هآرتس - بقلم: عميرة هاس "لينفِ بنيامين نتنياهو، بقدر ما يريد، الدافع النفعي – الدعائي، بعد زيارته الناصرة وأم الفحم أمس، والطيرة قبل ذلك، لقد كان شفافاً وغير ذكي إلى درجة الإحراج. ومن جهة أخرى، لم تكن نيته وقدرته على تحريض “العرب الجيدين” والمتجسدين في رئيس البلدية علي سلام، ضد “العرب السيئين”، والقائمة المشتركة ورؤسائها، خالية من الذكاء. هذا ذكاء بأسلوب المستشارين الشرقيين، الذين تم تجنيد معرفتهم بالمجتمع الفلسطيني على جانبي الخط الأخضر، ومشكلاته وأزماته الداخلية تحت نير الحكم الإسرائيلي.. من أجل تطوير أداة السيطرة والاضطهاد.
لعب علي سلّام الدور بشكل جيد في السيناريو الاستشراقي، ورد على نتنياهو بأقوال متملقة ومحرجة: “ثمة انتخابات على الأبواب – ما فعله رئيس الحكومة لم يفعله أحد”، قال لضيفه الرفيع، حسب تقرير “واللاه”. وأضاف: “حياتنا لم تكن أفضل مما هي عليه الآن. ولو لم تكن في زمن كورونا لما عرفت ما كنا سنفعل. إنك تهتم بجميع السكان، ولا يهمك إن كانوا عرباً أو يهوداً. ومع كل الفوضى، تصنع السلام”. دخل علي سلام بإرادته واختياره الحر في حذاء المحرض ضده عندما استخف بالعدو المشترك: “لم تفعل القائمة المشتركة شيئاً. لقد خاب أمل المجتمع العربي مما قدموه وفعلوه، ومن تعاملهم مع ناخبيهم”.
هناك حنكة أيضاً في الرسالة شبه المفتوحة التي نقلها رئيس الوزراء إلى سكان الناصرة والفلسطينيين مواطني إسرائيل الآخرين: انتخبوني، انتخبوا الليكود، ولا تنتخبوا القائمة المشتركة، وسيكون وضعكم أفضل. بدون علاقة مع لوائح الاتهام ضده، فقد فعل ما يفعله بشكل عام من يتنافسون على رئاسة الحكومة: لقد عرض رشوة انتخابات على جمهور واسع، الذي اعتاد آلاف معدودة منه أعلى التصويت لحزبه.
وأثبت علي سلام أنه فهم الرسالة جيداً، وقال لرئيس الحكومة: “كما تتعامل مع إيلي باردا، رئيس بلدية “مغدال هعيمق”، تعامل أيضاً مع جميع رؤساء السلطات العربية. طلبي هو أن تتعاملوا معنا وتعطوننا. أعدك بأننا سنؤيدك”. علي سلام يمكنه حينها القول لسكان الناصرة: سأجلب لكم ميزانيات حكومية لا يستطيع جلبها أي رئيس بلدية مؤيد للقائمة المشتركة.
إن وعد نتنياهو بأن “عهداً جديداً قد بدأ” في العلاقة بين اليهود والفلسطينيين سكان إسرائيل، يتناقض مع أقوال الاستخذاء التي قالها علي سلام والواقع الرائع الذي وصفه فيها “حياتنا لم تكن أفضل مما هي عليه الآن”. من أجل ماذا نريد عهداً جديداً إذا كان الحاضر بهذا القدر من الجودة؟ ولكنهم لا يدخلون إلى تفاصيل كهذه في حملات انتخابية. وقيمة الوعد بـ “عهد جديد” أظهرتها مهاجمة رجال الشرطة لأعضاء القائمة المشتركة الذين تظاهروا ضد زيارة نتنياهو.
اعتذر نتنياهو مرة أخرى على أقواله في العام 2015 بأن “العرب يتدفقون بجموعهم نحو صناديق الاقتراع”: في المرة الأولى كان ذلك بعد بضعة أيام على الانتخابات في السنة نفسها، مع علاقة بتوبيخ إدارة باراك أوباما، وبعد أن حققت هذه الأقوال التحريضية هدفها. أمس، في الناصرة، قال إنه كان يريد التحذير من التصويت للقائمة المشتركة. موقفه واضح: عندما يكون الفلسطينيون (مواطنو إسرائيل) موحدين، فهذا سيئ لدولة إسرائيل. وعندما يربطون بين وضعهم كمواطنين من درجة متدنية وبين تاريخ الطرد في 1948 وبين مصير الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، فهذا فظيع. وعندما يكونون منقسمين ويدفنون كل السياقات السياسية والتاريخية، مثلما يفعل سلّام، فهذا جيد لإسرائيل ويمكن أن يكون جيداً أيضاً لعدد منهم.
“مواطنو إسرائيل العرب يجب أن يكونوا جزءاً كاملاً ومتساوياً في المجتمع الإسرائيلي”، قال نتنياهو، وكأنه ليس في فترة ولايته سن قانون القومية الذي يرسخ ويشدد التمييز البنيوي الذي استمر لسنوات. لا يمكن تصديق هذا. ولكن كذبه هذا في الوقت نفسه هو تذكير بأن للفلسطينيين في إسرائيل قوة سياسية واجتماعية، لأنهم مع ذلك مواطنون لهم حق التصويت، ولأن الناتج القومي الخام بحاجة إليهم، ولأنهم يدخلون ضمن إحصائيات المكتب المركزي للإحصاء، خلافاً لأبناء شعبهم الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، ولأن القوى الرئيسية التي تشكل القائمة المشتركة الآن تحارب من أجل وجودهم وهويتهم وحضورهم، رغم أنف إسرائيليين – يهود كثيرين.