واشنطن بوست: تفاصيل نهاية العلاقة بين ترامب ونائبه بنس.. من موال وتابع إلى مغضوب عليه

الثلاثاء 12 يناير 2021 08:08 م / بتوقيت القدس +2GMT
واشنطن بوست: تفاصيل نهاية العلاقة بين ترامب ونائبه بنس.. من موال وتابع إلى مغضوب عليه



واشنطن /سما/

نشرت صحيفة “واشنطن بوست” ما قالت إنه تصدع في العلاقات بين الرئيس دونالد ترامب ونائبه مايك بنس بعد الهجوم على مقر الكونغرس يوم الأربعاء. وقالت فيه إن نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس كان مختفيا من عنف الغوغاء أتباع ترامب عندما نشرت التغريدات التي تهاجمه: “لم يكن لدى مايك بنس الشجاعة لعمل ما يجب عمله وحماية بلدنا ودستورنا. ومنح الولايات المتحدة الفرصة لإصلاح مجموعة من الحقائق وليس المزورة أو غير الدقيقة والتي طلب منهم في السابق إصلاحها.. وتحتاج الولايات المتحدة للحقيقة”. ولم يتصل ترامب به في ذلك اليوم ولا الأيام التالية للهجوم للتأكد من صحته وسلامته أو مناقشة رد الحكومة على الهجوم القاتل الذي حرض عليه.

وترى الصحيفة أن الانكسار في العلاقة -الذي ظهر خلال الأيام السابقة في وقت تشنج فيه البلد من أعمال أثارها الرئيس- مثير للدهشة. ويتوج العلاقة التي تميزت بلعب بنس دور الموالي والتابع. فنائب الرئيس كان يقضي الساعات مع الرئيس ويدافع عن سياساته المثيرة للجدل. ولم يذكره أبدا بشر حتى مع أقرب مستشاريه، ويبدو أنه مطرود من دائرة ترامب. وقال بنس إنه سيحضر حفل تنصيب جوزيف بايدن ونائبته كامالا هاريس رغم عدم حضور ترامب.

 وبدأ بنس بوداع فريقه ونشر الصور واللحظات العاطفية التي التقطت في مكتبه التنفيذي.

وقال مسؤولون إن ترامب التقى في النهاية مع بنس يوم الإثنين وأجريا محادثات جيدة حول ما يجب عمله خلال الأسبوع وتأملا ما أنجزاه خلال الأعوام الأربعة الماضية. ويتعرض بنس لضغوط من الديمقراطيين لكي يستخدم المادة 25 لعزل الرئيس، لكنه لن يفعل هذا إلا أن طريقة معاملته تردد صداها في البيت الأبيض حيث اعتبرها الكثيرون أنها غير منصفة. ووصف مسؤول بارز المعاملة بأنها “غير معقولة حتى للرئيس”.

وقال جوي غروغان، المسؤول السابق لمجلس السياسة المحلية في إدارة ترامب: “نحن محظوظون أن بنس رجل مؤدب وعقلاني ومنصف” و”لم تم استبداله بشخص مجنون مثل الأشخاص حول الرئيس ويقدمون له النصيحة الرئيسية لحصلنا على حمام دم. وتخيل ما سيحدث لو كان بنس شخصا شريرا ولم يدافع عن الدستور”. ورفض جاد ديري، المتحدث باسم البيت الأبيض، التعليق على مواقف الرئيس الحالية من نائبه ولماذا ضغط عليه بهذه الطريقة لتغيير نتائج الانتخابات. وقال ديري: “كان نائب الرئيس جزءا مهما في الإدارة وساعد الرئيس ترامب في نجاحه غير المسبوق نيابة عن الشعب الأمريكي. ونحن ممتنون لنائب الرئيس وما قدمه للبلد”.

ويرى النقاد أن نائب الرئيس لا يستحق هذا الثناء بعدما وقف مع الرئيس وسياساته ولم يتحدث ضد فصله الأطفال عن آبائهم على الحدود. ولم يقف ضد ترامب عندما هدد أوكرانيا وعدد من الهجمات الأخرى. وفوق كل هذا فقد كان مسؤولا عن لجنة مكافحة فيروس كورونا الذي قتل حتى الآن أكثر من 370.000 أمريكي.

وقال ستيورات ستيفنز، المستشار القديم للحزب الجمهوري والناقد لترامب: “قال الجمهوريون وعلى مدى العقود لا يمكنك التفاوض مع الإرهابيين وترامب هو إرهابي. وقرر بنس التفاوض معه لأنه اعتقد أن هذا يخدم مصالحه، وكان هذا أمرا محتوما”. و”نحى بنس كل شيء قال إنه يؤمن به- كل شيء. وأعني أننا أمام رجل طالما عبر عن غضبه ضد العلاقات غير الشرعية في برنامجه الإذاعي ومن ثم تعاون مع ترامب وبالطبع هذه هي النهاية التي سينتهي بها”.

وليس ترامب هو من تخلى عن نائبه ولكن أنصاره الذين شجبوه وهتفوا داخل الكونغرس مطالبين بإعدامه صرخوا يوم الأربعاء “أين مايك بنس”. وقال ستيفنز: “لم يعد له مستقبل داخل الحزب الجمهوري” و”عندما لا تقوم قاعدة الحزب بالسخرية منك فقط بل وتطالب بشنقك، فهي علامة سيئة”. وعندما سئل عن الهتافات قال ديري، المتحدث باسم البيت الأبيض، بدون ذكر الرئيس إنهم يشجبون كل أشكال العنف بما فيها ضد أي فرد في الإدارة.

 وبالنسبة لبنس فقد كانت مهمة غير مريحة، كما قال مسؤول بارز. وطلب منه عمل أي شيء يريده أو يقوله الرئيس. و”ربما قال الرئيس: مايك أريدك أن تسافر إلى آسيا” ويفعل. أو يقول: “مايك أريدك أن تدير المهام الخاصة لمكافحة كورونا” ويعمل كما طلب منه بدون أن يعترض”.

 وقال إن “بنس كان يقضي ساعات في المكتب البيضاوي كل يوم. وبعد حصوله على الإجازات كان يسأل عن وقت حضور الرئيس، وعندما يحضر يذهب إليه ويقضيان ساعات طويلة. وعدم حديثهما معا أمر لم أكن أتخيله”.

وبدأ الصدع في العلاقة يوم 15 كانون الأول/ديسمبر عندما قرر ترامب مخطئا أن بنس هو آخر فرصة لوقف خسارته في الانتخابات. وبدأ ترامب يخبر الآخرين بضرورة الضغط على بنس كي يعترض على النتائج النهائية في الكونغرس. وأصبح الموضوع محلا للنقاش المستمر بين الرئيس ونائبه حسب مسؤولين. ومن بين الذين ضغطوا عليه، كل من المحامي روديو جولياني وجون إيستمان ومستشار التجارة بيتر نافارو والمؤمنة بنظريات المؤامرة سيدني باول إلى جانب المستشارين والمساعدين الذين أرسلهم رئيس طاقم الرئيس مارك ميدوز.

وقال مسؤول بارز في الإدارة: “أخبر ترامب كل شخص اتصل به ليقول له إن بإمكانه الفوز وطلب منهم الاتصال ببنس”. وقال مسؤول آخر إن بنس كان في المكتب البيضاوي عندما اتصل ترامب مع الأشخاص كي يقنعوا نائبه بقلب نتائج الانتخابات. وتعرض بنس لمكالمات مستمرة من ترامب نفسه وكانت آخرها يوم الأربعاء ولمح فيها للهجوم عليه لو لم يعترض على فوز بايدن.

وفي لقاء قال ترامب: “تصرف بجرأة” حسب شخص حضر اللقاء. وقال آخر: “سيرتد عليك وعلى بلدك بالسلب لو لم تفعل”.

 واعتمد الجدال على مزاعم زائفة مثل رفض توماس جيفرسون في 1801 أصوات المجمع في جورجيا باعتبارها غير صحيحة. وآخر طلب فيه من بنس رفض بعض الولايات بعض الأصوات غير الصحيحة. وعندما التقى بنس وفريقه بالمشرعين علم أن إرسال أصوات غير صحيحة يحدث في كل عام.

وقال مسؤول بارز: “لم تكن هناك حالة مقنعة قدمها الرئيس أو محاموه”. ولم يكن بنس مرتاحا من الضغوط وطلب من مساعديه القيام بتحليلهم الخاص. وبدأ رئيس طاقم بنس، مارك شورت، بالتحضير لما هو محتوم حيث قال إن بنس لن يرضي أبدا الرئيس. واقتنع فريقه أن ترامب كان وراء الدعوى القضائية ضد نائب الرئيس وأنها كانت من عمل باول. وبات ترامب غاضبا من بنس بعد رفض بنس الدعوى القضائية بدعم من وزارة العدل. وأخبر أعضاء مجلس الشيوخ نائب الرئيس أنه لا توجد أدلة تدعم مزاعم الرئيس بأنه فاز بالانتخابات. وهم يريدون المساعدة ولكنهم بحاجة لأدلة. وقال مستشار لبنس إنه أبلغ الرسالة إلى البيت الأبيض ولكنه لم يقدم أجوبة على مطالب الكونغرس. وكان ترامب قبل يوم المصادقة على النتائج غاضبا، حسب شخص كان موجودا في المكتب البيضاوي، وأفرغ غضبه على بنس والمحامي بات سيبلون وغيره عندما أخبره بنس بأنه لن يعترض على النتيجة.

 ولم يشارك بنس بأي تحضير للمسيرة أمام البيت الأبيض ولم تكن لديه فكرة أن ترامب سيقوم بالتحضير للعنف. والتقى بنس مع الرئيس عدة مرات وأخبره عن الإجراءات وكيف أنه لا يستطيع عمل ما يريده. وعندما لم تنجح المحاولة الأخيرة يوم الأربعاء خرج ترامب أمام أنصاره وقدم خطابا مليئا بالغضب والأكاذيب أمام جمهور متعطش للدم وأنه ضغط على بنس أكثر من مرة لقلب نتائج الانتخابات. وعندما تدفق أنصار ترامب على المجلس رفض بنس المغادرة رغم أن حرسه طلب منه أكثر من مرة وبعد مغادرة زعيم الأغلبية الجمهورية ميتش ماكونيل وغيره.

وفي الوقت الذي راقب ترامب الغوغاء وهم يحتلون مقر الكونغرس رافضا الدعوات بالتدخل وأمر أنصاره بالمغادرة، حاول بنس الاتصال بالمسؤولين العسكريين وغيرهم في الحكومة لإرسال الحرس الوطني. واتصل بنس مع ماكونيل مخبرا إياه حول استئناف المصادقة في الوقت الذي ظل فيه ترامب ومحاموه يتصلون بأعضاء مجلس الشيوخ والنواب من أجل قلب النتائج. ولم يسأل أحد عن حالة بنس مع أن رئيس طاقمه شورت اتصل لاحقا بميدوز ليطمئنه أنه في حالة جيدة. وطوال الأزمة كان بنس وليس ترامب هو الذي اتصل مع الجيش والمشرعين لإخراج الغوغاء من المبنى. وقال ماكونيل: “مع أن نائب الرئيس وأنا لم نكن معا خلال عملية الإجلاء ولكنه ظل مشاركا بشكل شخصي وبقي على اتصال معي لتأمين المصادر الضرورية لمنع الغوغاء وأنا ممتن لهذه الجهود وبشكل كبير”.

وقال ماكونيل لمن حوله إنه غاضب من خطاب الرئيس ويخطط ألا يتحدث معه أبدا. ولم يحضر بنس إلى البيت الأبيض إلا يوم الجمعة بعدما ألغى خطابا أمام لجنة الجمهوريين في الكونغرس يوم الخميس. وقال مقرب من نائب الرئيس إنه راض عما فعله وإنه يخطط للدخول في القطاع الخاص وترك خياراته مفتوحة لترشح محتمل في 2024. وقال ترامب إنه يريد منع شورت من دخول الجناح الغربي لأنه نصح بنس بالمصادقة على الانتخابات وأنه ليس مهتما برؤية بنس. ولم يرد أحد على الرئيس حيث ظل شورت يحضر ويواصل عمله.