بدأت حفلة الصيد، ويمكن دون جهد سماع تروس ماكينة «الإخوان المسلمين» وتوابعهم من المتعيشين على الانقسام، وهي تبدأ في الدوران. لقد حصلت على سبب، تصريح لـ»ناصر القدوة» يمكن إعادة تفسيره بما يتناسب مع «الحملة»، التصريح الذي دعا فيه إلى استعادة غزة «جغرافياً وسياسياً»، والذي تضمن حقيقة بسيطة ومتداولة، مفادها أن هناك» مشكلة» مع «الإسلام السياسي»، في تعريف الإسلام السياسي أو «الإسلاموية السياسية» هي الجماعات التي تستخدم الدين لمصالح حزبية.
ليس من المجدي توضيح التصريح «الواضح»، الفكرة هي «الهجوم»، وهي نيّة مسبقة وضرورية للبدء بالحملة، حتى التوضيح اللاحق الذي ألحقه القدوة على موقعه في «تويتر» حول الوحدة مع «المقاومة الإسلامية» والفصل بين «الإسلاموية» والمقاومة، لن يكون مفيداً، سيكون خارج الحملة المسبقة والمعدة، قبل التصريح وقبل التوضيح اللاحق.
كان هذا متوقعاً، نفس الماكينة التي خوّنت ياسر عرفات المحاصر، وكفرته وحمّلته كل ما يمكن ولا يمكن تخيّله من أخطاء، نفس الماكينة التي بررت الانقلاب ومنحته صفات مقدسة وغسلت الدم عن لأيدي القتلة بالفتاوى، نفس المجموعات التي أدارت «الانقسام» وحوّلته إلى واقع سياسي وبررت قمع الناس وملاحقتهم، تستجمع قواها وتوجه كراهيتها نحو «ناصر القدوة».
ثمة أكثر من هدف هنا، وضع محرمات أمام نقد «الإسلام السياسي» عبر إرهاب من يتجرأ على إبداء رأي مخالف لمشروعهم، ووضع إسفين في قائمة «الحرية» التي تشكل ثقلاً مهماً قد يساهم في تغيير موازين القوى.
يعرف «الإخوان المسلمون» بخبرتهم الطويلة منذ ثلاثينيات القرن الماضي، أين يكمن الخطر على مصالحهم ومشروعهم في فلسطين وفي الإقليم، ولديهم من الخبرة والأدوات ما يسمح بتشويه خصومهم وتأليف أوصاف ونظريات حولهم، بما يشمل تاريخهم الشخصي.
لدى أغلبية الشعب الفلسطيني «مشكلة» مع الإسلام السياسي، ولذلك هناك 36 قائمة ستخوض الانتخابات، 35 منها تختلف بدرجة أو أخرى مع المشروع السياسي والاجتماعي للإسلام السياسي.
ولذلك هناك كل هذه القوائم التي لولا الخلاف لاكتفت بقائمة «حماس»، ولما كان هناك ضرورة لفكرة «الانتخابات» أصلاً. ولذلك أيضاً عندما تحصل «حماس» على مقاعد أقل أو أكثر في المجلس التشريعي، يعني أن «حماس» حصلت على مقاعد أقل أو أكثر بسبب الانقسام أو طريقة إدارتها للشأن العام وحياة الناس في غزة التي تحكمها، وبسبب رأي الناس بهذا الحكم. «حماس» التي تحاكم هنا وليس «الإسلام»، كما ستحاكم «فتح» بقوائمها الثلاث، وكما سيحاكم اليسار بأطيافه.


