تتعرض النساء الناجحات والذكيات في سوق العمل بشكل منتظم للحرمان من حقوقهن بسبب عوامل مختلفة، على غرار العمل في منطقة يهيمن عليها الرجال، الأمر الذي يؤدي إلى الاستهانة بالمرأة وتقاضي أجر أقل من الرجال.
ولهذا تميل النساء إلى مطالبة أنفسهن بمزيد من العمل وحتى تقديم معايير أعلى مقارنة بزملاء العمل الذكور، كما تقول الكاتبة ويندي غونزاليس بيريز، في تقرير نشرته مجلة "سوي كارمن" (soycarmin) المكسيكية.
مهارات رائعة ولكن
وحسب الخبراء فإن لدى الفتيات، على عكس الأولاد، مشكلات على مستوى الثقة رغم القدرات والمواهب الكبيرة التي يمتلكنها، كما هو الحال مع الذكاء.
وعلى الرغم من المهارات الرائعة التي تمتلكها المرأة في أي مجال تعمل فيه، فإنها تعاني عادة مشكلة كبيرة تتمثل في انعدام الثقة.
ووفقا لعالمة النفس، هايدي غرانت هالفورسون، فإن النساء نادرا ما يدركن أنهن أسوأ عقبة وعدو لأنفسهن. وتعد النساء أسوأ القضاة عند الحديث عن قدراتهن والمزايا التي يقدّمنها في أي مجال. وتميل النساء إلى الحكم على قدراتهن الخاصة بشكل أكثر قسوة وبطريقة مختلفة تماما عن الرجال.
ولفهم الأسباب التي تكمن وراء هذا الأمر، من الضروري العودة بالزمن إلى الوراء، إلى مرحلة الطفولة والتعرف على العادات التي تسبب مثل هذه الأحكام الجائرة على القيمة. ولهذا استعرضت عالمة النفس هايدي دراسة تعود إلى عام 1980، حللت سلوك الأولاد والبنات في الصف الخامس.
الفرق بين البنت والولد
وبفضل هذه الدراسة، اكتُشف أن الفتيات يطوّرن عقدة غريبة في ما يخص المهارات المتعلقة بالذكاء مقارنة بالأولاد، نظرا لأن الفتيات يستسلمن بمجرد أن تعترض أحد العوائق سبيلهن.
في حين عدّ الفتيان هذه العقبات بمنزلة تحدّ لهم، ولم يستسلموا في المرة الأولى، بل وجدوا أنها تمثل حافزا من شأنه أن يجعلهم يضاعفون جهودهم بدلا من التخلي عن العقبات الأكاديمية مثل تلك التي تعترضهم في مادة الرياضيات.
إذن ما سبب شعور الفتيات بالضعف أمام تجاوز التحديات؟
أفادت الخبيرة هايدي أن الإجابة عن هذا التساؤل تكمن أساسا في الثقة. فقد تفوقت الفتيات بطبيعتهن على الأولاد في الأنشطة الأكاديمية الروتينية بما في ذلك المواد المهمة في تقييم درجات الذكاء، مثل الرياضيات والعلوم. وأثبتت الدراسة أنه لا يوجد فرق كبير بوجه عام في القدرات العقلية للفتيان والفتيات.
كيفية تفسير الصعوبة
ويتمثل الاختلاف الوحيد الملحوظ بين الجنسين في مسألة الثقة بالنفس والقدرات. فعلى سبيل المثال، عند مواجهة معادلة حسابية صعبة، فإن الفتيات أول من يشككن في قدراتهن ويفقدن الثقة بأنفسهن. وفي المقابل، لم يستسلم الأولاد بسهولة لضغوط أو صعوبة المشكلات نظرا لأن لديهم ثقة أكبر.
ويعود هذا الاختلاف الكبير إلى أن الفتيات الذكيات يعتقدن أن قدراتهن فطرية وغير قابلة للتغيير، في حين يعتقد الأولاد الأذكياء أنه يمكنهم تطوير المهارات عن طريق بذل الجهد والممارسة. ولهذا السبب البسيط، تفقد الفتيات الذكيات الثقة بسرعة عندما لا يتمكنّ من حل المشكلة من المحاولة الأولى.
المثابرة أولا
ولذلك تميل المرأة البالغة الذكية والناجحة إلى الحكم على نفسها بطريقة قاسية جدا حين تواجه العقبة الأولى، لأنها تأمل أن قدراتها الخاصة ستدفعها إلى الأمام.
ووفقا لعلماء النفس، لا تعتمد القدرة سواء كانت ذكاء أو نجاحا على الموهبة الطبيعية، ولكنها تتطور بالخبرة والجهد وقبل كل شيء بالمثابرة، حيث إن هذه العناصر توفر الثقة وتجعلك لا تفقدها بسهولة.