قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إننا باقونَ على أرضِنا متمسكونَ بثوابتِنا الوطنية، حتى استعادةِ حقوقِنا، نحو بناءِ دولتِنا الفلسطينيةِ المستقلةِ، وعاصمتِها القدس.
وأضاف الرئيس في كلمة متلفزة بثها تلفزيون فلسطين، مساء اليوم الخميس، لمناسبة الذكرى الـ56 لانطلاقة الثورة الفلسطينية، أن شعبنا سيواصل نضاله وتصديه لممارساتِ إسرائيل العدوانيةِ، بتمتينِ الجبهة الداخلية، وتحقيقِ المصالحةِ والذهابِ للإنتخابات.
وجدد الرئيس العهدَ على السيرِ قدما لإنهاء الاحتلالِ الإسرائيلي لأرضِ دولةِ فلسطين وصولاً لتحقيقِ أهدافِ شعبِنا في الحريةِ والسيادةِ والاستقلال.
وشدد الرئيس على ضرورةِ إيجادِ حلٍ عادلٍ لقضية اللاجئين، وفق قرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولجميعِ قضايا الوضعِ النهائي، ومواصلة العملَ من أجلِ إطلاقِ سراحِ جميعِ الأسرى في سجونِ الاحتلال.
وقال الرئيس: نتمسك بالسلامِ العادلِ والشاملِ والدائم المستندِ لقراراتِ الشرعيةِ الدولية، ولمبادرة السلام العربية، لذلك دعوْنا لعقدِ مؤتمرٍ دوليٍ للسلامِ في النصفِ الأولِ من العامِ المقبل، برعايةِ الرباعيةِ الدوليةِ، الجهة الوحيدة المخولة لرعاية المفاوضات، ويمكن أن نضيف دولا أخرى لها.
وأضاف الرئيس: نسعى للعملِ والتنسيقِ مع أشقائِنا من الدولِ العربيةِ والإسلاميةِ والدولِ الصديقةِ حولَ العالم مِن أجلِ حشدِ الدعمِ الدوليِ وإيجادِ حلٍ شاملٍ وعادلٍ للقضيةِ الفلسطينيةِ مبنيٍ على أساسِ حلِ الدولتينِ على حدودِ عام 1967، لتعيشَ دولُ المنطقةِ جميعُها بأمنٍ وسلامٍ واستقرار.
وأعرب الرئيس عن تطلعه للعملِ مع الإدارةِ الاميركية القادمةِ على أسس من الثقة المتبادلة لتعزيز العلاقاتِ معها وتحقيق السلام والأمن للجميع.
وحول جائحة "كورونا"، أكد سيادته ضرورةِ احترامِ الإجراءاتِ الوقائيةِ وفقَ تعليماتِ الجهاتِ الحكوميةِ المختصةِ، لنتمكنَ من الخلاصِ من الوباءِ، والعودةِ لاستئنافِ الحياة الطبيعيةِ ومضاعفةِ الإنتاجِ والبناءِ.
وهنأ الرئيس أبناء شَعبنا بحلولِ أعيادِ الميلادِ المجيدة، ورأسِ السنةِ الميلادية.
وفيما يلي نص كلمة الرئيس:
بسم الله الرحمن الرحيـم "ونُريدُ أن نَّمنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أئِمَّة وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ". صدق الله العظيم يا أبناءَ شعبنا الفلسطيني العظيم على ترابِ هذه الأرض المقدسة، وفي الشتات، أيتها الأخواتُ أيها الأخوة، نقفُ اليومَ معاً صامدينَ على أرضِنا، ثابتينَ على الحق، بكل إباءٍ وشموخ، لنحييَ انطلاقةَ ثورتِنا المجيدة، التي نهضتْ لتكونَ علامةً فارقةً في تاريخِ قضيتِنا المقدسةِ التي ضحى من أجلِها قادتُنا المؤسسون، وعلى رأسهِم القائدُ الرمزُ الشهيد ياسر عرفات، ورفاقُه من القادة، وقوافل الشهداءِ من أبناءِ شعبِنا وأمتنا، مقدمينَ أروعَ الأمثلةِ في التضحيةِ والفداءِ في سبيلِ الحريةِ والاستقلال.
ستةٌ وخمسونَ عاماً وما خبتْ نارُ ثورتِنا، ولا استكانتْ عزيمتُنا، مهما اشتدتِ المحن، وتعاظمتِ الصعاب، وبإصرارٍ وثبات، واصلَ شعبُنا وقيادتُه المسيرة، جيلاً بعد جيل، نحَو استعادةِ حقوقِنا، وبناءِ دولتِنا الفلسطينيةِ المستقلةِ بعاصمتِها القدس الشريف.
يا أبناءَ شعبِنا في الوطنِ وفي اللجوءِ وفي سجونِ الاحتلال، يا صناعَ التاريخِ على أرضِ فلسطين، يا مَنْ قبضتُم على الجمرِ وتحملتُمْ وصبرتُمْ فداءً ودفاعاً عن الوطنِ والهوية، نقفُ اليومَ لنجددَ العهدَ على التمسكِ بالثوابتِ الوطنيةِ والسيرِ قُدُماً في عملنِا وجهودِنا لإنهاءِ الاحتلالِ الإسرائيلي لأرضِ دولةِ فلسطين وصولاً لتحقيقِ أهدافِ شعبِنا العظيمِ في الحريةِ والسيادةِ والاستقلال، ممهدينَ الطريقَ لأجيالِنا القادمةِ لتنعُمَ بالسلامِ والإستقرارِ والإزدهار.
أيتها الأخوات أيها الإخوة،،، مرتْ قضيتُنا الفلسطينيةُ بمراحلَ نضاليةٍ حملَ مسؤوليتَها أجيالٌ متعاقبةٌ من القادةِ المؤسسين، وقدمَ شعبُنا الفلسطينيُ خلالَها تضحياتٍ جساماً على طريقِ ترسيخِ الهويةِ الفلسطينية، والقرارِ الوطنيِ المستقل، وبناءِ مؤسساتِ الدولةِ الفلسطينيةِ ذاتَ السيادةِ بعاصمتِها القدسُ الشريفُ على الترابِ الوطني الفلسطيني.
وقد ظهرَ دورُ الحركةِ الوطنيةِ المعاصرةِ جلياً بعد النكبةِ الفلسطينية عام 1948، وتوَّجَ هذا الدورَ بانطلاقةِ الثورةِ الفلسطينيةِ في العام 1965، وراحتْ هذه الثورةُ تراكمُ الإنجازاتِ تِلوَ الإنجازاتِ لاستعادةِ الهويةِ الفلسطينية، فقد قامتْ منظمةُ التحريرِ الفلسطينية، وتمَ الإعترافُ بها ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني، واستمرتْ في جهودِها بقيادةِ القائدِ الرمز الشهيد ياسر عرفات، ورفاقِه في السعي لتكريسِ صفتِها التمثيليةِ والتعريفِ بها على المستويين الإقليمي والدولي.
وجاءَ إعلانُ الاستقلالِ الفلسطيني في الجزائر عام 1988، بدايةً للإعترافِ الدولي بفلسطين على حدودِ العام 1967، وفقَ قراراتِ الأممِ المتَحدة، وبناءً عليهِ فقدْ شاركتْ منظمةُ التحريرِ الفلسطينيةُ في مؤتمرِ مدريد الدولي للسلام، الذي تلتْه مفاوضاتُ واشنطن ثم اتفاق أوسلو.
وعادت القيادةُ الفلسطينيةُ لأرضِ الوطن، وفقَ اتفاقياتٍ دوليةٍ وقراراتٍ أممية، أفضتْ إلى قيامِ سلطةٍ وطنيةٍ فلسطينيةٍ لأولَ مرةٍ على أرضِ دولةِ فلسطين.
ثم كانَ الاعترافُ بدولةِ فلسطينَ عام 2012، والانضمامُ للعشراتِ من المنظماتِ والمعاهداتِ الدولية، وكذلك رئاسةُ فلسطينَ لمجموعةِ 77+الصين، تتويجاً لكلِ تلكَ النضالاتِ والتضحياتِ والجهودِ التي قدمَها الشعبُ الفلسطينيُ وقيادتُه الوطنيةُ بقيادةِ منظمةِ التحريرِ الفلسطينية.
وعبرَ كلِ تلك المراحل، واجهتْ قضيتُنا وشعبُنا الكثيرَ من العَقباتِ والصعابِ ومحاولاتِ القفزِ على تطلعاتِ شعبِنا، وقد كانت السنواتُ الأربعُ الماضية، شاهدةً على محاولاتِ تصفيةِ القضيةِ الفلسطينيةِ والقفزِ على حقوقِ شعبنا، من خلالِ طرحِ ما يُسمى "صفقة القرن" التي تصدَّينا لها بإرادةِ وعزيمةِ وصمودِ شعبنا الفلسطيني العظيم، الذي أفشلها، فلم يعد لها وجود.
الإخوة والأخوات،،، لقد استطعنا عبرَ ما يزيدُ على ربعِ قرنٍ من قيامِ السلطةِ الوطنيةِ الفلسطينيةِ تحقيقَ العديدِ من الإنجازات، حيثُ أقمْنا مؤسساتِنا الوطنيةَ والعديدَ من مشروعاتِ البنيةِ التحتيةِ ووضْعنا الأسسَ الراسخةَ لدولةٍ عصريةٍ وطنيةٍ على أرضِ دولةِ فلسطين.
نحنُ نواجهُ كلَ يومٍ ممارساتِ إسرائيل العدوانيةِ بحقِ شعبِنا وسعيها المحمومَ لتغييرِ هويةِ وطابعِ القدس، واعتداءاتِها على مقدساتِنا الإسلاميةِ والمسيحيةِ فيها، وعملياتِ الإستيطانِ الإستعماري، وهدمِ المنازلِ، والاعتقالات، لكننا لنْ نستسلمَ، وسوفَ نواصلُ نضالنا وتصدينا لهذهِ الممارسات، وذلكَ من خلالِ تمتينِ جبهتِنا الداخلية، وتحقيقِ وحدةِ شعبِنا وأرضِنا، وتحقيقِ المصالحةِ والذهابِ للإنتخابات، والوقوفِ صفاً واحداً على قلبِ رجلٍ واحد.
الأخواتُ والإخوة،،، لا زلنا نتمسكَ بالسلامِ العادلِ والشاملِ المستندِ لقراراتِ الشرعيةِ الدولية، ولمبادرة السلام العربية، لهذا دعوْنا لعقدِ مؤتمرٍ دوليٍ للسلامِ في النصفِ الأولِ من العامِ القادم، برعايةِ الرباعيةِ الدوليةِ، الجهة الوحيدة المخولة لرعاية المفاوضات، ويمكن إضافة دول أخرى لها.
وعلى الصعيد الثنائي، نتطلع للعملِ مع الإدارةِ الأمريكيةِ القادمةِ على أسسٍ متينةٍ منَ الثقةِ المتبادلةِ لتعزيزِ العلاقاتِ معها وتحقيقِ السلامِ والأمنِ للجميع.
كما نسعى في هذه الأيامِ للعملِ والتنسيقِ مع أشقائِنا من الدولِ العربيةِ والإسلاميةِ والدولِ الصديقةِ حولَ العالم مِن أجلِ حشدِ الدعمِ الدوليِ وإيجادِ حلٍ شاملٍ وعادلٍ للقضيةِ الفلسطينيةِ مبنيٍ على أساسِ حلِ الدولتينِ على حدودِ العام 1967، لتعيشَ دولُ المنطقةِ جميعُها بأمنٍ وسلامٍ واستقرار.
أيتُها الأخواتُ أيها الإخوة،،، قضيةُ اللاجئينَ الفلسطينيينَ هي قضيةُ حقٍ وعدل، ولذلكَ فإننا نُجددُ التأكيدَ على إيجادِ حلٍ عادلٍ لها، حسب القرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولجميعِ قضايا الوضعِ النهائي، وسنواصلُ العملَ من أجلِ إطلاقِ سراحِ جميعِ الأسرى في سجونِ الاحتلال الإسرائيلي.
في هذهِ اللحظاتِ الصعبةِ التي نعيشُها معاً، ويعيشُها العالمُ في مواجهةِ جائحةِ كورونا، ومع اقترابِ الحصولِ على اللقاحات، أُجددُ التأكيدَ على ضرورةِ احترامِ الجميعِ للإجراءاتِ الوقائيةِ وفقَ تعليماتِ الجهاتِ الحكوميةِ المختصةِ، /فقط استعمالُ الكماماتِ والابتعادُ عن التجمعاتِ/، حتى نتمكنَ من الخلاصِ من هذا الوباءِ، ومن العودةِ لاستئنافِ حياتِنا الطبيعيةِ ومضاعفةِ الإنتاجِ والبناءِ.
في هذه الأيامِ المباركة، نهنئ شَعبنا بحلولِ أعيادِ الميلادِ المجيدة، ورأسِ السنةِ الميلادية، وندعو شعبنا للمزيدِ من الصبرِ والثباتِ فنحنُ باقونَ على أرضِنا متمسكونَ بحقوقِنا وثوابتِنا الوطنية.
المجدُ والخلودُ لشهدائِنا الأبرار، والحريةُ لأسرانا البواسل، والشفاءُ العاجلُ لجرحانا، وعاشتْ فلسطينُ حرةً عربية، وعاشت القدسُ عاصمةً أبديةً لدولةِ فلسطين،