تحدث المراسل العسكري لموقع واللا الاسرائيلي أمير بوخبوط، عن مراحل تأسيس خركة الجهاد الاسلامي وصراعها الطويل مع اسرائيل منذ نشاتها.
وقال بوخبوط في تقرير نشر على موقع واللا الاسرائيلي، إن المُنظمة الاسلامية التي تأسست على يد مجموعة طلاب، وأعدت قوتها في سنوات الثمانينيات من القرن الماضي بمُساعدة من طهران، ومنذ ذلك الحين و”الجيش الإسرائيلي” والشاباك يُحاولون إحباط تحركات هذه المُنظمة، والكشف عن قواعدها، في المقابل عناصر المُنظمة يرفعون رؤوسهم مرة تلو الأخرى، وقد زادت قوة الجهاد الإسلامي في جنين وإذا وصل الأسرى الذين هربوا إلى جنين فمن المُتوقع أن تحدث معركة في المدينة نفسها.
وأشار الى أن تأسيس حركة الجهاد الإسلامي بدأت مع الثورة الإسلامية في إيران، نهاية سنوات السبعينيات من القرن الماضي وذلك زمن صُعود الخوميني إلى الحكم، وقد تأثر كذلك من الفترة السياسية التي تصاعدت فيها نشاطات حركة الاخوان المُسلمين في مصر مطلع سنوات الثمانينيات، والتي كانت ذروتها بعد مقتل الرئيس السادات بالعام 1981.
وأوضح أن مجموعة صغيرة من الطلبة في مصر هي التي أنشأت هذه المُنظمة الصغيرة المُتشددة والتي تُسمى الجهاد الإسلامي، هذه المجموعة شملت الدكتور فتحي الشقاقي الذي تحول بعد فترة إلى الأمين العام للتنظيم، والذي طالب ببداية طريقه التوحيد بين الإسلام السُني والإسلام الشيعي من أجل تحرير “فلسطين” بواسطة العُنف (والإرهاب).
ووفق بوخبوط، هذه الطريقة أسهمت بربط المُنظمة مع إيران وأدت فيما بعد إلى خلق قنوات دائمة للدعم المالي من طهران إلى المناطق الفلسطينية، ما بين عامي 1987- 1986 أدت أنشطة الجهاد الإسلامي إلى وقوع عمليات صعبة وقد أسهمت كذلك في إنشاء حركة حماس.
ونوه الى أن النشاطات العسكرية والعمليات التي نفذها الجهاد الإسلامي أسهمت كذلك في جمع التبرعات للفلسطينيين، لكنها أدت بعد عدة سنوات إلى طرد قادة الحركة من لبنان وعلى رأسهم إبراهيم الشقاقي، في حين بدأ “الجيش الإسرائيلي” والشاباك يركزون جهودهم الاستخباراتية حول هذا التنظيم، وفي عام 1994 تم إعطاء الإشارة الأقوى لمُحاربة التنظيم، وذلك من خلال تصفية كبار نُشطاء وقادة التنظيم، وذلك عندما تم تصفية القيادي هاني عبيد في قطاع غزة من خلال سيارة مُفخخة.
قيادات الجهاد الإسلامي تفاجئوا من الكشف عن المكان الذي يختبئ فيه المطلوب الكبير، وقد زعموا أن السلطة ساعدت في تصفيته، وخلال جنازته تم سماع هتافات ضد ياسر عرفات، وبعد عدة أسابيع وقعت عدة اشتباكات بين عناصر الجهاد الإسلامي وعناصر السلطة الفلسطينية، لكن في إطار التنظيم قرروا تغيير طرقة العمل، وإرسال استشهاديون لتنفيذ عمليات في داخل الكيان، وكانت البداية في العام 1995 عندما قام اثنين من عناصر تنظيم الجهاد الاسلامي بتنفيذ عمليات تفجيرية في مدينة بيت ليد، والتي أدت إلى مقتل 21 جندياً و “موطناً إسرائيليا”.
كردة فعل على هذه العمليات قررت “إسرائيل” تغيير طريقة التعامل مع التنظيم، وفي أكتوبر نفس العام تم تصفية الدكتور فتحي الشقاقي في مالطا من خلال عملية إطلاق نار نُسبت للموساد، وبعده تم تعيين الدكتور رمضان شلح أميناً عاماً للتنظيم وقبل عدة سنوات من الآن تدهورت حالته الصحية، وبعد وفاته تم تعيين زياد النخالة خلفاً له.
في بداية سنوات الألفينيات تم الكشف عن شبكة نشاطات واسعة للجهاد الإسلامي في الضفة الغربية، والمسؤولة عن تنفيذ العديد من العمليات في “إسرائيل”، وبينهم عملية ديزنغوف والتي أدت إلى الدفع بسياسة الاغتيالات وإقامة السور الواقي في مناطق التماس.
في أكتوبر عام 2000 تحرر من داخل “السجون الإسرائيلية” إياد الحردان من سُكان قرية عرابة قضاء جنين، وبعد ذلك تم الإعلان عنه كقائد الذراع العسكري للجهاد الإسلامي في جنين، ولقد عمل على التخطيط لعمليات استشهادية في “إسرائيل” والتي كان منها عملية تفجير سيارة مُفخخة في سوق “محنيه يهودا” بالقدس.
في الخامس من أبريل 2001 تم الإفراج عن الحردان من سجون السلطة، وتوجه إلى هاتف عُمومي بالقرب من مبنى البلدية في جنين وعندما رفع سماعة الهاتف تم تفعيل عبوة شديدة الانفجار أدت لوفاته على الفور.
حسب مصادر “بالجيش الإسرائيلي” في نفس الفترة بدأت عمليات ملاحقة ومطارة نشطاء الجهاد في الضفة، الشاباك أسهم بالكشف عن مكان اختباء وائل عساف وأسعد دقا، وتم تصفيتهم على يد قوة من الجيش، وكذلك تم اعتقال كل من محمود طوالبة وثابت مرداوي وكلاهما من جنين وتم الحكم عليهم بالسجن المؤبد.
إيران استمرت في إرسال الأموال إلى الضفة وغزة لعدة سنوات وبالمقابل استمرت العمليات الاستشهادية منها عملية فندق مكسيم في حيفا عام 2003 والتي قتل فيها 21 “إسرائيلياً”.
إيران ساعدت في بناء قوة الجهاد الإسلامي العسكرية في غزة، وساعدت في صناعة الصواريخ، والصواريخ المُتطورة المضادة للدروع، وقدمت العُلوم العسكرية، وتقديم الرواتب لعائلات الشهداء وتمويل النشاطات الاجتماعية وتوجيه الدعم المالي لعائلات الشهداء.
في يناير 2012 تم الكشف مرة أخرى عن شبكة واسعة للجهاد الإسلامي على يد الشاباك في جنين، الذين حصلوا على دعم كبير من قيادة التنظيم التي تواجدت في سوريا، وقد تم تحويل أموال كثيرة لتمويل العمليات وامتلاك الأسلحة وأيضاً لدفع رواتب الأسرى، وبعد اعتقال عشرات النشطاء تم تكوين صورة كاملة عن طبيعة عمل شبكات التنظيم في جنين.
الجهاد الإسلامي عمل على تجنيد الطلاب أصحاب الفكر الايدلوجي "المُتطرف" تجاه “إسرائيل” وفي العقد الأخير عمل التنظيم على تنفيذ العديد من عمليات إطلاق النار بالضفة واطلاق الصواريخ من غزة، وبالمقابل لم يتوقف التنظيم عن تنفيذ العمليات المُحكمة والذكية مثل الأنفاق وإرسال البراميل المُفخخة إلى سواحل “إسرائيل”.
الشخصية الأبرز خلال العقد الأخير كانت قائد اللواء الشمالي في قطاع غزة بهاء ابو العطا الذي سُمي على يد الجيش باسم “الفتيل المُتفجر”، أبو العطا اعتاد على اطلاق الصواريخ تجاه “إسرائيل”، والحدث الأبرز كان اطلاق صاروخ خلال اجتماع شارك به رئيس الوزراء نتنياهو في أسدود، وعندها نقلت “إسرائيل” رسالة تهديد عن طريق الوسيط المصري مفادها: إذا لم يتوقف أبو العطا عن أعماله ستكون حياته هي الثمن.
بتاريخ 21 نوفمبر 2019 وقعت الصدمة على تنظيم الجهاد الإسلامي حينما نفذ الشاباك عملية اغتيال لبهاء أبو العطا وبنفس الليلة هاجم سلاح الجو في سوريا منزل القيادي بالجهاد اكرم عجوري نائب الأمين العام للتنظيم، العجوري نجى من الموت، لكن ابنه استشهد في هذا الهجوم، في عام 2020 كثف الجيش والشاباك العمل ضد الجهاد الإسلامي بالضفة الغربية، وبدأوا بتنفيذ حملات اعتقالات موسعة طالت عناصر التنظيم في جنين.
إن الصراع بين “إسرائيل” والجهاد الإسلامي استمر خلال فترة حملة حارس الأسوار، ورغم الدعم الكبير للتنظيم من إيران وحزب الله، إلا أن الجهاد لم ينجح في تنفيذ عمليات استشهادية نوعية، واعتمد على اطلاق الصواريخ من قطاع غزة، في بداية الحملة تم تصفية قائد القوة الصاروخية للتنظيم مصباح عبد الممكلوك الذي كان مختبئاً بشقة في مدينة غزة، وبعد بعدة أيام تم تصفية قائد اللواء الشمالي حسام أبو هربيد.
القيادة بسوريا ضغطت من أجل تنفيذ عمليات ووفقاً لذلك بدأ عناصر الجهاد الإسلامي في جنين بالتحرك، وفي العام الأخير أصبح كل اجتياح للجيش لمدينة جنين كان يُرافقه اشتباكات مُسلحة من عناصر الجهاد الإسلامي، في يونيو هذه السنة دخلت قوة يمام إلى مُخيم جنين وقامت باعتقال عدد من المطلوبين، وقتلت الناشط جميل العمري.
وقبل شهر دخلت قوة مُستعرين إلى دخال المُخيم وقامت بمحاولة اعتقال أحد النشطاء، وكرد على ذلك تعرضت القوة لإطلاق النار من عدة اتجاهات وأجبروا على الرد بالنار، وقاموا بقتل أربعة عناصر من الجهاد، وبتعليمات من قيادة التنظيم في دمشق تم اطلاق صواريخ من غزة تجاه إسرائيل.
إن الصراع لا زال مُستمر في هذه الأيام بين “إسرائيل” والجهاد الإسلامي وذلك في إطار حملة البحث عن أسرى التنظيم الذين هربوا من سجن جلبوع ومعهم زكريا الزبيدي، خطة الهروب لم تفاجئ مصادر كثيرة بالجيش والمنظومة الأمنية وذلك لأن الحديث يدور عن تنظيم يُربي عناصره على السرية التامة.
في إطار عمليات البحث كانت قوات الجيش والشاباك تعمل في محيط منطقة جنين من أجل العثور على معلومات عن مكان اختباء الأسرى، وقد رجح مصادر بالجيش والمنظومة الأمنية أن الأسرى سيُحاولون التوجه إلى المكان المعروف لهم وهو جنين… ومن هنا رجحت “المنظومة الأمنية الإسرائيلية” أن الزبيدي تم دمجه بعملية الهُرب بسبب قُدرته على الحُصول على حماية ومُساعدة من سُكان مدينة جنين.
ومنذ عملية الهروب من سجن جلبوع وقعت عدة عمليات إطلاق نار تجاه “قوات الجيش الإسرائيلي” بمُحيط جنين، فيما تؤكد تجربة الماضي أن العدد الكبير لمُسلحي الجهاد الإسلامي في جنين سوف يشكلون حماية للأسرى الفارين في حال نجحوا في الوصول إلى المخيم، وإذا وصل باقي الأسرى الذين هربوا إلى جنين، فمن المُتوقع أن تحدث معركة بالمدينة، وهذه المعركة المتوقعة “للجيش الإسرائيلي” في هذه المنطقة الأكثر ازدحاماً بالضفة الغربية ستكون صعبة جداً.