معاريف - بقلم: أولغا دويتش نائبة رئيس NGO Monitor
"قلة من الجمهور الإسرائيلي على علم بالأحداث التي وقعت في ديربن في جنوب إفريقيا في أيلول 2001، ولأهميتها في الصراع اليوم ضد اللاسامية واللاصهيونية. في تلك الفترة، اعتبرت العمليات وموجات العنف التي عربدت في البلاد في نظر الجمهور الإسرائيلي بصفته التهديد الوجودي الأخطر على الدولة، ولكن بالتوازي عقدت مفوضية حقوق الإنسان للأمم المتحدة مؤتمراً لإحياء نهاية الأبرتهايد في جنوب إفريقيا. وعلى جدول الأعمال كان تبني خطة ضد العنصرية والتفرقة في أرجاء العالم، ولكن بدلاً من ذلك تحول المؤتمر إلى معرض للاسامية والكراهية تجاه اليهود ودولة إسرائيل".
تضمن مؤتمر ديربن ثلاثة مسارات: مسار دبلوماسي، وشبيبة، ومنظمات غير حكومية. عندما تبين أنه كانت ستطرح على التصويت وثيقة تتهم إسرائيل بقتل شعب وبتطهير عرقي وبجرائم حرب، غادر الوفدان الدبلوماسيان الأمريكي والإسرائيلي باستعراضية. بقي الأوروبيون والكنديون وتوصلوا إلى صيغة معدلة خففت من حدة الاتهامات، ولكنها لم تلغ النبرة اللاإسرائيلية للوثيقة.
ووقع الصراع الحقيقي بالتوازي في منتدى المنظمات غير الحكومية الذي شاركت فيه أكثر من 1.500 منظمة فيما أصبح أحد الأحداث التي تعرف اللاسامية: مسيرات جماهيرية ضد إسرائيل في شوارع ديربن، ونشر مواد كراهية تتتضمن “بروتوكولات حكماء صهيون”، ويافطات مع نجمة داود إلى جانب الصليب المعقوف وتهديدات للناطقين اليهود. هذه بعض من الأمور التي وقعت في المنتدى الذي مولته الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا وصندوق فورد. كل هذا تم أمام أنظار العالم وفي إطار رسمي للأمم المتحدة، مما جعل الإسرائيليين واليهود الذين شاركوا في المؤتمر يشعرون بالتهديد مثلما لم يشعروا منذ قيام الدولة. كان العنوان على الحائط؛ إذ إنه في اللقاء التمهيدي للأمم المتحدة في طهران قبل المؤتمر، عرض منتدى المنظمات غير الحكومية خطة عمله “لعزل دولي تام لإسرائيل كدولة أبرتهايد”. منذئذ، وتلك المنظمات وغيرها تنفذ حملة المقاطعة تحت شعارات مثل “النقد الشرعي للسياسة الإسرائيلية”. منذئذ، عرض الهدف لاستخدام محكمة الجنايات الدولية في لاهاي كوسيلة للقتال القانوني وللتشهير بإسرائيل في الساحة الدولية. وألصق تعبير الأبرتهايد لإسرائيل في ظل الاستخفاف بجرائم الأبرتهايد التي وقعت حقاً في جنوب إفريقيا.
في هذه الأيام، يخطط مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة لمؤتمر؛ لإحياء 20 سنة على مؤتمر ديربن، والذي سيعقد في أيلول القادم. وأعلنت بريطانيا والولايات المتحدة وهنغاريا منذ الآن عدم المشاركة فيه. مثلما في حينه، فإن الصراع الحقيقي هو في ساحة المنظمات غير الحكومية التي تعرف نفسها كمنظمات حقوق إنسان وتستغل هذا النشاط سياسياً ضد إسرائيل، بعضها منظمات كبرى مثل “هيومن رايتس ووتش”، وبعضها منظمات فلسطينية ترتبط بمنظمات "إرهابية". وتكاد كلها تتمتع بدعم واسع من الأمم المتحدة والحكومات الأوروبية. وحسب بحث في معهد NGO Monitor، فالحديث يدور عن ما لا يقل عن مئة مليون دولار في كل سنة.
بمرور عشرين سنة على المؤتمر إياه، يجدر بنا أن نتوقف ونفحص كم نجحت تلك المنظمات في مهمتها. فمقاطعة إسرائيل تواصل إحداث الضجيج، ولكن عملياً لا توجد أدلة على أنها ألحقت ضرراً اقتصادياً حقيقياً للاقتصاد الإسرائيلي. إضافة إلى ذلك، إسرائيل بعيدة عن أن تكون منعزلة، خصوصاً بعد اتفاقات إبراهيم والعلاقات الجديدة مع دول إفريقيا. فلئن كان الهدف العمل على إقامة دولة فلسطينية، فإنه هدف بعيد اليوم من أي وقت مضى. الإنجاز الوحيد لحملة المقاطعة هو تشويه مفاهيم مثل العدالة، وحقوق الإنسان والحرية. علينا أن نحيي عشرين سنة على مؤتمر ديربن، ليس بالنظر إلى الوراء فحسب، بل مع نظرة إلى الأمام وإعادة إسرائيل والصهيونية إلى مكانهما البناء من أجل كل شعب إسرائيل.