يديعوت - بقلم: توفا تسيموكي "إن قرار محكمة لاهاي ضد إسرائيل في موضع خلاف قضائي شديد، كونه مصاباً بالتسييس التام الذي يلف قرارات المحكمة، مما يقوض شرعيتها.
عندما تشكلت المحكمة على خرائب الحرب العالمية الثانية، كان واضحاً أنها بعد أن تحاكم مسؤولي النظام النازي ستعنى بالتحقيق في جرائم حرب حقيقية، كتلك التي لا يقبلها العقل، مثل قتل الشعب في رواندا ومذابح سوريا. وكانت أقيمت كي ترى فيها دول ليس لها تقاليد إنفاذ للقانون وديمقراطية ومستقلة عنواناً وأملاً وحيداً لمواطنيها في العدالة.
عندما تشكلت المحكمة في 2002 قررت إسرائيل والولايات المتحدة عدم الانضمام إليها، لأن مبادئ “ميثاق روما” الذي أقيمت المحكمة بقوته، أوضحت لإسرائيل بأنها قد تجد نفسها على مقعد الاتهام بارتكاب “جرائم حرب” في المستوطنات. وارتبطت الولايات المتحدة باسرائيل ولم تنضم إلى المحكمة، خوفاً من أن تكون أعمالها في العراق وأفغانستان موضع محاكمة.
ورقة إسرائيل المركزية حتى الآن، وإن شئتم “قبتها الحديدية القضائية” هي وجود مؤسسات تحقيق وقضاء مستقلة في شكل النيابة العامة العسكرية، والمستشار القانوني للحكومة، وبالأساس المحكمة العليا، والتي تجري رقابة قضائية على أفعالها في المناطق. وتحظى هذه المحكمة بمكانة ومصداقية دولية، وهكذا تساعد في حفظ “السترة الواقية السياسية” التي منحتها الإدارة الأمريكية لإسرائيل. وثمة تقدير بأن إدارة بايدن التي أعربت أمس عن معارضتها للتحقيق في لاهاي بدعوى أن ليس للمحكمة صلاحيات في هذا الشأن، ستواصل ذلك رغم سعيها للعودة إلى حضن الأسرة الدولية.
يخشى رئيس الوزراء منذ سنوات عديدة من “لاهاي”: المستشارون القانونيون للحكومة، ولا سيما المستشار مندلبليت، يسمون الولد باسمه – “قتال قضائي”. وفي نظرهم لا فرق بين ممارسة الفلسطينيين للإرهاب الدبلوماسي ومحاولتهم جر إسرائيل إلى المحكمة الدولية. وتعتقد القيادة السياسية والقانونية بأن “لاهاي” يجب أن تبعد أقدامها عن كل جانب في النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني، وألا تعرفه في مناظير قضائية. وحجج إسرائيل معروفة: يدعي مندلبليت بأن المحكمة تفتقر لكل صلاحيات العمل ضد اسرائيل؛ لأنه لا توجد دولة سياسية فلسطينية، ولا أرض تابعة لها. وعلى أي حال، ليس للسلطة صلاحيات قضائية بالنسبة للإسرائيليين.
مشكلة إسرائيل الاستراتيجية هي غياب المفاوضات مع الفلسطينيين. والنتيجة: تبقى أمامهم محاولة المس بإسرائيل عبر المحكمة الدولية ومجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة. ما لا يساعد إسرائيل هو تعريفها بأنها “دولة احتلال” تتخذ “الحيازة القتالية” للأرض والسكان عديمي حقوق الإنسان، بينما في هذه الأرض جيوب من المستوطنين مع حقوق كثيرة. وتضاف إلى هذا المواجهات التي كانت لإسرائيل في الأسطول إلى غزة وفي حملة “الجرف الصامد”. فهذه توفر مادة مشتعلة للفلسطينيين للتوجه إلى “لاهاي”. ويبدو أن إسرائيل تقف هذه المرة أمام الأمر الحقيقي.