومن هو المظلوم"، مشيرا إلى أن المقاومة هي الحالة الطبيعية التي ستبقى طالما بقي الاحتلال، وسيبقى هناك من يدفع الثمن.

التجربة الأيرلندية

الدكتور أسعد أبو شرخ تحدث خلال الندوة، من أيرلندا، ووصف إسرائيل بأنها دولة استعمار استيطاني تقوم على منطقين، أولهما تحقير قيمة الإنسان، وثانيهما التطهير العرقي.

وقال: إسرائيل دولة تطهير عرقي قائمة على القوة وعلى مبدأ إبادة الشعب الفلسطيني، والاستعمار الاستيطاني لا تنفع معه لغة المفاوضات".

وتحدث د. أبو شرخ عن الاتفاقيات التي وقعت بين أيرلندا وبين الاستعمار البريطاني، والتي نصت على تحرير كل الأسرى الأيرلنديين من سجون بريطانيا في حينها، مقارنا ذلك باتفاق أوسلو الذي جعل السلطة مقاولا أمنيا لإسرائيل، بحسب وصفه.

وتابع بالقول: التجربة الأيرلندية كانت قريبة من التجربة الفلسطينية، تشابهت معها في الإضرابات عن الطعام داخل السجون، وفي انتزاع الحرية والهروب من السجن".

 وأشار إلى أن الأسرى الأيرلنديين ناضلوا وقاتلوا ضد السجان، ولم يقبلوا باتفاق لا يتضمن إخراجهم من السجون البريطانية بالكامل، ومارسوا الإضراب عن الطعام حتى الموت، ضد الاعتقال الإداري، كما فعل الأسرى الفلسطينيون في مواجهة الاعتقال الإداري.

وأوضح د. أبو شرخ أن الذين يقفون مع الشعب الفلسطيني اليوم هم المناصرون للقضية الفلسطينية، كحركة التضامن العالمي، وحركة المقاطعة "بي دي اس"، مؤكدا على أهمية استمرار المقاومة بكل أشكالها المسلحة والشعبية، والتوقف عن المفاوضات التي لن تحقق شيئا.

وفي مداخلة له، قال الدكتور وليد القططي، عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي، إن موضوع السجون والاعتقالات مربوط بوجود الاحتلال القائم على القتل والتهجير والأسر، بينما حث المحرر المبعد طارق عز الدين في مداخلة أخرى على ضرورة محاربة المحتوى الإسرائيلي الذي ظهر بعد عملية نفق جلبوع وعدم التعاطي مع روايات الاحتلال أو نشر الشائعات التي يروجها.