دخل رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، منصبه في العام الماضي، بطموحات مرتفعة عكستها خطّته الخماسيّة "تنوفاه" لإعادة هيكلة الجيش الإسرائيلي، بشكل أكثر عدوانيّة عبر الإضرار بالعدو أكثر، كما بيّن الكشف عنها قبل أكثر من عام، لكنّ هذه الطموحات بدأت تتراجع انتخابات تلو أخرى.
وانتخابات رابعة، وفق ما كتب المحلّل العسكري لصحيفة "معاريف"، طال ليف رام، اليوم، الجمعة، "تدفن بشكل نهائي خطّته ’تنوفاه’"، لأنّ كوخافي سيجد نفسه بعد الانتخابات المقبلة وتشكيل الحكومة في منتصف عامه الثالث (من أصل 4 عادةً) رئيسًا للأركان.
الجيش الإسرائيلي أضاع سنوات هادئة نسبيًا
ومن أبرز تأثيرات الأزمة السياسيّة الحالية في إسرائيل هي عدم إقرار ميزانيّة جديدة لعامي 2020 و2021، وبالتالي عدم زيادة ميزانيّات الجيش الإسرائيلي، "لكنّ غياب الميزانيّة ليس الثمن الوحيد الذي تدفعه الأجهزة الأمنيّة. إذ أضاعت إسرائيل، في هذه السنوات الأمنية الهادئة نسبيًا، فرصة لإعادة تصميم وترتيب الأجهزة الأمنيّة لتحدّيات المستقبل"، بحسب ليف رام، الذي يكمل "من خطة متعدّدة السنوات تستند إلى ميزانية متعدّدة السنوات، اضطرّ الجيش الإسرائيلي إلى الانتقال إلى خطة عسكريّة يمكن تطبيق أجزاء منها فقط".
وتابع ليف رام أنّ "جزءًا كبيرًا من خطط رئيس الأركان لإجراء تغييرات بنيويّة ووظيفيّة وعقائديّة عميقة في الجيش الإسرائيلي سيضطر إلى الانتظار إلى السنوات المقبلة"، وفي الوضع الحالي، وفق ليف رام "التحدّي أمام رئيس الأركان هو تحسين كفاءة وجاهزيّة الجيش للحرب في حال اندلاعها في غزّة أو الجبهة الشماليّة".
وعند دخوله إلى منصبه، أشار كوخافي إلى سنوات ولايته على اعتبار أن فيها فرصة لإعادة تنظيم وبناء الجيش من الجديد ولتجهيزه للتحديّات المستقبليّة، على الأقلّ إلى عقدٍ إلى الأمام. وما يميّز هذه السنوات أن فيها "تهديدًا متدنّيًا نسبيًا من حرب مبادر إلها، خصوصا من قبل ’حزب الله’ في الشمال، بالإضافة إلى ميزانية متعدّدة السنوات، وموقف مبدئي من رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بزيادة ميزانيّة الجيش"، بحسب ليف رام، وكل هذا أدّى إلى أن يبلور كوخافي "خطّة طموحة بشكل خاصّ".
وهذه الخطّة، إلى جانب الميزانيات، "تتطلّب إصغاءً خاصًّا من المستوى السياسي ونقاشات عميقة للمجلس الوزاري السياسي والأمني المصغّر (كابينيت). الوضع السياسي الفوضوي في إسرائيل في العامين الأخيرين يضرّ بشكل كبير بالأجهزة الأمنيّة"، ويشرح ليف رام هذا الضرر بتأخر "اتخاذ قرارات حول صفقات تسلّح ضخمة بتمويل المساعدات الأميركيّة، كما لا تتّخذ قرارات حول صفقة الطائرات الكبيرة التي كان من المقرّر أن تُوقّع. وأيضًا الخطّة لحماية الشمال أمام التهديدات الصاروخيّة عالقة بالمطلق. ولا يقتصر الحديث على المواضيع الشرائيّة. فالتصوّرات حول العقائد القتاليّة والتغييرات التي يجهّزها الجيش في بنيته لا تصل إلى مستويات معمّقة أمام المستوى السياسي"، بحسب ليف رام.
كما غيّبت الأزمة السياسية النقاشات حول قوانين التجنيد، التي جرت الانتخابات الأولى عام 2019 بسبب الخلاف على صيغتها.
ونقل ليف رام تحذيرات في الجيش الإسرائيلي من إمكانيّة أن تصل الفجوة البشريّة بين المجموعات المقاتلة ومجموعات دعم القتال إلى آلاف الجنود، في غضون عامين. ورصد ليف رام "انخفاضًا متواصلا في الدافعية للانضمام إلى الخدمة القتاليّة، وارتفاعا كبيرًا في نسبة المتسرّبين من الخدمة، بالإضافة إلى ارتفاع مطّرد في كميّة الشبان الذين لا ينتسبون للجيش لأسباب عقائديّة" وقال إن هذه الأمور كان يجب أن تقود إلى قرارات واختبار نموذج محدّث أكثر للجيش.