عضو "مركزية فتح" روحي فتوح يكتب: الحوار العقلاني سبيل الاصلاح!

الأحد 18 يوليو 2021 08:50 م / بتوقيت القدس +2GMT
عضو "مركزية فتح" روحي فتوح يكتب: الحوار العقلاني سبيل الاصلاح!



رام الله /سما/

يبدو أننا نفتقر اليوم إلى العقلاء المحايديين أو ما يسمى الطرف الثالث العاقل في ظل حالة الاحتقان التي تمر بها الساحة السياسية الفلسطينية. هناك غياب كلي لحكماء يبادروا للتهدئة واجراء التفاهمات والحوار العقلاني وتعزيز المصالحة الوطنية.

أين القوى والفصائل والشخصيات الوطنية الوازنة ووجهاء وشيىوخ عشائر الوطن؟

ففي ظل اصرار البعض على استخدام لغة توتيرية وتصعيدية واتهامية لا تستقيم وطبيعة الخلافات، أوحتى الغضب، أو السعي من أجل القضاء على الفساد والتصحيح، واستخدام لغة التهديد وهدم المعبد وانهاء السلطة، بالتأكيد هذا لن يفيد أحد ولن يسمح به، بل والأخطر دعوة البعض التغيير سيكون بالدم منكم ومنا في دعوة صريحة لحرب أهلية وإستباحة الدم الفلسطيني.

ان هذا التطرف ومحاولات البعض لجر المجتمع الفلسطيني إلى الصدام بين مؤيد ورافض، يعيدنا إلى انقلاب غزة. فهل هذه دعوة أو امتداد لما جرى في قطاع غزة عام 2007؟

أن دفع شعبنا الفلسطيني للخروج إلى الشوارع والساحات العامة بمظاهرات منددة وأخرى مؤيدة، لا يخدم إلا إسرائيل والمستوطنين. فبدلاً من التكاتف في مواجهة المستوطنين كما يجرى في بيتا وسلوان والشيخ جراح ومسافر يطا وبيت دجن والأغوار ونعلين والنبي صالح وجميع مدن وقرى الضفة الغربية ومدينة القدس، يجرنا البعض المُضلِلِ والمُضلَلَ إلى الاحتكاك الداخلي والصدام مع أجهزة الدولة المدنية والأمنية. واستخدام كل أساليب التضليل والكذب والدسيسة وتسخير فضائيات كبرى، مثل الجزيزة والميادين والأقصى وكل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة المتاحة لديهم، لتقوم بتعبئة شيطانية تحرف نضال شعبنا وخاصة الجيل الشاب عن التناقض الرئيسي وهو الاحتلال، ورفع مستوى الخلافات الثانوية والداخلية لتحل محل صراعنا المركزي مع العدو الصهيوني. هذا ونحن على بُعد بضعة اسابيع فقط من الهبة الشعبية الموحدة من اجل القدس والمسجد الاقصى ومجزرة غزة. أين العقل؟ وأين العقلاء؟ وأين الحكماء من هذا كله؟

في تجارب الشعوب التي حدثت فيها مشاكل حادة وحالات من فقدان الأرواح والممتلكات، في نهاية المطاف توصلت إلى حل للمشاكل الداخلية وأجرت مصالحات داخلية ومجتمعية تحت ما يعرف بالعدالة الانتقالية. وبالفعل أقر ذلك في اتفاق القاهرة عام 2011 بتشكيل لجنة المصالحة الوطنية.

فلماذا هذا التصعيد طالما ان الحكومة أحالت الملف المتعلق بوفاة المرحوم نزار بنات إلى القضاء وأودعت أفراد الدورية التي اعتقلته في السجن؟ فلماذا الاستمرار في استغلال هذا الحدث المستنكر واستخدامه من قبل أطراف أهدافها سياسية بحتة ليست حريصة أو مهتمة او ربما غير معنية لا بعائلته ولا حتى بسيرته بقدر اهتمامها بالحصول على مكاسب فردية أو فئوية؟

فمن يريد أن يهدم المعبد فوق رؤوس الجميع عليه ان يدرك انه لن يستطيع بناء معبد جديد، لأنه مكلف فقط بالهدم وليس البناء. فالذي يسعى إلى إنهاء السلطة ورحيلها لن يكون بديلاً عنها، بل سيكون البديل الاحتلال الاسرائيلي، وفي أحسن الأحوال عملاء الاحتلال.

تنبهوا واستفيقوا يا قوم يرحمكم الله، دعونا نبدأ حوار عقلاني يساعدنا في حل كل القضايا والخلافات وفي مقدمتها إصدار القضاء حكم عادل بوفاة نزار بنات، وكذلك معالجة العلاقات الوطنية والخروج من أزماتنا القائمة. الخروج من الحالة الراهنة تبدأ بالتهدئة والتوقف عن التشهير واستخدام هتافات وعبارات مسيئة لتاريخنا وعلاقتنا الوطنية وتمادت وخرجت عن سياقها الوطني والاخلاقي.

وبعيداً عن الكلام الفارغ الذي يردده البعض، ولا نتوقف عنده لكن لتلميع الذاكرة كما كان يقول قائدنا الخالد فينا ياسر عرفات (أبو عمار)، بمناشدة أبناء فتح الشرفاء أن "يتداركوا الوضع" والقول ان هذه "الفرصة الأخيرة". نذكره، أن مخابرات أنظمة عربية أستخدمت نفس عبارات الفدائي الشريف والفدائي غير الشريف، والفتحاوي الشريف والفتحاوي القومي، هذه الأساليب المخابراتية لا تستقيم مع فتح ولن تجدي نفعا بل تزدها صلابة وتماسكاً. كما أن الزج بفتح وكأنها الطرف المباشر في الحالة القائمة يهدف إلى ضرب العمود الفقري للكل الوطني الفلسطيني ليس فقط الثورة، أو المنظمة، أو الدولة.. بل المشروع الوطني برمته. وإذا ضعفت فتح لن تقوم للقوى المقاتلة قائمة بدونها.

فتح مخزون وطني نضالي مقاتل ابتدعت بعبقريتها كل أشكال النضال بشتى وسائله.

فحجم الضغوط التي تمارسها قواعد فتح على قيادتها هو العودة إلى الكفاح المسلح، ونحن اهلا لها، ورفض كل الاتفاقيات والتفاهمات مع إسرائيل والمجتمع الدولي.
لا أحد يزج بفتح ضمن أجندته المستوردة أو مهمته التي كلف بها لتخريب الوضع الفلسطيني وخلط الاوراق، فتح من قادت معظم المعارك المحورية التاريخية في وجه الاحتلال الصهيوني، هي اول الرصاص، هي فتح معركة الكرامة (الانتصار العربي الأول) وإجتياح 1978 وحصار بيروت 1981 والصمود الاسطوري، وحرب المخيمات 1985، وهي أول الحجارة والانتفاضة الأولى والثانية، والسور الواقي 2002، ومعركة جنين البطولية، والخان الاحمر، والشيخ جراح، وبيتا وغيرها الكثير، وما زال النضال مستمراً ولن يتوقف. في كل المعارك التي خاضتها كانت قادرة على حماية الشعب الفلسطيني بكل مكوناته السياسية والمجتمعية ولن تسمح بتمرير أي مشاريع أو أجندات خارجية.

فتح تدعو الكل الفلسطيني بلا إستثناء تعالوا إلى كلمة سواء، كلمة وطنية شفافة تقوم على الاحترام والمساواة وانفاذ القانون والتبادل السلمي للسلطة عبر صناديق الإقتراع واحترام السلطة القضائية.

فتح التي أوجدت السلطة الوطنية ووضعت القانون الأساسي وأجرت الإنتخابات النزيهة وقامت بالفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، ستدافع عن هذه المنجزات بكل ما تملك من قدرات مادية وتنظيمية ومعنوية، ولن تسمح بسيل نقطة دم واحدة لا منها ولا من غيرها، والانسان الفلسطيني اغلى ما لدينا.