هآرتس - بقلم: يونتان ليس وآخرين " التقى وزير الدفاع، بني غانتس، ليلة الأحد- الاثنين في رام الله، مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وهو اللقاء الرسمي الأول لوزير إسرائيلي مع الرئيس الفلسطيني منذ العام 2010. تم إبلاغ رئيس الحكومة، نفتالي بينيت، مسبقاً عن اللقاء. وأمس، قال مصدر في حاشية بينيت بأنه “ليس هناك أي عملية سياسية مع الفلسطينيين ولن تكون. الأمر يتعلق بلقاء يتعلق بقضايا يومية بين جهاز الأمن والسلطة الفلسطينية”.
وقد وردنا من قبل غانتس بأنه قال للرئيس عباس في اللقاء: إسرائيل مستعدة للقيام بعدة خطوات لتعزيز اقتصاد السلطة الفلسطينية”. وورد أيضاً أنهما بحثا في “تشكيل الوضع الأمني والمدني والاقتصادي في الضفة الغربية وغزة”.
وشارك في اللقاء أيضاً منسق أعمال الحكومة في “المناطق” [الضفة الغربية] غسان عليان، والوزير الفلسطيني للشؤون المدنية حسين الشيخ، ورئيس المخابرات العامة الفلسطينية ماجد فرج. وتضمن الجزء الأخير لقاء بين غانتس وعباس على انفراد.
قال غانتس أمس إنه اتفق مع عباس على سلسلة خطوات استهدفت التخفيف من الأزمة الاقتصادية في السلطة وتعزيز التنسيق الأمني بينها وبين إسرائيل. وحسب غانتس، اتفقا على تسوية مكانة آلاف الغزيين الذين يعيشون في الضفة الغربية ومواطنين من دول أجنبية متزوجين من فلسطينيات من سكان الضفة، الذين ليست لهم إقامة. ستتم التسوية حسب معايير ستحدد لأشخاص كبار في السن فقط. في العام 2007 و2008، في أعقاب نضال جماهيري لعائلات والتماسات قدمتها “موكيد” للدفاع عن الفرد، صادقت إسرائيل ولمرة واحدة على تسوية مكانة ولم شمل لحوالي 32 ألف عائلة، “كبادرة حسن نية لمحمود عباس”. ومنذ ذلك الحين، باستثناء حالات استثنائية جداً، بقي لمّ شمل العائلات في الضفة وغزة مجمداً.
وأضاف غانتس بأنه اتفق مع عباس أيضاً على إعطاء قرض للسلطة بمبلغ نصف مليار شيكل، سيتم تسديده من أموال المقاصة التي تحولها إسرائيل للسلطة بدءاً من حزيران 2022 (القصد هو عائدات أموال الضرائب التي تجبيها إسرائيل من الفلسطينيين والتي تبلغ 9 مليارات شيكل في السنة). إضافة إلى ذلك، كرر غانتس مصادقة الحكومة على إضافة 15 ألف تصريح عمل لسكان السلطة و1000 عامل لفرع السياحة. وقال غانتس أيضاً إنه تم الاتفاق على إعطاء حوالي 1000 تصريح بناء للفلسطينيين في مناطق “ج”.
حسب أقوال غانتس، لم يكن هدف اللقاء الدفع قدماً بالعملية السياسية، بل لبناء الثقة بين إسرائيل والسلطة وتعزيز العلاقات بينهما. “كلما قويت السلطة الفلسطينية ضعفت حماس، وكلما كانت لها قدرة أكبر على السيطرة سيكون هناك أمن أكثر، وسنضطر إلى العمل بصورة أقل”، قال غانتس.
المتحدث بلسان حماس، سامي أبو زهري، قال أمس إن اللقاء بين غانتس وعباس هو خطوة خطيرة، وهذا الأمر يشير إلى “استخفاف السلطة الفلسطينية بدماء الفلسطينيين”. وأضاف بأن اللقاء يدل على أنه من المهم للسلطة الحفاظ على التنسيق الأمني مع إسرائيل أكثر من دعم المصالح الوطنية الفلسطينية.
المتحدث بلسان الجهاد الإسلامي، طارق سلمي، انتقد اللقاء أيضاً. وحسب قوله “السلطة الفلسطينية تدير الظهر للإجماع الوطني الفلسطيني وتضع شروطاً للحوار الداخلي، لكنها تسارع إلى الالتقاء مع قادة العدو الصهيوني وتمد يدها لمن أيديهم ملطخة بالدماء الفلسطينية، بل وتعزز معهم العلاقات الأمنية والسياسية على حساب الشعب الفلسطيني”. وتطرق سلمي أيضاً في أقواله لمنشورات في وسائل الإعلام الفلسطينية والتي بحسبها اشترط عباس أي حوار مع حماس ومع الجهاد بموافقتها على القرارات المتعلقة بالنزاع والتي أعلن عنها المجتمع الدولي، منها الاتفاقات التي تعترف بإسرائيل كدولة.
جرى اللقاء بين غانتس وعباس في ظل لقاء بين بينيت والرئيس الأمريكي بايدن، يوم الجمعة الذي أوضح فيه بينيت بأنه لا ينوي الدفع قدماً بعملية سياسية مع السلطة الفلسطينية في الظروف السياسية الحالية، لكنه يصمم على القيام بخطوات اقتصادية إزاء السلطة الغارقة في أزمة اقتصادية عميقة.
أما في موضوع الطلبات الأمريكية لإعادة إعمار القطاع، فقد وضع بينيت ثلاثة شروط لموافقة إسرائيل في هذا الموضوع: وقف إطلاق الصواريخ من القطاع، ووقف تهريب الصواريخ إلى القطاع، وحل قضية الأسرى والمفقودين الإسرائيليين. وحسب أقوال مصدر سياسي، إذا تم تحقيق هذه الشروط فـ”ستكون السماء هي الحدود”. كما طرح في المحادثات أيضاً مبادرة الإدارة الأمريكية لإعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس لتقديم الخدمات للفلسطينيين. وتولد لدى مصادر فلسطينية انطباع بأن بينيت في الحقيقة يعارض فتح القنصلية، ويعتبر الخطوة مدخلاً لتقسيم مستقبلي للقدس، لكنه لن يمنع ذلك إذا قررت الإدارة القيام بذلك في نهاية المطاف.
مثلما كشف في “هآرتس”، فإن شخصيات كبيرة في السلطة الفلسطينية نقلت للإدارة الأمريكية قائمة بالمطالب السياسية التي يمكن الدفع بها قدماً حتى بدون إجراء مفاوضات علنية. بدأت إسرائيل بإجراءات من بين الطلبات الفلسطينية، منها إعطاء آلاف تراخيص البناء في القرى الفلسطينية وتخصيص 15 ألف تصريح عمل إضافي لعمال فلسطينيين في إسرائيل. وثيقة المطالب الفلسطينية حولت قبل ثلاثة أشهر تقريباً، وتشمل حوالي 30 اقتراحاً تتناول إعادة ترميم صلاحيات الحكم للسلطة وتحسين الاقتصاد الفلسطيني والاهتمام بمستوى حياة السكان.
مصدر مطلع على هذه العملية، قال للصحيفة بأن السلطة وحكومة بينيت-لبيد والإدارة الأمريكية، يقدرون بأنه لا يمكن الدفع قدماً بعملية سياسية علنية جوهرية بين الطرفين في هذه المرحلة، وأن جزءاً من المبادرات التي حولت يمكن دفعها قدماً من “تحت الرادار”. “للجميع مصلحة للحفاظ على عدم كشفها علناً. وحتى لو كان يمكن تحقيق جزء فقط من هذه الخطوات، على الأقل في المجالات المدنية، فهذا سيمنح الفلسطينيين إنجازات وسيحسن حياتهم اليومية”، قال المصدر في حينه.