هآرتس - بقلم: عميره هاس "كتلة حكومة التغيير والمتحدثون باسمها في وسائل الإعلام يقولون إن موجة التهديدات العنيفة ضدنا تنبع من بيبي. فهو الملهم والقائد والمفكر. ولكن أن تكون لبنيامين مصلحة شخصية في منع تشكيل حكومة ليست برئاسته، فهذا لا تلغي إخلاصه لحلم أرض إسرائيل الكاملة وقمع الفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر. ليس عبثاً أن يؤيده حلفاؤه المخلصون في “الصهيونية الدينية” والجيش ومن يؤيدونهم في مستوطنات الضفة؛ فمن ناحيتهم، تعدّ التهديدات ضد الحكومة الجديدة وسيلة مشروعة لتجسيد هذه الرؤى الأيديولوجية.
مع ذلك، يجب الاعتراف بأنها متعة يسارية.. أن نسمع رئيس “الشاباك” وهو يحذر من عنف اليهود ضد اليهود؛ أي عنف لرجال يمين ضد كل من يعتبرونهم أعداء لليهود. ومن الممتع أن ننظر إلى التيار العام الإسرائيلي (كتلة التغيير) وهو خائف على حياة أعضاء كنيست من حزب “يمينا” بسبب تهديدات من اليمين، ومصاب بالصدمة مرة أخرى من الرسائل، الحقيقية أو المختلقة، الواردة في رسالة الحاخامات ورجال اليمين الديني المسيحاني. بالعكس، يا رجال التغيير المحترمين: عليكم الخوف والغضب والنظر إلى الخلف عندما تسيرون في الشارع، وعليكم أن تستدعوا الشرطة. ليس كالخوف والتهديد ما يزيد حدة الوعي السياسي.
في الأصل، هذه متعة من النوع المتفائل الحذر، التعليمي، الذي يأمل استيعاب التيار العام أخيراً بأن ليس للعنف وفرض الرعب حدود عرقية أو جغرافية. ولأن كتلة التغيير يسميها المهددون “حكومة يسار”، فإن أعضاءها ومن يؤيدونها قد يفهمون بأن هناك هدفاً مشتركاً لمن يهددونهم لفظياً ويهاجمون فلسطينيين في الضفة الغربية (بما في ذلك في شرقي القدس) ونشطاء يساريين، جسدياً. من المنطق أن نتوقع بأن من يؤيدون كتلة التغيير سيفهمون أن هؤلاء وأولئك، الذين يهددون اليهود ويهاجمون الفلسطينيين واليساريين، جاءوا من نفس البيت اليهودي الدافئ، المشترك والخطير. ولكن عفواً! أليس هذا هو البيت الذي يسكن فيه نفتالي بينيت واييلت شكيد ويوعز هندل وافيغدور ليبرمان وجدعون ساعر؟
هكذا، تهبط المتعة التعليمية اليسارية على أرض الواقع ويتبخر الأمل. وقد شاهدنا هذا الفيلم في السابق أكثر من مرة: عندما قتل يغئال عمير رئيس الحكومة إسحق رابين، وبدأ شمعون بيرس الذي استبدله بحملة استخذاء للمستوطنين لإرضائهم، وعندما تمت مهاجمة المتظاهرين في بلفور وعلى الجسور ومفترقات الطرق من قبل أعضاء اليمين (والشرطة)، لكنهم صوتوا بجموعهم لجنرال يقوم بإحصاء الجماجم الفلسطينية في غزة (بني غانتس)، ولحزبه “أزرق أبيض”، الذي انضم بعد ذلك إلى حكومة اليمين.
التيار العام في إسرائيل، أي اليمين الأنيق واللطيف والذي يتجسد بشكل جيد أيضاً بالرئيس إسحق هرتسوغ الذي هو رجل حزب العمل، يتجاهل باستمرار الحقيقة المعروفة المتمثلة بأن اليهود الذين يعتدون على الفلسطينيين لا يتم اعتقالهم أو تقديمهم للمحاكمة أو يحصلون على أحكام خفيفة. هذا التيار العام ممثل بدرجة محترمة في النيابة العامة والمحاكم والشرطة، وهم المسؤولون بشكل مباشر عن تقليد التسامح تجاه العنف الشخصي ضد الفلسطينيين. وهو التسامح الذي أظهره الرئيس السابق حاييم هرتسوغ، رجل حزب العمل، في الثمانينيات عندما حدد عقوبة أعضاء التنظيم السري اليهودي، القتلة الذين خططوا لعمليات قتل الفلسطينيين.
ليس صدفة أن تتجاهل كتلة لبيد – بينيت الصفات والمصدر الأيديولوجي المشترك للتهديدات ضده والعنف ضد الفلسطينيين. وليس صدفة أن هذه الكتلة مصابة بالعمى تجاه ثقافة عنف الجيش والشرطة والبيروقراطية والقرصنة التي قادتها إسرائيل وبرعايتها مدة سبعين سنة في محاولة لإخضاع الشعب الفلسطيني أخيراً. كانت معظم مركبات الكتلة في النسخ السابقة شريكة في خلق هذه الثقافة العنيفة وأهدافها. وإذا تم تشكيل حكومة بينيت – لبيد، بمساعدة الضعف المفهوم لحزب العمل وميرتس، فستواصل المهمة. وإذا لم تسقط التهديدات ضدها فإنها تستهدف توجيهها نحو اليمين أكثر.