"اللقاح مقابل الجثث": قتل الأبرياء في غزة.. هذا ما يعلمه المحامي اليهودي “اللامع” لطلابه

الثلاثاء 12 يناير 2021 08:28 م / بتوقيت القدس +2GMT
"اللقاح مقابل الجثث": قتل الأبرياء في غزة.. هذا ما يعلمه المحامي اليهودي “اللامع” لطلابه



القدس المحتلة / سما /

هآرتس - بقلم: ميخائيل سفارد   "هناك نوعان من المحاماة: محاماة “عادية”، يعمل فيها ما يسمى في العادة “اليد الطويلة للزبائن”، (والأكثر انتقاداً يسمونهم “مرتزقة”)، ومحاماة موجهة لهدف اجتماعي، التي يعدّ تمثيل الزبائن في إطارها جزءاً من مهمة لتعزيز قيم ومصالح اجتماعية عامة. ليس صحيحاً محاكمة الأوائل على ادعاءات يطرحونها باسم زبائنهم، حيث إن الجميع يستحقون تمثيلهم وما شابه. وفي المقابل، يمكن وأحياناً يجب فعل ذلك عندما يدور الحديث عن المحامين الاجتماعيين بسبب تفاخرهم بأن يكونوا في الوقت نفسه ممثلين ونشطاء مستقلين، خاصة عندما تكون طريقهم، حتى لو كانت مرصوفة بالنوايا الحسنة، مؤدية إلى جهنم. أريد التوجه بشكل شخصي إلى أحد هؤلاء.

واجهني في هذا الأسبوع التماس قدمته عائلة غولدن التي قتل ابنها، الملازم هدار غولدن، في عملية “الجرف الصامد” وما زالت جثته في أيدي حماس. تحتفظ حماس كعادتها بالجثة كورقة مساومة، وتطالب بإطلاق سراح سجناء في المقابل. سيقال ما هو مفهوم ضمناً: حماس ترتكب جريمة مقيتة بأنها تمنع عائلة غولدن من دفن ابنها، وتثبت مرة أخرى بأن الأمر يتعلق بمنظمة لا تستبعد فعل أي شيء وحشي وغير إنساني لتحقيق أهدافها. وحقيقة أن حكومة إسرائيل تبنت نفس الممارسة، بل وتتاجر اليوم بجثث قتلى فلسطينيين، تثبت أن أحد الأثمان الصعبة للإرهاب هو الضرر الذي يتسبب به للعمود الفقري الأخلاقي لضحاياه.

على أي حال، نضال عائلة غولدن ونداؤها بأن على حكومة إسرائيل إعادة جثة ابنها، هي صرخة محقة وصحيحة. ولكن ضائقتها التي تستحق التماهي لا يمكن أن تبرر المس بالأبرياء. هذا بالضبط ما يريده الالتماس الذي تم قدمته باسمها للمحكمة العليا. يجب فرك العيون لتصديق أنه “في الالتماس المقدم، وباسم العيادات القانونية في كلية “شعاري مشباط ومداع”، هناك مطالبة بإصدار أمر يحظر نقل لقاح كورونا لسكان غزة إلى أن تعيد حماس جثث قتلى الجيش الإسرائيلي والمدنيين الذين تحتجزهم.

“عدم استغلال هذه الفرصة”، كتب في الالتماس – نعم، فرصة الوباء المتفشي – “سيؤدي باحتمالية عالية إلى أن تذهب الجهود المبذولة هباء، هذا إذا بذلت، من أجل إعادة الأبناء إلى البيت… في المقابل، غ، منع إرسال لقاح كورونا إلى قطاع غزة، حتى إعادة الأبناء، سيكون خطوة مؤقتة لا غير، ففور إعادة الأبناء سيكون بالإمكان إرسال التطعيمات المطلوبة”.

تعالوا نفهم ما قيل: يريد الملتمسون استغلال وجود غزة تحت حصار إسرائيلي منذ 13 سنة، ولا تستطيع تطوير جهاز صحة مستقل جدير بهذا الاسم، وأنها تعتمد بشكل كامل على أفضال إسرائيل، واتخاذ صحة وحياة مليوني شخص يعيشون فيها كرهائن حتى إعادة القتلى والمدنيين الذين تحتجزهم حماس.

في تراثنا قيل: لا تحكم على شخص دون أن تصل إلى مكانه. لست مقتنعاً وموافقاً على تبسيط هذا المثل، ففي الجهود المبذولة لمنع التطعيمات عن الغزيين، يشارك -إلى جانب أبناء العائلة الثكلى- محام يبدو لي أنه يمكنني مناقشته. محامي العائلة هو أحد المحامين ورجال القانون والرائعين في إسرائيل: البروفيسور أفيعاد هكوهين، وهو رئيس كلية “شعاري مشباط ومداع”، المحامي والباحث القانوني وكاتب المقالات الغزيرة، الذي كان شريكاً في نضالات كثيرة من أجل حقوق الإنسان، من بينها: ضد إقصاء النساء، والتمييز ضد شرقيين في المجتمع الأصولي، وكل ذلك من خلال الرؤية الأرثوذكسية التي يتبناها. وهو عضو في عدد من اللجان العامة، ونشاطاته الاجتماعية واسعة جداً. هكوهين هو ما يسمى لدينا “إنسان قيمي” (وهو تعبير غبي، لكنكم تعرفون قصدي). وإنه مع سجل كهذا ليس مستغرباً أن يذكر اسمه أكثر من مرة كمرشح لمنصب قاض في المحكمة العليا. وبين رؤيتي ورؤية كوهين فجوات، أحياناً كبيرة، لكنني أحترمه وأقدره.

لذلك، عندما رأيت توقيع هكوهين على التماس عائلة غولدن دهشت وتملكني حزن كبير. هذا الحزن زاد عندما تغلغل في البصيرة التي يمثلها هكوهين في هذا الملف من قبل العيادة القانونية للمؤسسة التي يعلم فيها. أي أن هذه الحالة جزء من التعليم القانوني الذي يقدمه لطلابه.

كيف يا أفيعاد، كيف ساعدت في خطوة إجرامية كهذه؟ هل هذا هو ما تريده حقاً؟ أن يموت آلاف الغزيين لأن حماس لن تعيد إلى زبائنك جثة ابنهم؟ ولا تقدم لنفسك تسهيلات. هذا بالضبط ما طلبته من المحكمة العليا. صحيح أنك تحفظت، حتى بصورة متشددة، من أن الأمر الذي طلبته هو منع تحويل التطعيمات “لأبعد مما يقتضيه القانون الدولي”، ولكن من يقرأ الالتماس الذي كتبه قلمك يفهم أنه ضريبة كلامية، وأنك تريد أن تلزم حكومة إسرائيل بفعل ما هو مطلوب كي تعرض للخطر صحة وحياة مئات آلاف الغزيين، كأداة ضغط من أجل تحقيق هدف إعادة الأبناء.

أعتقد، على سبيل المثال، أن غزة تحت الاحتلال، وهو يختلف عن الاحتلال الموجود في رام الله، والذي يختلف عن الاحتلال الموجود في منطقة التماس… ولكن كله احتلال. لذلك، على تقع كاهل إسرائيل المسؤولية العليا عن صحة وحياة جميع الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة. ربما لا تفكر بهذه الطريقة، لذلك تعتقد أن هناك فجوة بين “ما يقتضيه القانون الدولي” وبين التأكد من حصول جميع سكان غزة على اللقاح، وهذه الفجوة هي التي تسعى إلى استغلالها.

كتبت في الالتماس أن العائلة عرفت أن هناك نية لتحويل التطعيمات وتقديم العلاج للمرضى في القطاع. ليته كان صحيحاً، لأن حكومة إسرائيل أقل إنسانية بكثير مما يظهر لك. رداً على الالتماس، أوضحت النيابة العامة في الدولة بأن ليست هناك نية لفعل ذلك في الوقت الحالي. ولكن لنفترض وجود نية، فأنت تسمي هذه الخطوة – إعطاء تطعيمات وعلاج أثناء وباء عالمي لم نشهده منذ قرن – “ذروة التهكم والانغلاق”. بالنسبة لك “إذا أرادوا، (أعضاء حماس)، فيمكنهم بسهولة إعادة جثامين الجنود والمدنيين الإسرائيليين إلى بيوتهم والحصول على اللقاح والعلاج”.

تفاخرت في الالتماس باستخدام القضاء كدرع لعائلة غولدن. في الوقت الذي تستخدمه بالفعل كسيف قاطع. هل توافق على تقديم التماس يطالب بمنع التطعيمات في “بني براك” إلى أن تغلق القيادة الحاخامية مدارس تعليم التوراة، التي قد يزيد نشاطها من تفشي الوباء؟ من الواضح أن “لا”. لأنه هناك خطوط ادعاء لا يمكن أن يدعيها المحامون الاجتماعيين أو يجاولوا فيها. أحد هذه الادعاءات هو تعزيز العقاب الجماعي، وهذا ما كان يجب على طلابك تعلمه.