طالب مؤتمرون مختصون في قطاع غزة اليوم الخميس بضرورة الاتفاق على تشكيل جسم وطني من كفاءات ومختصين يتولّى عملية إعادة الإعمار بغزة، مؤكدين رفضهم لأي تعاطِ مع آلية "GRM" "بوصفها "آلية عقيمة ومعرقلة للإعمار".
جاء ذلك خلال ورشة عمل نظّمتها الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد" بمقرها بمدينة غزة، تحت عنوان "التحديات التي تواجه عملية إعادة الاعمار وانصاف الضحايا"، بمشاركة مختصين رسميين واقتصاديين ومؤسسات قطاع خاص.
حصر الأضرار
وقال وكيل وزارة الاشغال العامة والإسكان بغزة ناجي سرحان إن طواقم الوزارة بدأت فور انتهاء العدوان الإسرائيلي الذي استمر 11 يومًا بالعمل على إحصاء البيوت الي دُمرت بشكر كامل وبشكل جزئي.
وأكد سرحان أنه بعد انتهاء العدوان تمكّنت طواقم الوزارة بالحصر التفصيلي للأضرار، حيث أنجزنا 40% ، ونتوقع نهاية الأسبوع القادم انتهاء حصر كامل لجميع المتضررين.
وقدّر تكاليف الأضرار حتى اللحظة 150 مليون دولار، مرجّحًا أن تزيد التكاليف الكلية إلى 400 مليون دولار.
وأضاف "إلى الآن تقديراتنا ما بقي من الحروب السابقة ويحتاج لتمويل يصل إلى نحو 600 مليون دولار؛ ليصل الرقم التقريبي عن مليار دولار لإعادة إعمار قطاع غزة".
وبحسب احصاءات وزارة الأشغال العامة والإسكان فإنه دمّرت نحو 1200 وحدة سكنية بشكل كامل، و15 ألف وحدة تضررت ما بين متوسط وطفيف.
ولفت سرحان إلى أن وزارة الأشغال أطلقت منصة عبر موقع الانترنت بالتعاون مع "UNDB" ووكالة الغوث كي يتمكّن جميع المتضررين من تسجيل بياناتهم؛ من أجل الوصول إلى أكبر عدد ممكن منهم.
وذكر أن هناك 151 منشأة صناعية تضررت خلال العدوان، وهذه استكمال للمنشآت المتضررة بعد عدوان 2014، مضيفا "المنطقة الصناعية منطقة آمنة إلا أن الاحتلال استهدفها ودمّر في هذا العدوان عدد من المصانع الكبيرة".
وأشار إلى أنه يوجد 500 منشأة تجارية تضررت، بالإضافة إلى 540 منشأة زراعية، موضحًا أنه تضرر خلال العدوان 520 من المعدات والسيارات، بالإضافة إلى تضرر 120 منشأة حكومية، وبخاصةً مقار وزارة الداخلية.
وأضاف "الاحتلال ترك لنا منشآت صعب التعامل معها مثل عمارة عجور والجوهرة، حيث لا نملك معدات للتعامل مع هذه البنايات؛ مما دفعنا للاستعانة بالقطاع الخاص".
وأشار إلى أن الاحتلال لم يسمح بإدخال الآليات لوزارة الأشغال منذ 2008، وما هو موجود لدينا قديم ومهترأ، موضحًا أن طواقم الوزارة استعانت بالقطاع الخاص واتحاد المقاولين وكانت عونا لنا بعملية إزالة الركام وفتح الشوارع.
وذكر سرحان أنه في عدوان عام 2014 لم يتم انتهاء عملية الإعمار لنحو 1950 وحدة سكنية، "والقطاع الصناعي لم يعوض، بالإضافة إلى القطاع الزراعي الذي لم ينتهي من تعويض المتضررين".
وأعرب سرحان عن أمله بتوفر أموال بشكل عاجل، "حيث سمعنا أن الأشقاء في مصر خصصوا مبلغ 500 مليون دولار وكذلك نفس المبلغ من قطر، والدول الأخرى مثل الكويت والسعودية".
وأكد جهوزية الوزارة لإعادة إعمار غزة بشركاتنا وأبنائنا ومصانعنا؛ لكن نحتاج إلى الأموال، ومتى توفرت نتعهد بإعادة إعمار القطاع خلال عام".
يُشار إلى أن هناك 4 دول ساهمت بشكل أساسي في عملية إعادة الإعمار في قطاع غزة بعد عدوان عام 2014، وهي "قطر والكويت والسعودية وألمانيا".
آلية "GRM"
وجدد رئيس مجلس اتحاد المقاولين الفلسطينيين بقطاع غزة أسامة كحيل رفض الاتحاد العمل إعادة الإعمار للقطاع وفق آلية الأمم المتحدة "GRM"، مطالبًا بضرورة إدخال مواد الإعمار عبر معبر رفح البري بعيدًا عن احتكار الاحتلال وتلاعبه بعملية إعادة الإعمار.
وقال كحيل "هذه الآلية جعلت الاحتلال يتحكم بنا في غزة، وتلاعب بمن يسمح له بالإعمار ومن لا يعمل، ناهيك أنها كبدّتنا الكثير من الأموال والخسائر الفادحة".
كما أوضح أن استيراد مواد الإعمار عبر الاحتلال الإسرائيلي جعل اتحاد المقاولين يدفع للاحتلال تكاليف ثمن عدوانه على غزة، مما يستدعي رفض آلية "GRM" جملةً وتفصيلاً، ولا يجب الاستمرار بها.
تشكيل جسم
ودعا الخبير الاقتصادي ومدير صحيفة الاقتصادية بغزة محمد أبو جياب لتشكيل جسم فلسطيني يدير عملية إعادة الإعمار؛ بعيدا عن التجاذبات السياسية.
وقال أبو جياب "يجب الاتفاق على جسم يرتضيه الجميع، ويهدف لتقديم العون والاسناد لشعبنا وإعادة الإعمار وتأمين حياة كريمة للناس، ومن يرفض تشكيل هذا الجسم هو صاحب أجندات بعيدة عن الوطن".
وأضاف "للأسف الشديد أصبحت آلية إعادة الإعمار مكشوفة خاصة بعد عدوان عام 2014، حيث خصصت السلطة 50% من أموال الإعمار لدعم الموازنة التي لا تنفق منها شيء على قطاع غزة".
وأوضح أبو جياب أنه نتيجة لذلك أصبحت "مآسي قطاع غزة معلقة، وأصبح القطاع الخاص الفلسطيني ما يزيد عن 80% وحتى اليوم لا يعوض، وألف منشأة صناعية بمختلف تخصصاتها حتى هذا اليوم هي مدمرة ومعطلة ولم تعد للعمل".
وأضاف "المعركة متصلة من حيث الإهمال والتجني على غزة في عملية إعادة الإعمار؛ منذ عام 2014 ليظهر لدينا 70% فقر و50% بطالة، وعائلات أصبحت خارج منطق الحياة الكريمة بغزة".
وأكد أن هناك مطالبات فصائلية بإلغاء آلية إعادة الإعمار GRM، مستغربًا مطالبة رئيس الوزراء محمد اشتية بإلغائها، "اطالب اشتية أن يعلن انسحابه من هذه الآلية لتنتهي القصة".
وأضاف "لا يوجد اتفاقية مقدسة؛ لتعلن السلطة الفلسطينية انسحابها من هذه الاتفاقية؛ لأن آلية "GRM" عقيمة ولم تعد صالحة لإعادة الإعمار في غزة".
وبيّن أبو جياب أن المجتمع الدولي اليوم لديه كامل القناعة أن هذه الآلية لم تعد صالحة، ويحب البحث عن آلية جديدة للإعمار يرتضيها الشعب الفلسطيني".
ووافقه القيادي بحركة الجهاد الإسلامي أحمد المدلل في كلمة ممثلة عن الفصائل والقوى الوطنية، بضرورة الاتفاق على جسم وطني يتولّى عملية إعادة الإعمار تديرها جهات وكوادر مهنية مختصة.
وأكد المدلل أهمية أن يكون للفصائل دور رقابي على هذا الجسم، قائلاً "بعد عدوان عام 2014 تولّت السلطة للأسف عملية الإعمار بغزة؛ ولكن لا تزال آثار العدوان قائمة حتى اللحظة".
وأضاف "السلطة أدخلتنا في اشكالية كبيرة، وكانت مأساة في موضوع إعادة الإعمار، مشددًا على أن الفصائل لن تقبل بالعودة لتفاهمات روبرت سيري وآلية "GRM".
وأكد المدلل أن القضية الفلسطينية بعد معركة "سيف القدس" عادت من جديد كقضية مركزية لأمتنا العربية والإسلامية، "أعادت الحياة لرؤساء في المنطقة كانوا يغيبوا عن الساحة".
وبيّن أن هذه المعركة أعادت الوحدة لشعبنا؛ "لنؤكد أن ما يوحّد شعبنا هي ساحات المواجهة؛ "المقاومة استطاعت أن تصنع موازين قوى جيدة مع الاحتلال".