هآرتس - بقلم: نيفا لانير "إمكانية مواصلة نتنياهو توليه رئاسة الحكومة في إسرائيل بعد الانتخابات القادمة تعدّ لكمة في وجه إسرائيليين كثيرين. يعرفون أن استمرار ولايته يقودنا إلى هاوية أو يدهورنا نحوها. تذكروا ظهوراته الأخيرة على الشاشة. الزعيم الذي فشل في إدارة أزمة كورونا يلقي عن كاهله إخفاقاته بالتبشير بأن إسرائيل هي الدولة الأولى التي خرجت من الأزمة. الضحك القادم من دولتين بعيدتين ومتخلفتين في طرفي العالم، أستراليا ونيوزيلندا، نسمعه في القدس إذا أردنا ذلك. وبكاء عائلات الستة آلاف ميت بكورونا في إسرائيل، يمكن سماعه في جميع أرجاء البلاد. ولكن أموراً تافهة كشيء حقيقي غير مألوفة على لسان من أخذ التطعيم الأول والذي يواصل التألق بكونه الأول في الكذب. أعطوه نقطة استناد في التلفزيون وسيكذب على كل العالم.
ما الذي لم نسمعه منه؟ وكيف لم يتعلم الكثيرون حتى الآن بأن نتنياهو مخادع متعجرف ومتبجح؟ ولكن طائفة المتملقين له لم يدركوا بعد أن علينا إبعاده عن حياتنا من أجل أن لا يواصل سحق وتحطيم كل بقعة جيدة هنا في إسرائيل. لماذا؟ ألنا بلاد أخرى؟ إليكم مجموعة من مآثره الأخيرة: تدار دولة إسرائيل بدون ميزانية في السنتين الأخيرتين؛ ومحامو نتنياهو تعهدوا في المحكمة العليا (أيار 2020) بأنه سيوقع على اتفاق تضارب مصالح، لكنه تنكر لتعهدهم بعد تشكيل الحكومة؛ وفي بداية العام 2020 ألقى على هيئة الأمن القومي مهمة إدارة أزمة كورونا، لكن بعد أربعة أشهر تقريباً، قررت لجنة الكنيست بأن هيئة الأمن القومي لن تدير الأزمة؛ ووقع نتنياهو على اتفاق مع دولة الإمارات قبل إحضاره للحصول على مصادقة الكابنت والحكومة والكنيست عليه؛ وأعلن عن إرسال تطعيمات كورونا إلى دول أجنبية بدون صلاحية؛ وها هو في السنوات الأخيرة يدهور العلاقة بين إسرائيل والأردن بشكل دائم، ومؤخراً إلى حضيض غير مسبوق حتى قبل توقيع اتفاق السلام بين الدولتين.
عشية الانتخابات السابقة، في نهاية شباط 2020، توجه رؤساء سابقون من الموساد والشاباك إلى الجمهور الإسرائيلي بنداء تحذير أن لا يصوتوا لنتنياهو. “نتنياهو خطير على إسرائيل”. هكذا حذروا في الشبكات الاجتماعية. “شيء ما عميق تغير في اعتباراته”، قال افرايم هليفي؛ “يشكل خطراً حقيقياً على الأمن”، قال عامي ايلون وشبتاي شبيط؛ “قد يكون الثمن المس بمستقبل وجود إسرائيلي”، قال كرمي غيلون؛ وقال تمير بردو: “خطر واضح وملموس على الأمن القومي”؛ و”لقد فقد الحق الأخلاقي في القيادة”، قال يوفال ديسكن. حتى الآن لم نقل أي كلمة عن تقديم لوائح اتهام ضده وعن محاكمته التي بدأت. وإذا كانت هذه، حسب قوله، ليست سوى “محاولة لإسقاط رئيس حكومة”، فيجب “شطبها” و”إلغاؤها”. وفي الأصل هذه قد تلاشت.
لم تكن هناك مهزلة في إسرائيل مثل مهزلة “ليكن في فترة حكم نتنياهو”. ودقة القول بأن إسرائيل لم تعرف أياماً سيئة مثلما في أيام حكمه، باستثناء الحروب التي اجتزناها منذ إقامة الدولة. هل كان لذلك إشارة مسبقة قبل انتخابه للمرة الأولى في 1996؟ نعم، كان، بالأساس لم يكن هذا إشارة، بل كابوس متواصل: التحريض ضد إسحق رابين. إن الشخص الذي كان يستطيع قيادة تابوت “دفن الصهيونية”، المكتوب عليه “رابين يقضي على الصهيونية”، يمكنه أن يهين أي شخص يشغل منصباً، وأي شخص انتخبه الجمهور. الآن من يعتبر ايتمار بن غبير شريكاً محتملاً وشرعياً في حكمه، ينير نفسه بضوء كهانا.
بنيامين نتنياهو “لم يسلب الدولة منا”. حتى الآن، لا. في هذه الأثناء، هو ينكل بالدولة فحسب، أي بنا، منذ سنوات كثيرة. كثيرة.
لقد كان في إسرائيل زعماء آخرون لم نكن راضين عنهم. آخرون أطعمونا المر. ولكن لا أحد منهم نشر حوله الكراهية بصورة منهجية وباستمرار مثل نتنياهو. ولم يمزق أي واحد مثله المجتمع الإسرائيلي ويحدث فيه شروخاً. ولم يرسم الطريق لتدمير الديمقراطية الإسرائيلية مثلما يفعل كل يوم. وإن فترة ولاية أخرى لنتنياهو يمكن أن تنزل كارثة على دولة إسرائيل، ليس أقل من ذلك. لا تبقوا في البيوت، اذهبوا للتصويت. يجب أن نزيح عن أكتافنا هذا القدر السيئ.