بدأت أمريكا في اتخاذ خطوات أكثر جدية لإعادة العلاقات مع فلسطين، حيث أعلنت واشنطن منح الفلسطينيين 15 مليون دولار لمساعدتهم في مكافحة مرض كوفيد-19 في الضفة الغربية وقطاع غزة.
في الوقت نفسه، أعلنت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس-غرينفيلد، أمام مجلس الأمن أن واشنطن سوف تعيد فتح قنوات اتصال دبلوماسية مع فلسطين كانت انقطعت في ظل إدارة دونالد ترامب السابقة.
ورحب المراقبون بخطوات واشنطن تجاه فلسطين، مؤكدين أن "إدارة بايدن تسعى لتصحيح تحركات الرئيس السابق دوناد ترامب، والتي جاءت ضد قرارات الشرعية الدولية".
قرارات أمريكية
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن الأموال، التي خصصتها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ستساعد على دعم جهود منظمة خدمات الإغاثة الكاثوليكية في منشآت الرعاية الصحية، إضافة إلى علاج مسألة انعدام الأمن الغذائي.
وفي الضفة الغربية، رحب رئيس الوزراء الفلسطيني محمد إشتية بالدعم المالي الأمريكي لجهود السلطة الفلسطينية في مكافحة جائحة كوفيد-19.
ووصف إشتية المساهمة الأمريكية في بيان نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) بأنها "خطوة مهمة وفي الاتجاه الصحيح من أجل إعادة صياغة العلاقة مع الإدارة الأمريكية، والتي توقفت خلال فترة حكم ترامب في البيت الأبيض، على خلفية مواقفه من القضية الفلسطينية".
في الوقت نفسه، نقلت وكالة "شينخوا" الصينية عن السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس-غرينفيلد خلال مؤتمر لمجلس الأمن حول القضية الإسرائيلية الفلسطينية قولها إنه "منذ يناير، استرشدت مشاركتنا الدبلوماسية بافتراض أن التقدم المستدام نحو السلام يجب أن يستند إلى مشاورات نشطة مع الجانبين".
وأضافت المبعوثة أنه "تحقيقا لهذه الغاية، ستتخذ إدارتنا خطوات لإعادة فتح قنوات اتصال دبلوماسية كانت قد توقفت خلال عهد الإدارة السابقة"، لافتة إلى أن "مشاركاتنا كلها لها نفس الهدف: حشد الدعم لحل سلمي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني".
وأشارت المبعوثة إلى أن الولايات المتحدة ترغب في "رؤية الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء يتخذون خطوات نحو حل الدولتين"، مضيفة "تحت قيادة الرئيس بايدن، أعادت الولايات المتحدة التزامها برؤية حل الدولتين المتفق عليه بشكل متبادل، والذي تعيش فيه إسرائيل في سلام وأمن إلى جانب دولة فلسطينية قابلة للحياة".
وتابعت قائلة "نعتقد أن هذه الرؤية هي أفضل وسيلة لضمان مستقبل إسرائيل كدولة ديمقراطية ويهودية، مع الحفاظ على التطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني بدولة خاصة به والعيش بكرامة وأمن".
وقالت غرينفيلد إلى أن "بايدن يقوم باستعادة برامج المساعدة الأمريكية التي تدعم التنمية الاقتصادية والمساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني".
تراجع أمريكي
أكد الدكتور جمال نزال، المتحدث باسم حركة "فتح" الفلسطينية وعضو مجلسها الثوري، أن فلسطين تقدر تراجع الولايات المتحدة بقيادة بايدن عن نهج ترامب الانفرادي والمضاد للتعاون الدولي واحترام القانون الدولي.
وقال في حديثه لـ"سبوتنيك"، إن التقدم في العلاقة الفلسطينية الأمريكية يأتي ثمرة لصمود قيادات فلسطين في وجه الضغوط المستحيلة التي مارسها ترامب ونرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين تنياهو لدرجة خنق فلسطين سياسيا واقتصاديا.
وأوضح المتحدث باسم حركة فتح أن فلسطين تتطلع للتعاون مع إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن، في إطار حل يستند على قرارات الشرعية الدولية والمجتمع الدولي، وفي مقدمته مبادرة السلام العربية.
أسس جديدة
ويتفق الدكتور أيمن الرقب، عضو المجلس الثوري لحركة فتح مع الدكتور جمال نزال في أن إرسال أمريكا مساعدات للسلطة الفلسطينية بقيمة 15 مليون دولار للمساعدة في مكافحة أزمة كورونا، تعد خطوة لإعادة المساعدات الأمريكية للجانب الفلسطيني، وكذلك لإعادة العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين.
وتوقع الرقب في حديثه لـ "سبوتنيك"، أن تكون هذه الخطوة بداية لترتيب علاقات فلسطينية أمريكية، متوقعًا أن يكون هناك اتصال قريب بين الرئيس بايدن والرئيس محمود عباس، ومن ثم عودة الأمل للعملية السياسية من جديد.
وأكد أن "هناك مرحلة قراءة من الجانب الأمريكي لكيفية إعادة العلاقات والمفاوضات السياسية من جديد، خاصة أن هناك تجربة الرئيس السابق باراك أوباما عام 2014، والتي تم إفشالها من الجانب الإسرائيلي، وكذلك تجربة ترامب التي فشلت في إيجاد حل للقضية".
وبحسب الرقب، فإن العلاقات التي يتم الترتيب لها لن تصبح كمثيلتها في عهد أوباما، حيث ستكون أقل درجة، لكن سيتم إعادة ضخ الأموال الأمريكية بشكل متدرج لفلسطين، وسيتم تأجيل عملية فتح مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن.
أما فيما يتعلق بموضوع رفض الاعتراف بالمستوطنات الإسرائيلية، يصف الرقب الموقف الأمريكي بالمتقدم، في ظل التصريحات الأمريكية الواضحة التي لا تزال تعتبر هذه المستوطنات محتلة، وكذلك القدس الشرقية، وأنها من قضايا الحل النهائي.
وعن شكل العلاقات الأمريكية الفلسطينية، يؤكد عضو المجلس الثوري لحركة فتح، أن "هناك أسسًا جديدة لإعادة العملية السياسية لطريقها الصحيح، وإعادة الأموال تدريجيًا، ومن ثم البدء في إعادة العلاقات".
وقبل شهر، أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد إشتية، عن إجراء اتصالات رسمية مع الإدارة الأمريكية الجديدة، ممثلة بمسؤول ملف الشؤون الفلسطينية والإسرائيلية في وزارة الخارجية الأمريكية هادي عمرو.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، في فبراير/شباط الماضي، إن واشنطن تعتزم استئناف تقديم المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، متراجعة عن قرار الرئيس السابق دونالد ترامب بتعليق هذا الدعم.
وأوقفت الإدارة الأمريكية السابقة، كافة المساعدات المادية للسلطة الفلسطينية، ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة، وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) كما أغلقت مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، والقنصلية الأمريكية في القدس.