ذي إنترسيبت: مجلة طبية أمريكية حذفت مقالا عن الصحة في غزة لارضاء اليمين المناصر لإسرائيل

الخميس 01 يوليو 2021 09:50 م / بتوقيت القدس +2GMT
ذي إنترسيبت: مجلة طبية أمريكية حذفت مقالا عن الصحة في غزة لارضاء اليمين المناصر لإسرائيل



واشنطن /سما/

 نشر موقع “ذي إنترسيبت” مقالا لمرتضى حسن قال فيه إن المجلة العلمية الشعبية “ساينتفيك أمريكان” مارست الرقابة على مقال كتبه مؤيدون للفلسطينيين لم يحتو على أي أخطاء حقيقية.

وقال إن المجلة قامت بحذف المقال بناء على ضغط من جناح يميني متطرف. وأشار إلى أن صابرين أختر شعرت بالحاجة للقيام ما يمكنها القيام به. ومثل بقية الناس حول العالم في شهر أيار/مايو كانت تتابع الأخبار والحرب في غزة التي فاقم القصف الإسرائيلي المعاناة الإنسانية في القطاع.

وفي أثناء تصفحها ما ورد إليه من معلومات ورسائل على منصات التواصل الاجتماعي، قامت أختر وهي طبيبة تعمل في شيكاغو بالاتصال مع عدد من العاملين المهنيين في قطاع الصحة حول الولايات المتحدة ممن وجدت أنهم قاموا بنشر أخبار عن الأزمة. وقامت بترتيب مكالمة معهم ومناقشة ما يمكنهم عمله نيابة عن المهنة لفلسطين.

واتفقوا على فكرة كتابة مقال جماعي يعبر عنهم كممارسين في المجال الطبي ويركزون فيه على الوضع الصحي في غزة وتقديمه لمجلة “ساينتفك أمريكان” حيث نشرت أخيرا أراء فيها من قبل. وقالت أختر “لم نكن نعرف بعضنا من قبل ولكننا جميعا كنا نراقب العنف والدمار الذي يحدث للفلسطينيين وشعرنا بالعجز أمامه” و “أتذكر أن مقالا نشر في “لانسيت” عام 2014 حول عمال الصحة الذين يتحدثون عن فلسطين. وشعرت أنه كان قويا في ذلك الوقت. وأتذكر أن الكثيرين في قطاع الصحة أثنوا عليه عندما نشر”. وفي 2 حزيران/يونيو وبعد تحرير مكثف وعمليات فحص للحقائق مع المجلة، نشر في “ساينتفك أمريكان” وبعنوان “كعمال في العناية الصحية نقف تضامنا مع فلسطين”. وبعد أقل من أسبوعين وفي 11 حزيران/يونيو حذف المقال من موقع المجلة وبدون تحذير. وجاء في تبرير الحذف “هذا المقال خارج نطاق ساينتفك أمريكان ولهذا تم حذفه. وفي نفس اليوم أرسل محرر في المجلة رسالة إلكترونية لأختر وغيرها معتذرا على الحذف والإرباك الذي حصل في نشر المقال بالمقام الأول.
وقالت أختر “شعرنا بالصدمة، وبدأنا بالاتصال ببعضنا البعض بشأن ما حدث” و “أرسلنا رسالة ردا على رسالة المحرر وعبرنا فيها عن خيبة أملنا وطلبنا توضيح ما عنى به أن المقال خارج نطاق المجلة، ولم نحصل على جواب”.

وكان المقال عبارة عن شرح للأزمة الصحية في القطاع بما في ذلك دور النزاع في مفاقمة أزمة كوفيد- 19. وشجب الكتاب القصف الإسرائيلي غير المتناسق وعبروا عن دعمهم لحركة المقاطعة ضد إسرائيل، وهو ما دعا إلى غضب المناصرين لإسرائيل. ومنذ حذف المقال الذي تم نشره على الإنترنت في صيغة “بي دي أف” يواجه الكتاب موجة من رسائل التحرش. وتباهت جماعة يمين متطرفة مؤيدة لإسرائيل بحذف المقال. ولم يستغرب المناصرون للقضية الفلسطينية من الحادث ورأوا فيه مثالا آخر عن الحملة الماكرة لقمع حرية التعبير والتي تستهدف القضية الفلسطينية منذ سنوات.
وقال مروة فتافتة، مديرة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة “أكسس ناو” “يواجه الفلسطينيون انتقاما منهجيا بسبب حديثهم ونشاطهم” و “خسر البعض وظائفهم ومنحهم الدراسية ودمر مستقبلهم لأنهم عبروا وبشرعية عن مواقفهم. وعندما تتعرض حياتنا للخطر فعليك التفكير مرتين قبل أن تعبر عن رأيك”. وقالت إن “علامات مثل معاداة السامية والإرهاب تم استخدامها كسلاح لتشويه وابتزاز الفلسطينيين وحلفاؤهم”. وقالت إن “هناك منصات تواصل وصفحات على الإنترنت مخصصة لهذا وعليك ألا تنسى الجهود التي لا تتوقف لتجريم حركة المقاطعة أو حركة سلمية تدعو إلى المقاطعة والمحاسبة وهذا تصيد”.

وقال إن المعركة الفاشلة في ساينتفك أمريكان تتبع نفس الطرق في محاولة كبت حرية التعبير في أمريكا. فبعد نشر المقال أثارت الدوائر المؤيدة لإسرائيل على الإنترنت حملة شعواء ضده، وشجبته جماعة مناصرة على الإنترنت مؤيدة لإسرائيل اسمه “كاميرا” واصفة إياه بـ “المعادي لإسرائيل يردد كتابه مثل الببغاوات أكاذيب وتحريض الجماعات الإرهابية الفلسطينية”.
وتلقت ساينتفك أمريكان في الأيام التالية فيضا من الرسائل الشاجبة متشابهة في الصياغات. ونشرت صحيفة “نيويورك بوست” بعد ذلك أن عددا من الرموز البارزة في نيويورك بمن فيهم مدير كلية الطب في نيويورك إدوارد هالبيرن وأصحاب المهنة الطبية كتبوا رسالة عارضوا فيها المقال. وقال أحد العارفين في المجلة إن الملاحظة لحذف المقال جاءت من أجل ألا توحي بأن حذفه جاء لأخطاء فيه.

وقال خبراء في الصحافة للموقع إنهم يتساءلون عن حذف مقال رأي بدون الاعتراف بوجود أخطاء منهجية فيه. وقالت إليسا سولومون، أستاذة الصحافة في قسم الصحافة بجامعة كولومبيا “لا توجد إرشادات رسمية حول كيفية اتخاذ قرارات تحريرية ولكن بالتأكيد فهذا القرار غير عادي ولا يتماشى مع المعايير العامة للنشر وحذف مقال لم يحتو على أي خطأ، وبخاصة كون المقال رأي”.

وفحص الموقف الرسائل المتبادلة بين محرري المجلة والكتاب وعملية فحص المعلومات لتجنب أي ردة فعل متوقعة. وكتب موظف في المجلة لزميل له “نتوقع ردة فعل ضد هذا وإن لم تقم بفحص كل شيء وبدقة فعليك عمل هذا”. ورد مسؤول بارز في المجلة “في الحقيقة قمت بفحص ومقارنته مع الرابط” و “وجدت أنه مدعم بالرابط مع أن الطريقة التي تم فيها تأطير الأمور في الرابط والمقال مثيرة للجدل. وأتوقع ردة فعل عن النبرة والتفسير وليس لأن الأرقام خطأ”. وقالت سولومون “لو كانت المعلومات دقيقة فإن الرأي الذي عبر عنه المقال هو الذي كمم”. وأضافت “هناك سجل طويل في الخطاب الأمريكي عن فلسطين تم إحباطه وقمعه، سواء في المسرح والفن والمتاحف وقوانين غير دستورية تهدف لمنع ترويج حركة المقاطعة وفي هذه الحالة مجلة علمية”.

ومع أن المقال حذف قبل أسبوعين إلا أن الحديث عنه في الإعلام المتطرف والمناصر لإسرائيل بدأ قبل أيام حيث نشرت نيويورك بوست في 26 حزيران/يونيو مقالا ربطت المقال بسير كل كتابه. ونشرت فوكس نيوز تقرير موجزا بعد يومين. واهتمت الصحافة المناصرة لإسرائيل مثل الجمينير وصحيفة “جيروزاليم بوست” التي اعتبرت حذف المقال انتصارا.

وتعرض الكتاب لحملة كراهية ورسائل تتهمهم بمعاداة السامية ودعم الإرهاب حيث تم نسخ الرسائل إلى مدرائهم والمسؤولين عنهم في محاولة لطردهم من وظائفهم، وهم من العاملين في العناية الصحية. وفي رسالة أرسلت لكاتب من يهودي في تورنتو والتي شاهدها الموقع، وأرسلها إلى كل زملاء الكاتب اليهود في المستشفى وجاء فيه “إسرائيل حقيقية” و “حلمك من النهر إلى البحر هو دعوة لتدمير الدولة اليهودية وعاصمتها القدس”. وأضاف “آمل أن تساعد دائرتك في تخفيف معاداتك للسامية”. وكان لحذف المقال وحملة التحرش والتشهير أثر سلبي على المشاركين في المقال ممن خافوا من الخروج والحديث علنا. وبالنسبة لأختر فهي تشعر بالخيبة ولكنها ليست مستغربة من تصرف المجلة أمام الضغط “أعتقد أن هذا محزن وهو أن اي نقد لإسرائيل وبخاصة من عمال العناية الصحية الذين يتحدثون عن التباين الصحي والتدمير يعتبر معاداة للسامية ورمي الناس التهمة علينا”. وقالت إنها تعرف أن هذا الأمر قد حدث لمن يعملون في الإعلام ولكن من الصعب تخيل حدوثه في مجلة طبية وعلمية و”هذا مؤسف وأنك لا تستطيع قول الحقيقة كشخص في القطاع الصحي بدون أن يتم إسكاتك”