كشفت مصادر فلسطينية مطلعة، اليوم السبت، عن تفاصيل العملية التي نفذتها أجهزة الأمن السودانية واستهدفت “أصول حماس” على أراضيها، والتي قالت إن قيمتها بلغت 1.5 مليار دولار.
ونقلت صحيفة القدس المحلية عن مصادر مطلعة على تفاصيل القضية منذ بداياتها، إن التفاصيل المعلن عنها لم تكن جديدة، مشيرةً إلى أنها بدأت منذ أكثر من 7 أشهر وتدرّجت في مستويات استهدافها، حتى شملت اعتقال رجال أعمال وأكاديميين وطلبة فلسطينيين غالبيتهم من قطاع غزة، وآخرين وصلوا السودان بعد أن هاجروا من عدة بلدان مثل سوريا ولبنان وغيرها.
وبينت المصادر، أن تلك العملية التي نفذت من قبل جهات أمنية سودانية بشكل خاص في العاصمة الخرطوم ومحيطها، طالت عددًا كبيرًا من الفلسطينيين الذين تعتقد تلك الجهات أنهم من حركة حماس، مشيرةً إلى أن بعض ممن اعتقلوا هم من المحسوبين على الحركة لكن لا يوجد أي نشاط فعلي لهم، وكانوا متواجدين بصفة طلبة أو أكاديميين.
ويتخذ المئات من الفلسطينيين سنويًا وخاصةً من سكان قطاع غزة، السودان كمحطة مهمة للحصول على درجات علمية مختلفة منها الدكتوراه خاصةً في دراسة الطب والعلوم الشرعية والدينية.
ولفتت المصادر وفق الصحيفة، إلى أن ما تمت مصادرته من عقارات وأموال تخص بعض رجال الأعمال والأكاديميين وهي أملاك شخصية وتجارية تخص الأشخاص ذوي العلاقة، وليس للحركة علاقة بها، مشيرةً في الوقت ذاته إلى أنه تم مصادرة بعض الشقق السكنية التي كانت تقدم خدمات للعديد من الطلبة بدعم جزئي من الحركة، إلى جانب شقق كانت بمثابة مكاتب للحركة سابقًا أثناء وجود ممثل رسمي لها في السودان.
وأشارت إلى أن الاعتقالات كانت في ذروتها قبل نحو شهرينو وطالت حوالي 45 شخصًا تم الإفراج عن معظمهم، وبينت المصادر أن السلطات السودانية طلبت من بعض من تم اعتقالهم مغادرة أراضيها والعودة إلى غزة، أو التوجه لأي مكان آخر، فيما تم لاحقًا السماح لبعضهم بالبقاء شرط الالتزام ببعض التعليمات التي وجهت إليهم ومنها عدم الاتصال بأي شخصيات من حماس، وعدم استلام أو إرسال أموال من وإلى مناطق محددة، والاكتفاء فقط بالاهتمام بدراستهم وأعمالهم المحدودة.
وقالت المصادر، إن رجال الأعمال الذين تمت مصادرة أموالهم، ليس لهم علاقة بحماس، غير أن بعضهم كان يتبرع بأموال لصالح الأيتام من أبناء الشهداء، ودعم ملفات تتعلق بالجرحى والأسرى والعائلات الفقيرة في غزة، ولم تكن تلك الأموال مخصصة لحماس أو لجناحها العسكري، كما اتهمتهم بذلك الأجهزة الأمنية السودانية.
وأشارت المصادر، إلى أنها علمت بأن بعض رجال الأعمال قد يخضعون للمحاكمة بسبب نقل تلك الأموال للأيتام من أبناء الشهداء، بزعم أنها أموال نقلت لحماس.
وكانت وسائل إعلام نقلت الخميس الماضي، عن مصادر سودانية أن الحكومة الحالية الانتقالية في الخرطوم، جمدت حسابات مالية لمؤسسات وأشخاص، وصادرت أصولًا لحركة حماس، شكلت موردًا مهمًا لنشاطاتها، زاعمةً أنها تضمنت فنادق وعقارات وشركات متعددة الأغراض وأراضٍ وشركات صرافة.
وتأتي هذه الخطوة من السودان، بعد خطوة أخرى كان اتخذها عبدالله حمدوك رئيس الوزراء الحالي في البلاد قبيل زيارته لواشنطن في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، والذي أصدر قانونًا يقضي بتفكيك مؤسسات تابعة للنظام كانت تدعم حماس ومنظمات أخرى تحت غطاء العمل الطوعي.
وفي ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، أعلن النظام الجديد في السودان سحب الجنسية من رئيس المكتب السياسي السابق لحماس خالد مشعل والذي منحه إياها البشير الذي التقى به عدة مرات في الخرطوم إبان حكمه.
وجاء القرار السوداني حينها في إطار خطة كشف تقضي بتجريد أكثر من 3000 شخص أجنبي من الجنسية السودانية والتي منحها لهم نظام البشير، من بينهم شخصيات إسلامية من حماس وأحزاب موالية لجماعة الإخوان المسلمين.
وتأتي هذه الإجراءات من طرف السلطات السودانية عقب اتفاق مع الإدارة الأمريكية السابقة بزعامة دونالد ترامب، من أجل شطب السودان عن قائمة الإرهاب، وهو قرار وقع في الثالث والعشرين من أكتوبر/ تشرين أول من العام الماضي، مقابل انضمام الخرطوم لاتفاقيات التطبيع “أبراهام”، وخصم أموال الديون عليها.
وحافظت حماس على علاقات جيدة مع السودان بعد سيطرة الرئيس المخلوع عمر البشير على البلاد عام 1989، حيث بدأت العلاقات الحقيقية بين الجانبين مع منتصف عام 1996، وبدأت تزداد قوة مع مرور الأعوام خاصةً بعد سيطرة الحركة على قطاع غزة، وزيارة وفود منها إلى الخرطوم وعلى رأسهم رئيس مكتب السياسي آنذاك خالد مشعل، حيث حاولت السودان التوسط في ملف المصالحة، حالها حال الدول العربية الأخرى.
وقطع النظام السوداني السابق علاقاته مع إيران وحزب الله عام 2016، رغم أن بعض القيادات من الجانبين زارا البلاد سرًا والتقوا بعدد من المسؤولين فيها، إلا أن العلاقات مع حماس بقيت مستمرة حتى بدأت بالتراجع في الفترة التي سبقت انهيار نظام البشير.
وكانت السودان تمثل بالنسبة لحماس طريقًا مهمًا في خارطة عمليات تهريبها للأسلحة من إيران ومناطق أخرى، ويعتقد أن حماس كانت تمتلك مواقع لتطوير الأسلحة في السودان قبل نقلها إلى غزة عبر سيناء المصرية.
ونفذ الطيران الحربي الإسرائيلي عدة هجمات في السودان، يعتقد أنها طالت أهدافًا لحماس، حيث طال القصف في عام 2009 ما لا يقل عن 17 شاحنة نقل أسلحة بحجة أنها كانت في طريقها لغزة. وفي 2011 أصيب عبد اللطيف الأشقر، القيادي في كتائب القسام بعد استهداف محيط ميناء بور سودان، وأصيب في الهجوم حينها أيضًا شخصين آخرين يعتقد أن أحدهما إيراني الجنسية.
وفي عام 2010 نجحت حماس بتهريب المئات من الصواريخ ذات المواصفات القياسية بعيدة المدى التي يصل مداها إلى 40 كيلومترًا، بعد أن كانت هربت منها العشرات بعد سيطرتها على غزة واستخدمتها في العدوان الإسرائيلي على القطاع عام 2008 – 2009.
كما نجحت حماس في 2010 بتهريب قذائف هاون وعشرات قطع الأسلحة المضادة للدروع، والأطنان من المتفجرات ذات المواصفات القياسية والمواد الخام الخاصة بإنتاجها والتي يعتقد أنه تم تطويرها في أحد المصانع الخاصة بالسودان.
وهاجمت إسرائيل عام 2012 مصنع اليرموك العسكري في الخرطوم الذي يعتقد أن حماس كانت تديره، ما أدى لتدميره حينها وتدمير أسلحة كبيرة بداخله كانت ستنقل لغزة، فيما تم مهاجمة مصنع آخر في منطقة أم درمان عام 2015، بينما أعلن النظام السوداني حينها إسقاط طائرة بدون طيار إسرائيلية حلقت في المنطقة بعد الهجوم الجوي.
كما هاجمت إسرائيل قوافل أسلحة نجحت بالخروج من السودان بسلام، عند وصولها إلى شبه جزيرة سيناء قبيل وصولها لغزة.