وقعت شركة إسرائيلية على اتفاقية مع شركة صينية مملوكة للدولة، لبناء منشأة صناعية للطائرات المدنية بالقرب من قاعدة عوفدا الجوية الإسرائيلية التي تقع بالقرب من مدينة إيلات جنوبي البلاد، وذلك دون علم وزارة الأمن الإسرائيلية، وعلى الرغم من المطالبة الأميركية بتقليص حجم الاستثمارات الصينية في إسرائيل.
وذكرت صحيفة "هآرتس" عبر موقعها الإلكتروني، نقلا عن مصادر في وزارة الأمن الإسرائيلية، أن الوزارة وقعت عقدا مع شركة Airpark الإسرائيلية لبناء المنشأة الصناعية، غير أن الأخيرة وقعت لاحقًا على اتفاقية فرعية مع الشركة الصينية دون علم الوزارة؛ وقررت الوزارة فتح تحقيق بالموضوع، بعد توجه من صحيفة "هآرتس".
وأشار التقرير إلى أن وزارة الأمن الإسرائيلية وقعت نيابة عن الحكومة الإسرائيلية، عقدا مع شركة Airpark الملوكة لشركة I.E.S Holdings Ltd الإسرائيلية، يعطي لشركة Airpark الإذن باستخدام وتلقي المساعدة والخدمات من قاعدة عوفدا الجوية العسكرية لإنشاء منشأة صناعية للطائرات المدنية، في شباط/ فبراير 2019. وبموجب الاتفاقية، سيقدم المرفق مجموعة من الخدمات لصناعة الطيران العالمية، بما في ذلك خدمات تحسين الطائرات، والتجديد، والتعديل، والتخزين، والحفظ، والتفكيك وغيرها من الأنشطة الصناعية.
وفي أيلول/ سبتمبر 2019 وقعت شركة I.E.S Holdings على تفاهمات مع مؤسسة الطائرات التجارية الصينية المحدودة Comac، وهي شركة صينية مملوكة للدولة، بموجبها تتلقى الشركة الصينية تعاونًا مع الشركة الإسرائيلية في مجال الطيران، بالإضافة إلى تبادل معلومات وتعزيز الأنشطة في مجال ريادة الأعمال والتكنولوجيا والابتكار مقابل مبلغ مالي ضخم، وتتضمن الاتفاقية التعاون مع القوات الجوية الإسرائيلية في ما يتعلق بالتشغيل والبنية التحتية.
تقلص حيز المناورة الإسرائيلي: التوتر الأميركي – الصيني سيستمر بعهد بايدن
تقرير: "عندما تغير الولايات المتحدة مفهوم أمنها القومي ويتم تعريف الصين كتهديد رقم واحد، تتغير حدود المسموح لإسرائيل في علاقاتها مع الصين، وليس بالإمكان توقع أن ’الأعمال تجري كالمعتاد’"
ووفقا للمستندات التي قدمتها شركة Airpark لهيئة الأوراق المالية الإسرائيلية فإن الاتفاقية مع الشركة الصينية تهدف إلى "تعزيز أهدافها المشتركة في صناعة الطيران المحلية والدولية" وهي سارية لمدة خمس سنوات من تاريخ التوقيع. وفي آذار/ مارس 2020 انضمت الصناعات الجوية الإسرائيلية كشريك في المشروع، ووقعت الصناعات الجوية الإسرائيلية مع شركة I.E.S Holdings مذكرة تفاهم يعمل بموجبها الطرفان على تأسيس شركة مشتركة تقوم بتشغيل Airpark.
وبحسب صحيفة "هآرتس" فإن مسؤولين في وزارة الأمن فوجئوا لدى معرفتهم عن عقد شراكة المؤسسة الرسمية الصينية في المشروع الذي وصفوه بـ"الحساس". هذا على الرغم من الأنظمة التي تنص على أن كل عقد أو معاملة ذات أهمية أمنية أو تتعلق بالبنية التحتية الحيوية في إسرائيل يجب أن تحصل على موافقة الجهات الحكومية ووزارة الأمن، بما في ذلك أي تغيير جوهري في عقد معتمد من قبل وزارة الأمن.
وأكدت الصحيفة أن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلي ومجلس الأمن القومي الإسرائيلي لم يعلما بشراكة المؤسسة الصينية بالمشروع الإسرائيلي، وادعيا أن المسألة ضمن مسؤوليات وزارة الأمن.
وجاء توقيع مذكرة التفاهم مع Comac وسط تصاعد انتقادات كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية السابقة، والتحذيرات من توسع النفوذ الصيني في إسرائيل. وفي كانون الثاني/ يناير الماضي، أدرجت شركة Comac في "القائمة السوداء" التي نشرتها الإدارة الأميركية، والتي تشمل الشركات التي مُنع الأميركيون من الاستثمار فيها بسبب علاقاتها بالجيش الصيني.
ونقلت الصحيفة عن مصدر أمني قوله إنه "على الرغم من أن المنشأة الصناعية المذكورة تندرج تحت فئة المشاريع المدنية إلا أنها بنية تحتية حيوية وأمنية سيتم إنشاؤها بالقرب من قاعدة القوات الجوية، وقد حصلت (الشركة) على إذن باستخدام وتلقي المساعدة والخدمات من القوات الجوية الإسرائيلية".
وبحسب المصدر، فإنه بالإضافة إلى المخاطر الأمنية في ضلوع الشركة الصينية بتنفيذ المشروع، "ينبغي أيضًا دراسة إمكانية الإضرار بالعلاقات مع الإدارة الأميركية". وقال المصدر "مثل هذا القرار يتطلب تقييما أمنيا". وأضاف أن "حقيقة أن مجلس الأمن القومي والقوات الجوية لم تكن على دراية بالمسألة تشير إلى وجود ثغرة محتملة في العرض وعملية الموافقة، بالنظر إلى أن المشروع يجري بالقرب من منشأة عسكرية".
وعلى صلة، ذكر تقرير حديث صادر عن "المعهد اليهودي للأمن القومي الأميركي (JINSA)"، أنه "بينما تسعى الولايات المتحدة إلى تقليص وجودها في الشرق الأوسط وتقليل اعتمادها الاقتصادي على الصين، فإنها بحاجة إلى مساعدة من شريكاتها. ومع ذلك، فإنه إذا بقيت الاستثمارات الصينية في إسرائيل على حالها، فقد يقوض ذلك الشراكة الإستراتيجية (بين إسرائيل والولايات المتحدة) ويهدد الأمن الاقتصادي لإسرائيل".
ويثير تصاعد الاستثمارات الصينية في إسرائيل، غضب السلطات في الولايات المتحدة الأميركية، وتعالت في الولايات المتحدة الأميركية، وبشكل خاص في وزارة الدفاع (البنتاغون)، انتقادات شديدة ضد إسرائيل بسبب ضلوع الصين في مشروع توسيع ميناء حيفا، على خلفية احتمال أن تشكل هذه الأعمال الصينية ثغرة لتنفيذ مراقبة تكنولوجية أخرى لما يحدث في الميناء، وجمع معلومات عن نشاط سلاح البحرية الإسرائيلية وأنشطته المشتركة مع سفن أميركية.
وخلال الفترة الماضية، حذرت الولايات المتحدة إسرائيل من استمرار تعاونها مع الصين، وحذرت، خلال لقاءات عديدة، من توقف سفن الأسطول الأميركي عن الرسو في ميناء حيفا بسبب الأعمال الصينية. وكانت صحيفة "هآرتس" قد نقلت عن عن نائب رئيس "المعهد اليهودي للأمن القومي الأميركي"، بلايز ميشتال، قوله إن الولايات المتحدة ما زالت قلقة من الوجود الصيني في الميناء والخلاف مع إسرائيل بهذا الخصوص لم يُحل بعد.