يحذّر باحث إسرائيلي شغل مناصب دبلوماسية وسياسية في الماضي، من احتمالات تكرار سيناريو الانسحاب الأمريكي من أفغانستان في البحرين أيضا ومن “أطماع إيران” في الدولة الخليجية.
ويقول دوري غولد، السفير الإسرائيلي السابق في الأمم المتحدة، ورئيس معهد القدس للشؤون العامة والسياسة، إن زيارة نائب وزير خارجية البحرين ورئيس معهد “دراسات” في بلاده الشيخ عبد الله بن أحمد آل خليفة إلى إسرائيل، عرّفت الإسرائيليين على البحرين.
ويتساءل: “قد يستغرب البعض، لماذا البحرين بالذات؟ ولماذا يهتم بها الغرب إلى هذا الحد؟ صحيح أن البحرين انضمت إلى الإمارات ضمن إطار اتفاقات التطبيع مع إسرائيل تحت غطاء اتفاقات أبراهام قبل عام، لكنها بالإضافة إلى ذلك تمتاز ببعض الصفات التي تحولها من ناحية استراتيجية إلى إحدى أهم الدول اليوم في منطقة الخليج، في ظل توترات إقليمية، وخصوصاً في مواجهة تهديد مشترك هو إيران”.
ويرى غولد أنه من ناحية، كانت البحرين هدفاً دائماً للتوسع الإيراني بما يشبه التهديد على إسرائيل ويشير إلى أن رئيس تحرير صحيفة “كيهان”، الذي يعمل بوقاً رسمياً للمرشد الأعلى علي خامنئي، كتب في سنة 2007: “البحرين هي جزء من الأراضي الإيرانية”. كما يقول غولد، إن علي أكبر نوري، مستشار خامنئي، الذي ترشح للرئاسة في إيران عام 1997، وصف البحرين بأنها المحافظة رقم 14 من إيران. معتبرا أن هذا الأمر يذكّر بخطاب الرئيس العراقي صدام حسين عام 1990، عندما وصف الكويت بأنها المحافظة الـ19 للعراق، بينما كانت قواته تغزو أراضيها وتحتلها.
وادعى غولد أن ثمة تهديدا آخر يتعلق بالرغبة الإيرانية في التوسع، وهو إقامة فرع لحزب الله في البحرين مشيرا لكون نحو 70% من سكان البحرين من المسلمين الشيعة. ويضيف الباحث الإسرائيلي: “قام فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني بتجنيد عناصر معادية من هؤلاء السكان للقيام بعمليات ضد العائلة المالكة. وفي عام 2018 اتُّهم نحو 169 شخصاً في البحرين بإقامة حزب الله البحريني. من جهة ثانية، الأسطول الأمريكي قدّم مظلة دفاع عن الدولة. في سنة 1995 شكلت الولايات المتحدة الأسطول الخامس ووضعت قيادته في العاصمة البحرينية المنامة. وكان هذا الأسطول مسؤولاً عن كل القوات البحرية الأمريكية في منطقة الخليج والمحيط الهندي”.
ويقول أيضا إنه في وقت تبدو البحرين اليوم ضرورية، ليس فقط لعمليات عسكرية أمريكية في الخليج، بل أيضاً في القرن الإفريقي، هناك أصوات سياسية في الولايات المتحدة تطالب بإخراج القواعد الأمريكية من هناك.
ويتابع غولد: “بعد انسحاب الولايات المتحدة نهائياً من أفغانستان وتقليص قواتها في العراق، سيكون لذلك تداعيات إقليمية مهمة. الانسحاب من القاعدة البحرية في البحرين سيزيد في زعزعة الاستقرار في الخليج، ومثل هذه الخطوة ستعتبر هدية أيضاً إلى إيران وحزب الله، وستؤثر بصورة كبيرة في إسرائيل أيضاً”.
وينوّه غولد أنه عند الانتهاء من التوصل إلى الاتفاق النووي الإيراني عام 2015، ادّعت مصادر كثيرة في الولايات المتحدة أن الاتفاق هو بداية عهد جديد من “الاعتدال الإيراني” معتبرا أن ما حدث فعلاً كان العكس تماماً، فقد ذكر بحث نشره هذا العام معهد طوني بلير في لندن، أن افتراض الاعتدال الإيراني كان كذبة. فعلياً ارتفع عدد الميليشيات الإيرانية في الشرق الأوسط. ورفْع العقوبات عام 2015 عن إيران سمح لها بالحصول على الأموال اللازمة لنشر الإرهاب في الشرق الأوسط: المشكلة التي تضطر البحرين وإسرائيل إلى مواجهتها”.
ويوضح غولد أن نائب الوزير آل خليفة شدد في كلامه خلال زيارته إلى إسرائيل على أنه مثلما جرى في سنة 2015، أي اتفاق نووي يعتمد على الافتراضات عينها سيشكل خطراً على المنطقة كلها. وبرأيه لا يعتمد التمسك الدولي بالبحرين على اعتبارات عسكرية فقط، بل ينطوي على مصالح أوسع بكثير: في الأعوام الأخيرة تحولت البحرين إلى مركز للاعتدال الديني في الشرق الأوسط، وأقيم فيها كنيس جديد، كما افتتح الرئيس الهندي معبداً هندياً في سنة 2019.
في الختام، يعتقد غولد أن الصراع على البحرين علامة فارقة في الشرق الأوسط، حيث يتقاتل التطرف مع الاعتدال السياسي.
يشار إلى أنه فيما تلتزم إسرائيل الصمت رسميا، يواصل عدد كبير من الباحثين والمحللين الإسرائيليين إبداء قلقهم من هزيمة الولايات المتحدة في أفغانستان، ومن استمرار انسحابها من الشرق الأوسط.