عشية الانتخابات الإسرائيلية وجد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نفسه وسط توتر إقليمي مع "حلفاء" عرب اتهموه باستخدام اتفاقيات التطبيع لتعزيز فرصه الانتخابية.
وتقول إيزابيل كيرشنر مراسلة صحيفة "نيويورك تايمز" إن نتنياهو يحب أن يقدم نفسه كزعيم عالمي قادر على حماية إسرائيل والدفاع عن مصالحها على المسرح العالمي، إلا أن هذه الصورة قد تشوهت عشية ذهاب الناخب الإسرائيلي لصناديق الاقتراع التي يخوض فيها نتنياهو جولة رابعة للحفاظ على مركزه كأطول رئيس وزراء لإسرائيل.
ويعرف عن البرود في العلاقة بين الملك عبد الله الثاني ونتنياهو رغم العلاقات الدبلوماسية القائمة بين البلدين منذ أكثر من عقدين، لكن العلاقة انحرفت للأسوأ في الفترة الأخيرة، كما أن محاولة نتنياهو استثمار علاقاته الجديدة مع الإمارات ألمحت للخلافات في العلاقات المزدهرة بين البلدين. وأرسل قادة الدولة الخليجية رسائل واضحة أنهم لا يقبلون الانجرار إلى حملة نتنياهو الانتخابية.
ومما أدى لضرب صورته التي أكد من خلالها على أنه الزعيم الوحيد القادر على حماية إسرائيل والتأكد من نجاتها في منطقة معادية، وحاول في الفترة الأخيرة التلويح باتفاقيات التطبيع التي عقدها مع دول عربية وخليجية، بما فيها الإمارات والأردن بأنها ضرورية لحماية حدود إسرائيل ولوقف الطموحات الإيرانية بالمنطقة.
لكن التوترات مع الأردن والإمارات تقوض محاولات نتنياهو تقديم نفسه على أنه صانع سلام في الشرق الأوسط كجزء من محاولته للبقاء في السلطة أثناء محاكمته بتهم الفساد.
جاءت أولى بوادر المشاكل بعد إلغاء خطط الزيارة المعلنة الأولى لنتنياهو إلى الإمارات. وكانت إسرائيل والإمارات توصلتا إلى اتفاق في آب/ أغسطس الماضي لتطبيع العلاقات بينهما، وهي الخطوة الأولى في عملية إقليمية أوسع أصبحت تُعرف باسم اتفاقيات أبراهام.
كان من المفترض أن يسافر نتنياهو إلى العاصمة الإماراتية، أبو ظبي، في 11 آذار/ مارس لعقد اجتماع سريع مع ولي العهد الأمير محمد بن زايد، الحاكم الفعلي للبلاد. لكن الخطة تعثرت وسط خلاف دبلوماسي منفصل مع الأردن.. في اليوم السابق للرحلة المقررة، تم إلغاء زيارة نادرة لولي العهد الأردني للمسجد الأقصى في القدس بسبب خلاف بين الأردن وإسرائيل حول الترتيبات الأمنية للأمير.
أدى ذلك بالأردن إلى تأخير منح الإذن بمغادرة طائرة خاصة كانت تنتظر هناك لنقل نتنياهو إلى الإمارات. بحلول الوقت الذي جاء فيه الإذن، كان الوقت قد فات، واضطر نتنياهو إلى إلغاء الرحلة.
وقال نتنياهو في وقت لاحق من ذلك اليوم إن الزيارة قد تم تأجيلها "بسبب سوء تفاهم وصعوبات في تنسيق رحلاتنا الجوية" التي نتجت عن الخلاف مع الأردن. قال إنه تحدث مع "القائد العظيم لدولة الإمارات"، وأنه سيتم إعادة جدولة الزيارة قريبا جدا.
وقال نتنياهو لراديو الجيش الإسرائيلي الأسبوع الماضي إن زيارته لأبوظبي قد تم تأجيلها عدة مرات خلال الأشهر القليلة الماضية "بسبب الإغلاقات وأسباب أخرى".
لكنه جعل الأمور أسوأ من خلال تفاخره علنا بعد اتصاله بالأمير محمد بأن الإمارات تعتزم استثمار "مبلغ ضخم قدره 10 مليارات دولار" في مشاريع مختلفة في إسرائيل.
قال مارتن إنديك، المبعوث الخاص السابق للمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية: "لقد أصبح واضحا للأمير محمد أن نتنياهو كان يستخدمه فقط لأغراض انتخابية". وتخلى الإماراتيون عن المجاملات ولم يخفوا استياءهم.
وكتب أنور قرقاش، الذي شغل حتى الشهر الماضي منصب وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي والذي يعمل الآن مستشارا لرئيس البلاد، على تويتر: "من وجهة نظر دولة الإمارات، فإن الهدف من الاتفاقات الإبراهيمية هو توفير أساس استراتيجي قوي لتعزيز السلام والازدهار مع دولة إسرائيل وفي المنطقة"، مضيفا أن "الإمارات لن تكون طرفا في أي عملية انتخابية داخلية في إسرائيل، الآن أو في أي وقت".
وقال سلطان أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي، لصحيفة The Nation الإماراتية، الأسبوع الماضي، إن الإماراتيين ما زالوا يدرسون آفاق الاستثمار، لكن الدوافع ستكون "تجارية وليست سياسية"، وأضاف أن الدولة "في مرحلة مبكرة للغاية من دراسة القوانين والسياسات في إسرائيل".
كما أن محاولة نتنياهو لزيارة الإمارات قبل الانتخابات الإسرائيلية يوم الثلاثاء أدت إلى قلب خطة الدولة العربية لاستضافة اجتماع قمة "اتفاق أبراهام" في نيسان/ أبريل، بحسب شخص مطلع على تفاصيل ما حدث.
كانت هذه القمة ستجمع نتنياهو بقادة الإمارات والبحرين والمغرب والسودان - الدول الأخرى التي وقعت معها إسرائيل اتفاقيات تطبيع في الأشهر الأخيرة - ووزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكين.
ووصف إنديك علاقات نتنياهو بولي العهد الإماراتي، الأمير محمد، والملك عبد الله الثاني، ملك الأردن بأنها "متصدعة" وبحاجة إلى إصلاح.
في الأشهر الأولى بعد الصفقة بين إسرائيل والإمارات، تدفق مديرو التكنولوجيا الإسرائيليون والسياح على دبي، إحدى الإمارات السبع التي تشكل الدولة، على الرغم من القيود المتعلقة بالجائحة. وقال محللون إن شهر العسل انتهى الآن رغم عدم وجود ما يشير إلى أن اتفاق التطبيع في خطر الانهيار.
قال عوديد عيران، الباحث في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب والسفير الإسرائيلي السابق لدى الاتحاد الأوروبي والأردن، إن العلاقة بشكل أساسي "معلقة".
قال عيران: إلى جانب حملة نتنياهو الانتخابية، فإن الإماراتيين كانوا مستائين بسبب تعثر صفقة طائرات F-35 بالرغم من إسقاط إسرائيل معارضتها للصفقة لأن الصفقة تخضع لمراجعة إدارة بايدن.
بالإضافة إلى ذلك، قال إن القادة الإماراتيين قلقون بشأن ما قد يحدث بعد الانتخابات في إسرائيل، حيث قال نتنياهو إن هدفه هو تشكيل ائتلاف يميني مع أحزاب تعطي الأولوية لضم أراضي الضفة الغربية بطريقة أو بأخرى. مضيفا أن الإماراتيين لم يلغوا الصفة "لكنهم لا يريدون المزيد في هذه المرحلة".
واستغل خصوم نتنياهو السياسيون المأزق الدبلوماسي. فقال بيني غانتس، وزير الدفاع الإسرائيلي والمنافس السياسي: "لسوء الحظ، تسبب سلوك نتنياهو في السنوات الأخيرة بإلحاق ضرر كبير بعلاقاتنا مع الأردن، مما تسبب في خسارة إسرائيل لأرصدة دفاعية ودبلوماسية واقتصادية كبيرة".
مضيفا أنه "سيعمل بالتعاون مع مؤسسة الدفاع الإسرائيلية لمواصلة تعزيز العلاقات مع الأردن وتعميق العلاقات مع دول أخرى في المنطقة".
وقال نتنياهو إن أربع دول أخرى تنتظر توقيع اتفاقيات تطبيع مع إسرائيل، دون تحديد أي منه