هآرتس - بقلم: عميرة هاس "كانت رئيسة حزب “ميرتس” السابقة، زهافا غلئون، من بين الملتمسين للمحكمة العليا ضد قانون الطوارئ الكاسح الذي لم يسمح للفلسطينيين من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة ومواطني أربع دول معادية، المتزوجين من مواطنين إسرائيليين، بالاستقرار في إسرائيل وشرقي القدس. هذه الحقيقة تكفي لتعلمنا عن الشرك السياسي – المبدئي، الذي يمر فيه الآن أصدقاؤها ومواصلو دربها في “ميرتس”، الذين سيكون عليهم التصويت مع تمديد “قانون الطوارئ” من أجل سلامة الحكومة، وهو القانون الذي يميز ضد فلسطينيين من مواطني وسكان إسرائيل مقارنة مع المواطنين اليهود.
الالتماسات الثلاثة حول هذا الأمر التي كتبتها المحامية دفنه هولتس ليخنر، قدمتها زهافا غلئون. الأول في العام 2003 والآخران المرتكزان عليه في 2007. وفي العام 2012 ناقشت المحكمة العليا مرة أخرى وبتشكيلة موسعة جميع الالتماسات حول هذا الشأن، بما في ذلك التماس غلئون، ورفضت بأغلبية صوت واحد. منذ ذلك الحين، والقانون المؤقت يُمدد في الكنيست كل سنة بشكل أوتوماتيكي.
في العام 2003 كتب في التماس باسم غلئون: “يثور شك كبير بأن الهدف الذي يقف في أساس القانون غير أمني في أساسه، بل هدفه التأثير على الديمغرافيا في إسرائيل والتمييز ضد المواطنين العرب في دولة إسرائيل لكونهم عرباً وعقابهم بشكل جماعي، من خلال سحق حقوقهم الأساسية وطردهم من بلادهم وهدم عائلاتهم”. خلال العشرين سنة، منذ إجازة القانون المؤقت، ليس هناك أي شك بأنه وسيلة من وسائل الحرب الديمغرافية التي تشنها إسرائيل في محاولة لكبح الزيادة السكانية في أوساط الفلسطينيين مواطني إسرائيل وسكان شرقي القدس. ولكن الحرب الديمغرافية بوسائلها البيروقراطية لا تعترف بالخط الأخضر، وهي تجري أيضاً ضد الفلسطينيين الذين يعيشون في جيوب الضفة الغربية وقطاع غزة.
تسيطر إسرائيل حتى الآن على سجل السكان الفلسطينيين، وهي التي تقرر من ستكون لديه بطاقة هوية فلسطينية، وهي أيضاً التي تقرر من يدخل الضفة والقطاع ولأي فترة زمنية. وهكذا تتدخل في الحياة العائلية لعشرات آلاف الأشخاص عندما ترفض إعطاء إقامة دائمة لمواطني دولة أجانب، الذين هم أزواج، لكنهم أيضاً آباء وأبناء لسكان المناطق، الأمر الذي يسمى لم شمل العائلات.
هناك ثلاث مجموعات أساسية من العائلات الفلسطينية التي تنتظر، منذ سنوات كثيرة، مصادقة إسرائيل على طلب حصولها على إقامة في المناطق التي احتلت في العام 1967. المجموعة الأولى هم الذين ولدوا في الضفة الغربية والقطاع، ولكن إسرائيل سحبت مواطنتهم قبل أيار 1994 (عند بداية تطبيق اتفاقات أوسلو)، لأنهم كانوا في الخارج في 1967 أو سافروا إلى الخارج بعد ذلك لفترة طويلة. ولكثير منهم آباء كبار في السن يعيشون في المناطق وأبناء عائلة وأملاك. وهناك من جاءوا عن طريق تأشيرات دخول سياحية وبقوا بدون تمديدها، وهناك من تم رفض طلباتهم للحصول على تأشيرات للزيارة.
المجموعة الثانية هم المواطنون في الخارج والمتزوجون من سكان فلسطينيين يعيشون في المناطق بدون تأشيرات سياحية إسرائيلية. أحياناً يتم تمديدها وأحياناً لا. وأحياناً تتغير السياسة تجاه التمديد ومدته بدون تفسير. وأحياناً يجب على الزوجين المغادرة لفترة غير معروفة أو البقاء رغم انتهاء مدة التأشيرة، وبعد ذلك يصبحون ماكثين غير قانونيين. وأحياناً يطلب من الزوجين وضع ضمانة عالية في المعبر الحدودي تبلغ عشرات آلاف الشواكل لضمان خروجهم عند انتهاء فترة التأشيرة.
المجموعة الثالثة، وهي الأكبر، هي الزوجات من دول عربية. بشكل عام الفلسطينيات وبالأساس من الأردن، المتزوجات من سكان في الضفة. هناك زوجات أصلهن من نفس العائلة الممتدة وأخريات تمت معرفتهن في الجامعات الأردنية. في الحقيقة، هناك علاقات دبلوماسية مع الأردن، لكن مسموح لمواطنيه الدخول إلى الضفة فقط عن طريق تصريح زيارة له لمدة سريان محدودة، ولا يمكن تمديده أو تجديده. هؤلاء الزوجات اضطررن إلى خرق شروط تصاريح الزيارة والعيش في بيوتهن لسنوات كثيرة كـ “ماكثات غير قانونيات”. يعشن في خوف دائم من طردهن إلى الدولة التي جئن منها. لذلك، فإن حركتهن في الضفة محدودة، وهن منفصلات تماماً عن عائلاتهن التي في الخارج.
في مفاوضات أوسلو، تم الاعتراف بأن يجب تطوير آلية لإعادة المواطنة في القطاع والضفة لمن سحبت منه منذ 1967 فصاعداً، وتم الاعتراف أيضاً بالعلاقة الزوجية كأساس للموافقة على طلبات لم شمل العائلات. صدق الفلسطينيون أن الأمر يتعلق بموضوع تقني فقط، وأنه لا يوجد أي نقاش بين الطرفين حول الجوهر، وهو حق سكان المناطق الأصليين بالعودة، وحق العائلات في لم الشمل، وحق الأزواج في العيش مع عائلاتهم. هكذا، بضع مئات الآلاف (هناك عدم وضوح حول البيانات) حصلوا على مكانة “مقيم”، سواء في إطار لم شمل العائلات وإعادة المواطنة أو في إطار الحصة التي أعطيت لأعضاء م.ت.ف، الذين شكلوا العمود الفقري السياسي لاتفاق أوسلو.
النصف الثاني من التسعينيات تبدد على نقاشات لانهائية حول آليات التطبيق وتفسيرات لبنود الاتفاقات. بعد ذلك، في نهاية العام 2000 جمدت إسرائيل عملية لم شمل العائلات، ومبرر ذلك هو الانتفاضة الثانية وسوء العلاقات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل.
في 2007 – 2008، في أعقاب نضال جماهيري للعائلات والالتماسات التي قدمتها جمعية “موكيد”، صادقت إسرائيل لمرة واحدة على لم شمل 32 ألف عائلة كـ “بادرة حسن نية سياسية لمحمود عباس”. ومنذ ذلك الحين، باستثناء حالات استثنائية جداً، تجمد لم شمل العائلات في الضفة وغزة. ومثل قانون الطوارئ من العام 2003 لمنع توطين الأزواج الفلسطينيين الذي يفترض أن يكون مؤقتاً، تحول تجميد لم شمل العائلات في المناطق والقطاع إلى سياسة دائمة، لكن مع فرق واحد وهو أنه طالما بقي الأمر متعلقاً بالمناطق [الضفة الغربية] فالسياسة تنفذ بدون شفافية وغطاء قانوني ونقاش في الكنيست ووسائل الإعلام.