رأى محللون عسكريون إسرائيليون اليوم، الأربعاء، أن تقديرات شعبة الاستخبارات الإسرائيلية (أمان) السنوية، التي نشرت أمس، لا تتوقع تهديدات بالغة الخطورة على إسرائيل، وأن العِبرة من تقديرات "أمان" في العام الماضي، هي أن هذه التقديرات، وتلك التي تضعها أجهزة استخبارات في دول أخرى، تبقى منقوصة لأن تطورات مفاجئة يمكن أن تحدث وتقلب التقديرات رأسا على عقب، مثلما حدث العام الفائت في أعقاب انتشار فيروس كورونا.
وأشار المحلل العسكري في صحيفة "يسرائيل هيوم"، يوآف ليمور، إلى أنه بالإمكان النظر إلى تقديرات "أمان" بطريقتين. الأولى أن "أعداء إسرائيل، وفي مقدمتهم إيران، موجودون بعيدا عن المكان الذي أرادوا أن يكونو فيه الآن. والطريقة الثانية، المتشائمة، أن التهديدات على إسرائيل لم تتراجع، وحتى أنها تصاعدت من عدة نواح في الفترة الأخيرة".
إلا أن ليمور رجّح أن رئيس "أمان"، تمير هايمان، "يفضل وصفا آخر، ثالثا، وواقعيا: من جهة، ليس كل شيء أسود، والبيئة المجاورة ليست مليئة بالتهديدات فقط وإنما هناك فرص أيضا. ومن الجهة الأخرى، هذا لا يزال الشرق الأوسط، ورغم أن العام 2020 كان هادئا نسبيا، إلا أن لا شيء في الافق يضمن مستقبلا مشابها".
وأضاف ليمور أن الأنشطة الإيرانية، في المجال النووي وكذلك في اليمن والعراق وسورية ولبنان، بسبب الأزمة الاقتصادية التي تواجهها، "وسببه الأساسي العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة" أي إدارة الرئيس السابق، دونالد ترامب.
ووفقا لليمور، فإنه "يسود قلق في أمان من أنه سيتم الشعور في المنطقة في الأساس من تخفيف العقوبات" بسبب عودة محتملة لإدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، إلى مفاوضات مع طهران حول الاتفاق النووي، وفي أعقاب ذلك "سيُضخ مالا وسلاحا أكثر للمنظمات الموالية لإيران، لتستخدم في الصراعات العنيفة".
وأشار ليمور إلى أن "أمان" أقل قلقا حيال المجال النووي، إذ بحسب التقديرات ستتمكن إيران من صنع رأس حربي نووي بعد سنتين من اتخاذها قرارا بهذا الخصوص. ولفت إلى أن هذه التقديرات أقل إثارة للقلق من تلك التي ترددت في واشنطن، الأسبوع الماضي، عندما قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إن إيران على مسافة أسابيع من الانطلاق نحو القنبلة.
وأضاف ليمور، أنه خلافا لتصريحات رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، قبل أسبوعين، وهدد فيها بمهاجمة إيران وهاجم إدارة بايدن على خلفية عزمه التفاوض مع طهران حول اتفاق نووي جديد، فإنه وفقا لـ"أمان" ينبغي أن تركز إسرائيل على "دبلوماسية سرية مقابل الإدارة في واشنطن. وهذا دليل أولي على خلافات مهنية، وصحية، في هيئة الأركان العامة".
كورونا لم يكن متوقعا بتقديرات العام الماضي
عندما نشرت "أمان" تقديراتها السنوية السابقة، في 13 كانون الثاني/يناير عام 2020، "لم تشمل أي إشارة إلى الحدث المركزي الذي سيهز العالم كله خلال أقل من شهرين"، في إشارة إلى انتشار فيروس كورونا، وفقا للمحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل.
وأضاف هرئيل أن "انتشار محتمل لأوبئة، وكذلك تغير المناخ، لا يتم شملها في التوقعات السنوية ولا تعتبر شأنا في عمل أجهزة الاستخبارات في إسرائيل. وستُغلق هذه الثغرة تدريجيا إثر دروس العام الفائت. فأكثر من أي ظاهرة أخرى، الفيروس هو الذي بلور الواقع العالمي في العام الماضي وسيستمر في ذلك في العام الحالي، وفي السياقات الإستراتيجية أيضا. فعندما تكون جميع الحكومات منشغلة بمصائب اقتصادية وصحية غير مسبوقة في الفترة المعاصرة، يبدو أن الشهية للحروب تقل".
وأشار هرئيل إلى أن "انتشار محتمل لأوبئة، وكذلك تغيرات المناخ، لم يتم شملها في التوقعات السنوية ولا تعتبر ضمن اهتمامات أجهزة الاستخبارات في إسرائيل. وستغلق هذه الثغرة تدريجيا إثر دروس العام الفائت. وأكثر من أي ظاهرة أخرى، الفيروس هو الذي الذي بلور الواقع العالمي في العام الماضي وسيواصل ذلك في العام الحالي، وفي السياقات الإستراتيجية أيضا. فعندما تكون جميع الحكومات منشغلة بمصائب اقتصادية وصحية غير مسبوقة في العصر الحالي، سيبدو أن الشهية للحروب تقل".
وأضاف هرئيل أن "ثمة عبرة أخرى كامنة هنا، فيما يتعلق بما يسميها الخبير الاقتصادي نيسيم طالْب ’بجعات سوداوات’. فمرة كل عدة سنوات، قد يطلّ حدث غير متوقع ويقلب كافة التقديرات المسبقة. وعلى ضباط الاستخبارات، كما المحللين في وسائل الإعلام، أن يكونوا مدركين لحدود قدرتهم على التحليل والتوقع. وانتشار كورونا أبطأ خطوات المحور الشيعي الذي تقوده إيران في المنطقة، وقلص الاحتكاك مع إسرائيل في أشهر الوباء الأولى. وفي مرحلة لاحقة، ورغم الصعوبات الاقتصادية، عادت إيران إلى ضخ أموال لتنظيمات إرهابية وميليشيات في المنطقة".