اعتبر محللون عسكريون إسرائيليون أن إطلاق حزب الله صاروخا مضادا للطائرات باتجاه طائرة استطلاع بدون طيار إسرائيلية، من طراز "هرمس 450"، كانت تحلق في الأجواء اللبنانية أمس، الاربعاء، وضع إسرائيل أمام معضلة، بين تآكل ردعها وبين عدم رغبتها بتصعيد عند الحدود مع لبنان، وأشاروا إلى أن الصاروخ الذي أطلقه حزب الله من صنع روسي.
وأشار المحلل العسكري في صحيفة "يسرائيل هيوم"، يوآف ليمور، اليوم الخميس، إلى أن هذه لم تكن المرة الأولى التي حاول فيها حزب الله استهداف طائرة إسرائيلية تحلق في الأجواء اللبنانية، إلا أنه اعتبر أن "حزب الله فعل ذلك في الماضي لسبب وسياق واضحين، بينما بالأمس بدا أن إطلاق الصاروخ جاء من لا مكان. ورغم أن سلاح الجو عمل في سماء لبنان بشكل مكثف في الأيام الأخيرة، لكن هذا كان جمع معلومات عادي وليس خطوة هجومية".
وأضاف ليمور أن حزب الله أراد بإطلاق الصاروخ أن يردع إسرائيل، وتنفيذ تعهد أمين عام الحزب، حسن نصر الله، باستهداف طائرات إسرائيلية في الأجواء اللبنانية، "وربما كان ذلك محاولة متأخرة لجباية ثمن على مقتل ناشط حزب الله في الغارة الإسرائيلية في مطار دمشق، في الصيف الماضي، والذي أدى إلى توتر مستمر منذ عدة أشهر".
واستبعد ليمور التقديرات التي تعالت أمس بأن حزب الله أطلق الصاروخ المضاد للطائرات بهدف التلميح لإدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، بأنه الأجدى له أن يسارع في رفع العقوبات عن إيران، ووصفها بأنها "ليست معقولة". ورأى ليمور أن "العكس هو الصحيح: المصلحة الإسرائيلية هي أن تكون هذه الجبهة هادئة. ولإسرائيل خصوصا، توجد مصلحة بالربط بين إرهاب حزب الله والاتفاق النووي".
وأشار إلى أن حزب الله استخدم صاروخا مضادا للطائرات من صنع روسي، "واستخدم في صواريخا كهذه باعتدال، كي لا يثير غضب روسيا، وكذلك من أجل الاحتفاظ بهذا السلاح الإستراتيجي لحالة الطوارئ. وتخوف حزب الله من أن يؤدي إطلاق صاروخ كهذا إلى تدمير المنصة التي أطلقته، من دون أن يحصل على بديل له".
من هنا، اعتبر ليمور أنه "ليس واضحا لماذا امتنع سلاح الجو عن تدمير مباشر للمنصة التي أطلقت الصاروخ، مثلما يفعل في أحيان متقاربة في الهجمات المنسوبة له في سورية. فالصواريخ المضادة للطائرات تعتبر منذ سنين أنها ’تخلّ بالتوازن’، وإسرائيل تستثمر جهودا هائلة في منع نقله إلى حزب الله، الذي يهتم به من أجل تشويش التفوق الجو الإسرائيلي في لبنان في الأيام العادية، وخاصة في حرب مستقبلية".
ورأى ليمور أن "الارتباكات لوقت طويل أمس حيال طبيعة رد الفعل بثّ ترددا. فقد نفذ حزب الله عملية هجومية، تتجاوز أي تفاهم. والامتناع عن رد فعل شديد سيلمح له أن عمليته كانت مقبولة، وسوف يعمل ثانية. وهذه عملية خطيرة للتعود وهي معروفة جيدا من سنوات إطلاق المقذوفات من لبنان وغزة. وهذه عملية تؤدي إلى تآكل الردع، وفي نهايتها ستطالب إسرائيل برد فعل أشد بكثير والتي بالضرورة قد نقود إلى تصعيد واسع".
"ممارسة ضغوط على إدارة بايدن"
أشار المحلل العسكري في موقع "يديعوت أحرونوت" الإلكتروني، رون بن يشاي، إلى أن الصاروخ المضاد للطائرات الذي أطلقه حزب الله، أمس، هو من طراز 6-SA، وأن المرة الأخيرة التي أطلق فيها صاروخا كهذ كانت في تشرين الأول/أكتوبر العام 2019، في أعقاب غارة إسرائيلية بطائرة مسيرة في الضاحية الجنوبية في بيروت.
واعتبر بن يشاي أنه "يبدو أن لا سبب خاصا يدفع حزب الله إلى استخدام بطارية صواريخ مضادة للطائرات، التي حصل ويخفيها ويحتفظ بها لمواجهة واسعة، أو حرب مع إسرائيل"، لكنه عدد أسبابا لإطلاق الصاروخ، بينها أن "حزب الله يريد تصعيد التوتر في لبنان للتهرب من الانتقادات ضده بين المواطنين اللبنانيين واتهامه بالأزمة السياسية والاقتصادية والصحية"، وأن "مواجهة مع إسرائيل ستمكن حزب الله من إثبات أنه ’حامي لبنان’، وسيسكت الانتقادات".
وبحسب بن يشاي، فإن سببا آخر هو أن "حزب الله أجرى تحسينات لمنظومة المضادات الجوية القديمة التي بحوزته، ويحاول تجربة هذه التحسينات وما إذا ستمكنه من ضرب طائرات إسرائيلية من دون طيار. وعمليا هذا قد يكون تجربة على سلاح".
وخلافا لليمور، أشار بن يشاي إلى سبب آخر، وهو أن "لإيران مصلحة الآن بزيادة التوتر في الشرق الأوسط بواسطة أذرعها، بهدف ممارسة ضغوط على إدارة بايدن من أجل رفع العقوبات، في ظل وعد بايدن بالعودة إلى الاتفاق النووي". وتابع أنه "عدا ذلك، هناك إمكانية أن إطلاق الصاروخ كان خطأ ارتكبه مشغل منصة الصواريخ".
وشن الجيش الإسرائيلي هجوما على مناطق في جنوب سورية، أمس، في غارات استهدفت "موقعًا عسكريًا تابعًا لقوات النظام والميليشيات الإيرانية"، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.