يوسي بيلين يتساءل: كيف يمكن لمقعد أو اثنين أن يعرّضا إسرائيل للخطر أمام جيرانها والعالم؟

السبت 20 مارس 2021 10:34 م / بتوقيت القدس +2GMT
يوسي بيلين يتساءل: كيف يمكن لمقعد أو اثنين أن يعرّضا إسرائيل للخطر أمام جيرانها والعالم؟



القدس المحتلة /سما/

إسرائيل اليوم - بقلم: يوسي بيلين أحد كبار المسؤولين الاسرائيلي، والمفاوض الإسرائيلي خلال اتفاقات أوسلو وأبرز مهندسيها    

"لمن يعتقد أن لا معنى للتصويت لأن النتائج ستكون مشابهة لنتائج الانتخابات الثلاث السابقة، يجدر بنا تذكيره بأن المقعد – المقعدين بين المعسكرين المتنافسين يقرران المصائر. وبالفعل، لمرتين أدى عدم الحسم إلى استمرار ولاية الحكومة الانتقالية بلا ميزانية، بينما جلبت الجولة الثالثة الطرفين إلى زواج متعذر، أتاح لنتنياهو منع إجازة الميزانية كونه يتمكن بذلك من الفرار من التناوب.

ولدت الانتخابات الأخيرة حكومة مريضة، ولكن الفيتو المتبادل تسبب بسلسلة إنجازات: الاعتراض (المبارك) لغانتس على ضم ثلث الضفة الغربية، والذي كان سيورطنا مع العالم العربي، وليس معه فحسب، منح الإمارات ذريعة للتطبيع (المبارك) مع إسرائيل، وسارت في أعقابها ثلاث دول عربية أخرى.

خطوة التطبيع، التي ولدت من اعتراض إدارة ترامب لدعم الضم، ومن شراكة المصالح بينها وبين غانتس، أدت إلى تغيير استراتيجي أزال اشتراط السلام الإسرائيلي – الفلسطيني عن التطبيع مع عدة دول عربية. لو كانت لكتلة نتنياهو 61 نائباً قبل سنة، لتحقق الضم ولما ولد التطبيع، ولكان الوضع في المنطقة أكثر تفجراً.

وصول كتلة نتنياهو إلى 61 مقعداً معناه إسرائيل أخرى. وأقوال نتنياهو عن المستقبل المرتقب لرئيس الموساد يوسي كوهن بعد نهاية ولايته، ستكون أحد تعابير إزالة الأقنعة والمس الشديد باللاسياسية اللازمة لموظفي الدولة الكبار. ولكن رئيس الوزراء لا يخشى من تحطيم القواعد حين تقف إلى جانبه محافل الديمقراطية.

إن خطط المس بصلاحيات المحكمة، لإجراء “استماع” للقضاة للسير على الخط مع الحزب الحاكم والقيام بخطوات تجمد المحاكمة ضد نتنياهو، كل هذه ستتحقق أو ستسقط بفارق مقعد.

هذا المقعد سيحسم أيضاً بالنسبة لمكانة إسرائيل أمام العالم. مع كل الاحترام لأنظمة الحكم المطلق، التي تتباهى بصداقتها لنا، فإن إسرائيل في وضع صعب جداً اليوم أمام دول الغرب الديمقراطية، وعلى رأسها الولايات المتحدة. ليس صدفة أن أجل الرئيس بايدن المكالمة الهاتفية مع رئيس الوزراء، وهو الأمر نفسه بالنسبة لفرنسا وألمانيا اللتين تعدّ العلاقات معهما مهمة بشكل خاص.

الأردن ليس مفهوماً من تلقاء ذاته، والحادثة الأخيرة تعبر عن استعداد رئيس الوزراء لتفضيل مصلحته الشخصية على الوطنية. والحادثة بين محافل الشرطة والأمن لدينا ونظيرتها الأردنية على خلفية زيارة ولي العهد الأردني، الأمير الحسين بن عبد الله إلى الحرم، دفعته إلى إلغاء الزيارة، وبألا يسمح لأردنيون لنتنياهو بالسفر فوق بلادهم إلى الإمارات. نتنياهو، الذي غضب لمنعه إجراء زيارة قصيرة إلى الخليج عشية الانتخابات، أمر – وفقاً لوسائل الإعلام– بمنع الطائرات الأردنية من السفر في سماء إسرائيل. وكانت وزيرة المواصلات ميري ريغف هي التي فهمت على ما يبدو بأنه قرار ارتجال،ي وأخذت على عاتقها دور الراشد المسؤول عندما لم تنفذ الأمر.

من الصعب جداً أن نفهم هذه القصة، فالسلام مع الأردن يمنح إسرائيل عمقاً إقليمياً حاسماً. وبدلاً من النهوض كل صباح لسقيه، يتعامل رئيس الوزراء معه كأمر مسلم به ولا يتأثر بحقيقة أن الملك غير مستعد ليلتقيه ويفضل آخرين لحكومة إسرائيل.

ولكن لا يوجد أي سلام مفهوم من تلقاء ذاته، وبالأساس الاتفاقات مع مصر والأردن التي تضمن لإسرائيل ألا تعود إلى السنوات التي كانت تدور فيها حروب بيننا وبينها مع توقفات قصيرة. مقعد أو اثنان سيعرضان إسرائيل للخطر حيال جيرانها. مقعد أو اثنان سيسمحان بالإصلاح اللازم. كل صوت مقرر.